العقلية الإلغائية ثابتة.. البحرين الى تطويق عمل الجمعيات بالكامل

البحرين الى تطويق عمل الجمعيات بالكامل
البحرين الى تطويق عمل الجمعيات بالكامل

مرآة البحرين - 2024-12-29 - 4:48 م

وكأنّ الحكومة في البحرين مُلتزمة بعهْدٍ قطعته على نفسها بألّا تترك مُتنفّسًا أمام أيّة جهة في المملكة. مناسبة الحديث هو مشروع القانون الذي أحالته الى مجلس النواب بهدف بسْط سُلطتها الكاملة على الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة.

 

الطرح المقدّم من قبل الحكومة ينصّ على أنه "مع عدم الإخلال بالمسؤولية المدنية أو الجنائية، للهيئة الإدارية المختصة عند ثبوت ارتكاب رئيس أو أيّ من أعضاء مجالس إدارات الجمعيات، أو الأندية الثقافية أو الاجتماعية أو رئيس أو أيّ من أعضاء مجالس أمناء أو مديري المؤسسات الخاصة أيّة مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات الصادرة تنفيذًا له ،أن تنذر المخالف التوقف عن المخالفة وإزالة أسبابها وآثارها فورًا أو خلال الفترة الزمنية التي تحدّدها ،وفي حال عدم امتثاله يكون لها أن تُصدر قرارًا مسبّبًا بأحد الجزاءات الآتية:

 

أ- توقيع غرامة إدارية لا تزيد على 50 دينارًا في حال عدم الالتزام بالإنذار وإزالة المخالفة وتضاعف الغرامة في حال تكرارها وتتعدد الغرامات بتعدد المخالفات.

 

ب - العزل من رئاسة أو عضوية مجلس إدارة الجمعية أو النادي الثقافي أو الاجتماعي فقط.

 

التعديل هذا يعني إضافة جزاءات إدارية تمنح الجهة الإدارية التدرّج في توقيع الجزاء الإداري، وتصل إلى عقوبة العزل من رئاسة أو عضوية مجلس الادارة في حال مخالفة هذا القانون أو القرارات المتعلقة به، أمّا في حالة عدم الردّ على رفع التظلّم على العقوبة خلال  أسبوعيْن، فيُعتبر التظلّم نفسه مرفوضًا. 

 

ليست الأمور مُنظّمة الى هذا الحدّ كما توحي السلطة، ولسنا أمام سيناريو قانون أجوف وفارغٍ من النوايا المُبيّتة. توصيف ما ترمي إليه السلطة من خلال هذه الخطوة عبّرت عنه الجمعيات التي ما زال مسموحًا لها العمل داخل البحرين: التجمع القومي - التجمع الوحدوي - التجمع الوطني الدستوري - جمعية الوسط العربي - المنبر التقدمي - تجمع الوحدة الوطنية - جمعية الصف الاسلامي، إذ رأت فيه مزيدًا من القيود عليها، وأداةً لتهديدها بالعقوبات في حال مُخالفة أحد أعضائها لأحكام قانون الجمعيات والأندية الثقافية والاجتماعية، خاصة أنه يخوّل الجهات الحكومية المشرفة تفسير هذه المخالفات دون أن يُسمّيها القانون أو يُحدّد طبيعتها. 

 

المخالفات ثمّ المخالفات ثمّ المخالفات، هذه هي حجّة النظام عند التضييق على المواطنين المُنخرطين في النشاط العام وفي الجمعيات السياسية والأندية وحتى الرياضة. سخافة الذرائع تُعنون فَعلة الحكومة التي تسعى الى التحّكم بكامل ما يحصل على الأرض، ولاحقًا العقول ربّما. 

 

لا تكتفي الدولة بالعزل السياسي الذي يصل تأثيره حتى الى العمل الخيري في البحرين، وبحلّ جمعيات المعارضة وسجن من يعبّر عن رأيه والتنكيل وانتهاك الحقوق الطبيعية في المعتقلات، بل تُلاحق الجمعيات التي من المفترض أنها راضية عنها وسمحت لها بالترشّح ودخول الندوة البرلمانية الصُوَرية. 

 

اليوم، يُجدّد النظام تأكيد هيئته القمعية. لا مكان في الديرة إلّا لمن يُريده وفقًا لمعاييره ومقاييسه. يختلق الأعذار والمبرّرات لفرض جوْره الشامل على البلاد. المعارضة خارج الخريطة السياسية الداخلية، لكنّ هذا الواقع لا يُشبع الحُكم، الاستفراد متواصل ويطال كلّ من محسوب وغير محسوب على السلطة. المطلوب إرهاب الكلّ فهل من يُعوّل بعد على تغيير النظام لعقليته الإلغائية؟