«مرآة البحرين» تدشن كتاب «شوكة الأطباء» التوثيقي بحضور نائبة المفوضية السامية: سيَر الكادر الطبي بألسنة من عايش «المحنة»

2013-03-17 - 10:58 ص


مرآة البحرين (خاص): دشنت «مرآة البحرين» في أمسية أمس كتاب «شوكة الأطباء.. محنة الكادر الطبي في ثورة البحرين» الذي يروي قصص التنكيل التي لقيها الأطباء بعد احتلال الجيش البحريني لمجمع السلمانية الطبي، على ألسنة أطباء عايشوا الحدث، وزجوا في المعتقلات. وهو أول عمل توثيقي يقدّم باللغتين العربية والإنكليزية سيناريو الأحداث الدامية التي عايشها الكادر الطبي منذ لحظة بدء الثورة البحرينية في 14 فبراير/شباط 2011. وشهدت الأمسية التي أقيمت في «بيت الطبيب اللبناني» بمقر نقابة الأطباء ببيروت عدداً من الكلمات لنقيب الأطباء وأطباء بحرينيين، إضافة إلى رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، فيما حضرتها جمهرة من الأطباء والحقوقيين العرب والدوليين، مثل ممثلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان ندى دروزي، وممثل نقيب الأطباء في لبنان الدكتور أحمد صادق.

ويوثق الكتاب مجموعة من سير الانتهاكات والتعذيب التي تعرض لها الكادر داخل سجون البحرين بسبب معالجتهم للمحتجين وفق مبدأ الحياد الطبي الذي أخلت به السلطة، كما يُعدّ مرجعا مهماً للمهتمين بأخلاقيات مهنة الطّب في الأزمات. وقد استغرق العمل على هذا الكتاب مراحل متقطّعة، بدأت في شهر إبريل/نيسان 2011.

وفي كلمة لها بالمناسبة، تمنت رئيسة جمعية التمريض رولا الصفار «لو أن زملائي في الطاقم الطبي شاركونا في التوقيع على كتاب وثّق معاناتهم. الشكر موصول لكل كاتب وكاتبة بحرينية. أعتقد أن هذا الكتاب سيدخل التاريخ». فيما قال رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان يوسف ربيع «هناك إخوة من الصحفيين البحرينيين والمتعاونين معهم اشتغلوا على هذا العمل التوثيقي، قاموا بوضع كتاب مهم جداً سيبقى شاهداً على عمق الانتهاكات بحق الأطباء، وعن دورهم في الحياد الطبي وإغاثة الجرحى».

من جهته، فقد دعا ممثل نقيب الأطباء اللبنانيين الدكتور أحمد صادق، الحكومة البحرينية إلى «الإفراج عن العاملين ضمن الطواقم الطبية مهما كانت انتماءاتهم السياسية ومعتقداتهم، وعن المعتقلين من الطواقم الطبية في البحرين وسائر الدول العربية». وأكد في كلمة له في خلال الحفل على «ضرورة تحييد الجسم الطبي عن نزعة القمع والاعتقال التعسفي التي مازالت ترزح تحته كثير من الشعوب كما العرب، وتوحيد المعايير الدولية للتشريعات بما يضمن الحماية للعاملين بالمهنة ومحاسبة المخلين بذلك مهما علا شأنهم»، معتبراً أن الكوادر الطبية تدفع دائماً ثمن التعسف والدم في الانتفاضات الشعبية المتواصلة».

بدورها، فقد اختارت  ممثلة المفوضية السامية لحقوق الانسان ندى دروزي التذكير بالبيانات التي أصدرتها  مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي «حول الانتهاكات التي أدت الى مقتل عدد من الأفراد والاعتداء على آخرين.. وحول المحكمات العسكرية وتلك التي خضع لها الأطباء».

وقالت «في مارس 2011 أصدرت بيلاي بياناً حول حصار مجمع السلمانية أكدت فيه على أهمية أن تلتزم الدول بتطبيق الحق في الحياة وفي الوصول للخدمات الصحية، ونددت بالاعتداء على الأطباء»، موضحة بأن «المفوضية قدمت عدداً من الخطابات العاجلة للحكومة البحرينية طالبتها من خلالها بوقف الانتهاكات بحق الكادر الطبي، كما أن فريق المفوضية زار أحد الممرضين في سجن جو في ديسمبر/ كانون الأول 2012 واطلع على معاناته».

وأشارت في كلمتها إلى أن المفوضية السامية لحقوق الانسان «تعتمد على المجتمع المدني كمصدر أساسي للمعلومات كونه يلعب دوراً كبيراً بتوفير معلومات ذات صدقية، تسهم في رصد الانتهاكات وتوفر للمجتمع الدولي فرصة للعمل الجاد لمحاربة انتهاكات حقوق الإنسان».

ويعد الكتاب أول عمل توثيقي أول عمل توثيقي باللغتين العربية والإنجليزية يقدّم سيناريو الأحداث الدامية والمؤلمة التي عايشها الكادر الطبي إبان الأحداث منذ 14 فبراير/شباط وحتى 16 مارس/آذار 2011. 

وجاء في مقدمة الكتاب «في الوقت الذي تحوّل فيه الكلام إلى جريمة كبرى والاعتقالات والانتهاكات البشعة صارت لغة السلطة الوحيدة، كان من الصعوبة بمكان أن نجد من يقبل الالتقاء بنا والتصريح لنا من دون خوف فضلاً عن أن يصرّح باسمه للقراء (...) ولهذا، قد يتفاجأ القارئ أنه لا وجود لأسماء مذكورة في الفصل الأول من الكتاب. كذلك امتنع بعض الأطباء الذين كان قد أفرج عنهم حينها وممن أُدرجوا لاحقاً ضمن قضايا الجنح، عن التصريح لنا، إذ أن لا أحداً كان يعرف إلى أين ستسير دفّة الانتقام والتطهير البشع». وتواصل المقدمة «بعد سلسلة الإفراجات عن متهمي الكادر الطبي في قضايا الجنايات، حاولت "مرآة البحرين" استكمال الملف والالتقاء ببعضهم لتوثيق سير الانتهاكات التي تعرضوا لها داخل المعتقل، لكن التحفظ كان قوياً والحذر موجود من أي تصريح قد يستفز السلطة من جديد، خصوصاً أن المحاكمات العسكرية كانت لا تزال حينها تتهدّد الجميع. فآثر الجميع الصمت والترقب. فتوقف الملف».

وتضيف «لم يكن ممكنا عرض جميع التجارب لـ51 من أفراد الكادر الطبي الذين قضوا في السجون، ولم يكن سهلاً التنسيق لجلسات متتالية ومطولة كتلك التي احتجنا إليها مع من قدّمنا تجاربهم في هذا الكتاب. وكان ذلك صعباً في ظل انشغالاتهم وشح الكادر الذي يعمل في "مرآة البحرين". وفي ظل الوقت المكتظ الذي عملنا فيه على إخراج هذا الكتاب إلى الضوء، ومعرفتنا أن التجارب تتشابه كثيراً في التفاصيل وإن اختلفت في الوجوه والأسماء، فقد اكتفينا بتوثيق بعض تجارب معتقلي الكادر الطبي فقط. فلذلك، نأمل أن يعذرونا من قصرنا بعدم توثيق تجاربهم التي هي حقّ تاريخي لهم وواجب وطني علينا. وربما نتمكن منها في مشروع آخر مشابه».

وعملت على كتاب «شوكة الأطباء» مجموعة من الأقلام المعروفة وغير المعلنة التي تطوّعت من أجل لملمة جراح إنسان وطنها بطريقتها التي تتقنها جيداً: الكتابة. وقد عملت بجهد ومشقة من دون مقابل مادي ومن دون أن تضع اسمها ليعرفها الناس أو أن تطلب شكراً أو تقديراً من أحد، كما جاء في المقدمة.

وتحدثت رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار خلال الحفل عن «اعتقال الكوادر الطبية التي ليس لم يكن لها أي علاقة بالعمل السياسي»، مؤكدة أن «الأطباء تعرضوا للتعذيب في سجون النظام، وبُرئ عدد من الأطباء فيما يرزح آخرون تحت الاعتقال».

وتوقفت الصفار عند «قضية عسكرة المستشفيات في البحرين، التي حالت دون توجه المصابين لتلقي العلاج في المستشفيات خوفاً من الاعتقال، فبات علاج هؤلاء يتم في المنازل». وقالت «إن الهيئة الصحية في البحرين عمّمت على المراكز الصحية والمستشفيات الخاصة تنبيهاً يحذر من  معالجة المصابين بدون استحصال إخطار، تحت طائلة سحب الرخصة من المستشفى».

من ناحيته، أوضح الدكتور نبيل تمام أن مفهوم الحياد الطبي «من حيث التعريف متداخل بين القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الإنسان الدولي وأخلاقيات مهنة الطب».

وقال إن «هناك أدلة تثبت أن رجال الأمن البحريني هم من انتهكوا الحياد الطبي، وهو عكس ما تدعيه السلطات بأن الأطباء البحرينيين هم من انتهكوا هذا الحياد».

وأشار تمام  إلى «تحويل أحد الاجنحة في الطابق السادس في مجمع السلمانية ليكون غرف تحقيق وتعذيب»، كما لفت إلى «إجراء عمليات تحقيق في قسم الطوارئ قبل العلاج والتعذيب إلى جانب التواجد العسكري والأمني لاحقاً».

في سياق  آخر، أمل رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان «أن تتبنى المفوضية دعوة إعلان "اليوم العالمي للحياد الطبي" يوم 16 مارس/ آذار، حتى تقتنع السلطة أن اعتقالها للأطباء وممارساتها بحقهم هو ةرم بحق الإنسانية والمواثيق الدولية ومخالف للمعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها حكومة البحرين».

وأضاف «نمد يدنا لنقابة الأطباء في لبنان أن تحمل الملف معنا، الملف إنساني وليس سياسياً».

وتابع ربيع «نطلق في هذا اليوم نداء استغاثة إلى المؤسسات الدولية وحكومة البحرين مباشرة يطالبها بالافراج عن الكم من الأطباء وإعطائهم حريتهم وإرجاعهم مكرمين إلى وظائفهم بعد فصلهم فصلاص تعسفياً».


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus