يئست السلطة .. فاستنفر «سلمان» المبشرين

يوسف سلمان يوسف - 2013-05-15 - 7:45 ص

يوسف سلمان يوسف* 

قد يسميه البعض "تسويق للأمل"، البعض الآخر يسميه شكل من أشكال الكذب والاستخفاف بالعقول وبقيمة الإنسان وكرامته، أو ربما لغرض إحداث  بلبلة وجس نبض الشارع بقواه الفاعلة، بناسه العاديين، فيما ماكينة الإعلام الداخلية والإقليمية  تحاول تسويق ما  أمكن تسويقه بعد أن وصل يأس السلطة ذروته لتحظى بقبول فرض الأمر الواقع على شعب قد نضج من دروس محنه، دعونا نسميه ما شئنا، لكن الواقع دائماً أصدق من التنظير.

 في 22 أبريل/نيسان 2013 قام محمد المختار الشنقيطي بتغريدة مقال له تحت عنوان: "أنقذوا سنة البحرين بإنصاف شيعتها" عنوان جميل وساحر كتب بمهنية عالية، لكن في "المتن" خُبث صحافي ومهني في آن، ما يعتبر  محاولة ضمن محاولات الماكينة الإعلامية القذرة التي تحاول تجزئة المجزأ وتقسيم شعب البحرين إلى نصفين بشقين (شيعي وسني) دون التطرق لمبدأ المواطنة المتساوية، ولا لصور رؤوس المتظاهرين المهشمة ولا لآلام المفصولين والمعتقلين والضحايا وأسرهم ولا لأعين الأطفال والشباب التي اقتلعت برصاصهم، فقط تتطرق إلى الشرخ الطائفي، والذي هو من صنيعة النظام الفاسد متناسياً حالة الجنون الرسمي من شحن للكراهية في التلفاز والصحافة الصفراء، ثم تشغيل "التوربو" بأقصى طاقته من الأكاذيب، تلاه البطش والقتل والتنكيل والاغتصاب أو التهديد به أو التحرش الجنسي والإساءت بالألفاظ لمكوّن كبير في المجتمع، ولا أحد يسأل: لماذا هذا الاستهداف وبهذه البشاعة؟

 عنوان الشنقيطي  يثير الفضول حقاً، ولكن مضمون المقال يقزز، شأنه شأن الكثير من المبشرين والمسوّقين في تويتر وفيسبوك أو بتعليق يافطات على إشارات المرور تحمل صورهم وعبارات التمجيد والألوهية، مرة لولي العهد "المنقذ" الذي صار نائباً لرئيس الوزراء وسط تهليل كبير للمعارضة والدول الغربية، وأخرى للمعتق رئيس الوزراء خليفة بن سلمان وسط تهليل للموالاة والدول الخليجية، بمضامين شعار المشيخة الخليفة: "أنا ومن بعدي الطوفان".

يئست السلطة من التسويق لنفسها ببلادة منظريها وحاشيتها وبطانية السوء فيها وشركات علاقاتها العامة، على إنها ديمقراطية تنافس الديمقراطيات العريقة، وإنها من أفضل الدول احتراماً لحقوق الإنسان، والأكثر عدلاً وإنصافاً لمواطنيها، وإنها إصلاحية بامتياز، لكن جلنا يعلم، بما في ذلك المشيخة ذاتها التي لا زالت إلى اليوم تلوّح بإصبع سبابتها في وجوه الجميع بالويل والثبور للمختلفين معها.

إن أسباباً وجيهة دفعت البحرينيين إلى حق الاحتجاج والتظاهر السلمي، كمبدأ عالمي قبل أن يكون محلي، وهذه الأخيرة لا تنكره إلا إنها تعطي تبريرات وذرائع وتوصيفات مبتذلة لقمع الناس وقتلهم وفصلهم واعتقالهم وتعذيبهم، تارة بالتخوين وتارة أخرى بالارتباط بدول معادية لنظام الحكم، مرّة قومية كما كان في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وارتباط الحركة بمصر عبد الناصر، ومرّة شيوعية مرتبطة بالسوفيت ومنظومة الدول الاشتراكية، حتى مجيء الثورة الإيرانية وكل القصص تعرفونها من اتهامات، حتى وصل بها الأمر إلى اتهام أميركا، حليفتهم الاستراتجية، بدخولها  على الخط حين قرأت سميرة رجب، الناطقة باسم الحكومة تقرير الإدارة الأميركية  بـ"استياء شديد"، وقالت عن واشنطن: أنها "تهدد الأمن القومي البحريني"، في حين اتهمت خارجيتنا خارجيتهم (وزارة الخارجية الأميركية)  بـ"انحيازها للغوغاء والفوضي، دون الأخذ بتقريرنا والتطور النوعي الذي اتخذته الحكومة في مجال تحسين أوضاع حقوق الإنسان والوصول به إلى أرقى المستويات العالمية.. هكذا!".

يئست السلطة بعد أن راهنت على إخماد ثورة الرابع عشر من فبرلير 2011 في غضون شهر بالكثير، خاصة بعد مجزرة  سترة ورأس الشهيد أحمد فرحان ومجزرة الدوار والمرفأ المالي وجامعة البحرين والقتل والتنكيل على الهوية داخل السجون وعلى نقاط التفتيش وفي المعتقلات ومصادرة الممتلكات الخاصة من قبل، المفترض بهم أن يكونوا رجال أمن وجيش يحمي الوطن والمواطنين، بينما مرتزقة الداخلية تسرق وتنهب وتصادر أرواح الناس وسياراتهم وذهبهم وأموالهم كغنائم حرب، ثم تخرج علينا ثلة من المبشرين تضع صور "سلمان بحر" على حساباتها الوهمية، وربما أسماءها الحقيقية، تنتقد تارة وتارة أخرى تشيد بـ"المنقذ" ولي العهد للخروج بحل لأزمة لم تعترف السلطة بوجودها، فتساوي بين القاتل والضحية، بين متظاهر سلمي تهشّمت جمجمته، وبين من هشّم الجمجمة، لكنها في النهاية تفشل في المحافظة على توازن كفتي الميزان.

من خلال متابعة سريعة لـ"سبعة أو أكثر" مبشرين مؤثرين، أو هكذا يعتقد لسلمان بن حمد على شبكة التواصل الاجتماعي ضمن غرض شركة "العلاقات العامة" التابعة له، بدون ذكر أسماء منعاً للإحراج، أو ربما من يحمل فيهم "نوايا وطنية حسنة"، سنرى عجب العجاب، واحد يرفع وآخر يكبس، لحين استكمال كل شؤون السرقة والتخفيف من الضغوط الخارجية على هذه السلطة، وعلى سلمان بالذات، ولكم في تصريحه قبل الحوار واختفائه بعد انتهاء الفورمولا واحد (F1).

تخيلوا مجموعة علاقات عامة يجتمعون على طاولة واحدة عليها سبعة أشخاص، الأول من ضمن مهامه جس نبض الشارع "الشيعي"، الثاني مهامه جس نبض الشارع السني، الثالث مهامه التقريب بين الشارعين، الرابع مهامه التفريق بين الشارعين، الخامس ردم الهوة بين الشارعين، السادس صحفي، مهندس، طبيب، محامي، طالب شخص عادي، السابع أشخاص المهمات الصعبة، وهؤلاء السبعة ينتمون لعناصر مؤثرة في الشارعين أو يسربون رسائل ترويجية لشخصية ما، ونلاحظ أن منادات أحدهم للآخر: "أبو شهاب"، وهذا ليس اعتباطاً، الشهاب، تعني الثاقب، وذلك لغاية ما بين السطور.

* كاتب بحريني.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus