واحِدة قادتْ تظاهرات وأُخرى صافحتْ خورشوف.. شهيدات ومُعتَقلات.. كثافة مُشاركة المرأة البحرينية في المسيرات ليستْ «فتوشوبًا»

2013-02-13 - 12:49 م


مرآة البحرين (خاص): "في إحدى المظاهرات الحاشدة، في مُنتصف الخمسينيات من القرن الماضي، فوجئ المشاركون بوجود شابّة غير مُحجّبة في مُقدِّمة المُظاهرة تهتِفُ بشعارات تلك الفترة: يسقط الاستعمار، تسقط الرجعية. كان خروج تلك الفتاة في قيادة مظاهرة، سيواجهها الجنود البريطانيون والشرطة المحلّية بالهروات والرصاص، أمرًا جديدًا، استهجنه كثيرون، ورحّب به آخرون. منذ ذلك اليوم، حدثَ الكثير مما تُفاخِر به المرأة البحرينية، وخاصّةً خلال انتفاضة التسعينيات" د.عبد الهادي خلف

أثار مشهد مُشاركة النساء في مسيرات ثورة 14 فبراير 2011، وتواصل فعالياتهن الكثيفة في المسيرات التي تلت، اندهاش العالم لتحرّكاتهن، ولدورهن الذي لا تخطئه العين، بالوقوف جنبًا إلى جنب بجانب المُنتفضين من الرجال والشباب والأطفال، حتى أن يساريًا عربيًا اتصل لصاحبه البحريني مُنبهِرًا بحجم كثافتهن وسأله: حضور المرأة البحرينية بهذه الكثافة حقيقة أم "فوتوشوب" من فبركات المعارضة؟ ردَّ البحريني بجوابٍ واثِق بمشاهداته اليومية الميدانية لهذا الحراك: هذه حقيقة وليست "فتوشوبًا"، وأحيانًا كثيرة يفوق عددهن أعداد الرجال، حينها قال العربيّ، المُتغرّب في أوروبا لعشرات السنين هروبًا من قهر الأنظمة العربية: "لن تستطيع أية قوّة مهما عظُمتْ هزيمة شعبكم العظيم في هذه الجزيرة الصغيرة، الكبيرة بوعي الناس السياسي فيها!".

دائمًا عندنا في البحرين ما تفتخر به المرأة البحرينية وتعتز، من نضالات ومُساهمات حيوية في الشأن العام والسياسي، سواءً ضدَّ الاستعمار البريطاني، أو في حراكها المستمر من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتصاقها الدائم بالتطوّرات السياسية في الوطن العربي والعالم، فمِن (شهلا خلفان) التي قادت تظاهرات في منتصف الخمسينات، إلى سجينات مراحل النضال؛ الدكتورة الحقوقية سبيكة النجار، والأستاذة أمينة حافظ وغيرهن، في موازاة الدكتورة غالية دويغر أوّل فتاة خليجية تدرس في الاتحاد السوفيتي بجامعة الصداقة (بتريس لوممبا) في العام 1963، تُصافح وتتحدّث مع الزعيم السوفيتي الأسبق خورشوف، وأوّل رائد فضاء عالمي يوري غاغارين في العام 1965، وصولًا لهذه الكثافة من مُشاركة المرأة البحرينية في الساحات والميادين، وتعرّضها للعسف، والقتل، والاعتقال، والتعذيب، والتحرّشات، والاعتداءات الجنسية، من أجل القضية الوطنية الكبرى في التحرُّر وتقرير المصير من سلطة مشيخة آل خليفة وإجرامها.
 
في 10 ديسمبر 2002، وبمُناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، عُقِدتْ جلسة حوارية حقوقية عن تجربة المرأة النضالية، حضرها حقوقيون عرب، وتسع معتقلات، من أصل 21 معتقلة بحرينية، من ضحايا انتفاضة التسعينات، فبقيَّتهن منعهن الخوف، أو ربما فطنَّ لما يخبّئه مشروع "الكِذْبة الكبرى" للملك، فتَوَارَينَ عن الظهور علنًا، وكتمنَ أسرارهن، بينما على الضفّة الأخرى يتلاعب (مثقَّفو البلاط)  والإعلاميون الرسميون بالمُصطلحات ذات العمق المتأصّل في نضالات المرأة المرأة البحرينية، لإفراغها من محتواها، أو لتوظيفها لمزيدٍ من الكذب، الذي يخدم أغراضهم، ورطانتهم الممجوجة التي تخفي ما وراء الأكمة.

في تلك الجلسة الحوارية، التي عقدتها جمعية حقوق الإنسان البحرينية واللجنة العربية لحقوق الإنسان مع النساء، المُمثِّلات عن أمّهات وزوجات وبنات الشهداء والمعتقلين وضحايا التعذيب، وبعد الاستماع لتجارب تسعٍ نساء منهن، خرج الحقوقيون العرب، ومن بينهم أحمد خضر أبو طواحينة، أحد الأطباء المعروفين بعملهم الميداني في تأهيل ضحايا انتهاك حقوق الإنسان، والحقوقي العربي البارز هيثم منّاع، المتحدّث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، بتصوّرٍ قَلَبَ الموازين عن نضالات المرأة البحرينية في محطّة من محطّاته العديدة، حيث  تعرّضتْ لتنكيل سُلطة حُكم المشيخة الخليفية.

في هذه الجلسة أكّد أبو طواحينة مُخاطبًا مُمثِّلات الضحايا بقوله: "السجّان هو المُنهزِم الآن ما دمتن تحتفظن بكل هذا الجَلَد والقوّة والقُدرة على تجاوز المعاناة"، فيما ثمّن (منّاع) وهو أحد أوائل المُعالِجين لضحايا التعذيب في العالم العربي، بقوله: "أنتنَّ تخرجنَ مُنتصرات حتى وإن بقيتن تحملن الذكريات الموجِعة؛ فكلُّ جيشٍ يخرج من معركة مُنتصرًا لا بُدَّ وأن تكون لديه بعض الخسائر".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus