المستشفيات تستخدم طعمًا

2011-05-25 - 8:14 ص

كرستوفر ستوك - صحيفة الجاردين:
ترجمة: مرآة البحرين


أصبحت المستشفيات في البحرين تستخدم " طعمًا " للإيقاع بالجرحى، ليتم جرّ النّظام الصحي أكثر فأكثر في الحملة السياسية القائمة. ويتعرض المرضى لخطر السجن لمجرد طلبهم الرعاية الطبية!

مستشفى السلمانية "المستشفى العام الوحيد في المملكة" تنتشر عند مداخله الدبابات ونقاط التفتيش الأمنيّة.

في البحرين؛ أنْ تكون مصابا على يد قوات الأمن أصبح سببا كافيا للاعتقال. وأصبحت عقوبة توفير الرعاية الصحية للمصابين السّجن، خلال الاضطرابات المدنية الحالية، أصبحت المرافق الصحية البحرينية تستخدم أداةً لقمع المتظاهرين.

الصمت مطبق من جانب أعظم الحلفاء من خارج المنطقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تربطها بالبحرين مصالح مشتركة، والتي من ضمنها القاعدة البحرية في البحرين، فلا يمكن أن نفسر هذا الصمت إلا أنّه قبول ومبارك من قبل أمريكا للهجوم العسكري الحاصل والمدعوم أصلا من قبل دول مجلس التعاون الخليجي.

في الوقت الذي تواصل فيه حكومة البحرين ومن يقف في صفها ويؤيدها التفننَ في وصف المتظاهرين، فتارة هم مشاغبون، وتارة هم المتمردون ، وثالثة المتطرفون وتارة أخرى إرهابيون!! إلا أن وصفهم بـ " المرضى "   ظل غائبا أو غير متداول!

منذ السابع من أبريل ،الوقت الذي قامت فيه منظمة ( أطباء بلا حدود ) بدق ناقوس الخطر وإثارة مخاوف عن الوضع في البحرين، فلقد شهد فريقنا ( مرضى ) ومصابين من مختلف القرى في أنحاء البلاد، ممن تعرضوا للضرب المبرّح أو التعذيب داخل السجون الخليفية.

تلميذات المدارس ، فتيات في عمر الزّهور ، تعرضن لشتى أنواع الإيذاء الجسدي والتهديد بالاغتصاب. مرضى في حاجة ماسة لتلقي العلاج، ولكن يحجمون عن الذهاب خوفا من التعرض للاعتقال.

عملَ آل خليفة على تحويل مستشفى " السّلمانية " (المستشفى العام الوحيد) إلى معسكر لاقتناص الجرحى، وبالرغم من الإحصاءات من قبل وزارة الصحة، والتي تظهر زيادة كبيرة في عدد المصابين الذين أدخلوا إلى المستشفى منذ بدء التظاهرات - ذلك المستشفى الذي يعسكر على مداخله دبابات ونقاط تفتيش بواسطة جنود مقنعين يقومون بتفتيش السيارات والناس -  فقد صرّح عدد من الجرحى والمصابين لأطباء بلا حدود من أنهم لا يزالون يشعرون بالخوف من الذهاب إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية اللازمة ؛ لأن خطر التعرض للاعتقال أو الضرب - حتى داخل عنابر المستشفى - يجعلهم يحجمون عن الذهاب إلى مستشفى السّلمانيّة.

ولا تزال غارات الاعتقالات تطال كلا من الأطباء والممرضات العاملين سواء أثناء نوبات عملهم أو من خلال المداهمات الليلية لمنازلهم. وفي الواقع، تُجرى الآن محاكمة ٤٧ من الطواقم الطبية من قبل السلطات البحرينية.

المجتمع الطبي نفسه أصبح مستهدفا ومستقطبا من قبل النظام البحريني نتيجة معارضته الصارخة لسياسته الظالمة.

وفي الوقت الذي دعم البعض الوجود العسكري في المستشفى والاتهامات القانونية ضد العاملين في الحقل الطبي، عارض الكثيرون عملية العسكرة الصارخة التي مورست ضد تقديم المساعدات الطبية.

على كلّ حال، فإنّ تأثير كل هذا على المرضى لم يكن ذا أهمية بالنسبة للنظام الخليفي. فلا تزال السلطات البحرينية  تقوض ثقة مرضاها في المرافق الصحية عن طريق جرّ النظام الصحي أكثر فأكثر في حملتها السياسية ضد المعارضة.

جميع المصابين ال ٨٨ الذين تمكنت منظمة أطباء بلا حدود من رؤيتهم والتحدث معهم في بيوتهم، كانوا معرّضين لخطر الاعتقال؛ لأنّ هم قاموا بعرض أنفسهم في أيّ من المرافق الطبية، لسبب بسيط ! كونهم  تعرضوا للإصابة بواسطة القوات الحكومية أثناء التظاهر ضدها.

البعض كان بحاجة لأجراء عمليات جراحية، والبعض كان بحاجة لإجراء أشعة سينية، ولكن أطباء بلا حدود لم يكن بمقدورهم ضمان سلامتهم أثناء رحلة العودة؛ لأنّ جميع المستشفيات في البحرين كانت قد تلقت تعليمات بوجوب الإبلاغ عن أيّ مريض يدخل المستشفى متأثرا بجروح لها علاقة بالاضطرابات الحاصلة، يجب الإبلاغ عنها من قبل الطاقم الطبي وإلا تعرّض للمسائلة والملاحقة .

وعلى الرغم من وجود نصّ قانوني بالإبلاغ عن أيّ حالات صدمة إلى السلطات القضائية في كثير من البلدان والمصممة خصيصا لمساعدة ضحايا العنف وحمايتهم، فالحقيقة في البحرين هي أنّ المستشفيات تستخدم لاعتقال المصابين والجرحى وحبسهم !!!
بعد ذلك واجهت فرقنا الطبية خيارا صعبا وهو أن المرضى الذين يحتاجون رعاية طبية كانوا يواجهون خطر الاعتقال وتدهور خطير في وضعهم الصحي داخل سجون آل خليفة .

شهدت منظمة أطباء بلا حدود نتائج العنف والتعذيب التي ترتكب ضد أولئك الذين سجنوا، أغلبها كانت ناتجة عن الضرب بقضبان حديدية وأحذية وخراطيم أو مناخس الماشية، وكانت أغلبها على الظهر والسّاقين والأرداف والأعضاء التناسلية وكذلك باطن القدمين للمعتقلين .

كما شهدت منظمة بلا حدود أيضا الآثار الخطيرة الناجمة عن سوء المعاملة النفسية للمعتقلين بما في ذلك القلق الشديد والخوف نتيجة التعرض للتحرشات الجنسية والإذلال الكبيرين.

وبموجب القانون الإنساني فإن توفير وتأمين علاج الجرحى والمصابين واجب أساسي ورئيسي، وهو ما تنصّ عليه المادة (3 ) في اتفاقية جنيف المشتركة لعام 1949 والتي تعدّ صالحة وسارية المفعول في جميع الأوقات، وبما أنّ البحرين تعدّ طرفا في هذه الاتفاقية ، وجب على السلطات البحرينية احترام التزامها فيما يتعلق بتوفير تلك الحماية والرعاية الصحية للمرضى والجرحى والأسرى . وكان ينبغي على السلطات في البحرين تقديم هذه الرعاية من خلال نظامها الصحي عالي الجودة ، دون استبعاد الخدمات التي يمكن أن تقدمها منظمة إنسانية غير متحيزة مثل منظمة ( أطباء بلا حدود ) على الرغم من أننا أصبحنا الآن نملك إذنا بتدريب العاملين في مجال الصحة البحرينية للتعامل مع الصدمات النفسية، فإنّ باقي المساعدات الحيوية الأخرى تبقى متعذرة وتصل دوما إلى طريق مسدود.

طلباتنا التي قدمناها لإقامة نظام (الإحالة) بحيث يمكن أن تصاحب منظمة أطباء بلا حدود الجرحى إلى المرافق الطبية لضمان حصولهم على الرعاية اللازمة لإنقاذ حياتهم ،لا تزال تفتقد إلى الضمانات الكافية لضمان سلامتهم .

من الضروري ألاّ تأتي أجندة أعمال ( السلامة الوطنية ) للسلطات البحرينية على حساب حياة هؤلاء الجرحى وصحتهم ، سواء كانوا في المستشفى أم السجن. وعليه ينبغي أن يسمح للأطباء والممرضات بتقديم الرعاية الصحية بما يتوافق مع أخلاقيات مهنة الطب والقسم  ، دون خوف من انتقام السلطة منهم فيما بعد. وهذا لا يمكن تحقيقه ما دامت هذه المرافق الطبية تستخدم (طعمًا) للاعتقال والتعذيب بدعم ومباركة من أقرب الحلفاء لمملكة البحرين.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus