20 عاما وجامع الحاج حسن العالي معطّل... التطرف لا تمسحه معابد وكنائس

قبر الحاج حسن العالي في ضاحية السيف على الأرض التي كانت مخصصة لتكون جامعاً.   (الوسط)
قبر الحاج حسن العالي في ضاحية السيف على الأرض التي كانت مخصصة لتكون جامعاً. (الوسط)

2024-10-23 - 8:32 م

مرآة البحرين (خاص): للتسامح مفهوم مختلف من وجهة نظر العائلة الحاكمة في البحرين، فهي تتعلق فقط بالأقليات الدينية. أما الغالبية فلا تسامح معها ولا مكان لشعائرها الدينية ولا لمؤسساتها، فليس غير القمع في مواجهتها. 

معابد وكنائس جديدة، مجالس وحوارات، وكراسٍ جامعية؛ لتقديم ملك البحرين حمد بن عيسى في صورة الرجل المنفتح والمتسامح الذي يرعى الحقوق الأساسية في العبادة. صورة يفضحها الواقع وتكذبها الوقائع. 

ففي أحد فنادق البحرين، اُعلن أمس عن توقيع عقد لتنفيذ مشروع بناء كنيسة الروم الأرثودكس في منطقة السيف. وقالت صحيفة الأيام المملوكة من مستشار الملك إن «المشروع يعبر عن التزام المملكة بالتعددية الدينية وتعزيز التعايش السلمي». 

لا شك أن هذه المفاهيم هي جزء من هوية هذا الشعب البحريني، الذي التصقت مساجده بجدران كنائسه، فكل ما في هذه الجزيرة من تعايش يُنسب لأناسها ويشهد له تاريخهم في كل مكان. أما الحُكم فهو بعيد عن تلك المفاهيم. 

ففي الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة التراخيص اللازمة لبناء هذا الصرح الكنسي في منطقة السيف، ترفض رفضا قاطعا ومنذ أكثر من 20 عاما إعطاء التراخيص اللازمة لإنشاء جامع للطائفة الشيعية في المنطقة ذاتها. 

وكان الوجيه المرحوم الحاج حسن العالي الذي توفي (5 سبتمبر 2003) قد أوصى بدفنه في أرض واسعة اشتراها في منطقة السيف وكان يخطط لبناء واحد من أكبر الجوامع في الخليج عليها، إلا أن الحكومة لا زالت ترفض الترخيص للمشروع. 

ويضم المشروع بناء جامع يسع لأكثر من 10 آلاف مصلٍ ومدرسة ومكتبة ضخمة ومساكن تخدم المشروع، واستكمل الوجيه العالي قبل رحيله جميع الخرائط الهندسية وخصص مبالغ مالية لإنهاء المشروع وأوصى بدفنه فيه. 

لا توجد أي مبررات لرفض المشروع غير استهداف الطائفة الشيعية والتضييق عليها. وهو مسلسل قديم تمارسه العائلة الحاكمة، في محاصرة وجود الطائفة الشيعية وتحديد رقعتها الجغرافية بل أبعد من ذلك. 

وقد اشتكى رئيس الأوقاف الجعفرية السابق الشيخ محسن العصفور في رسالة وجهها للملك من منع الدائرة الشيعية من تسجيل وقفيات لمآتم ومساجد جديدة، وامتناع وزارة الإسكان والبلديات عن تخصيص أراض لإقامة دور عبادة للشيعة، ومن المماطلة في إصدار أمر ملكي باستخراج وثائق ملكية حديثة لدور العبادة القائمة والمقابر التي لم يسبق أن صدرت لها.

بل أبعد من ذلك لقد قامت الحكومة وخلال هجوم أمني واسع على المتظاهرين في العام 2011 بهدم العشرات من المساجد الشيعية والمآتم، كما قامت بسرقة العشرات من العقارات والأصول التابعة للطائفة الشيعية. 

وفي الوقت الذي تمنع الشيعة من بناء مساجد في المدن الحديثة، تقوم الحكومة ببناء مساجد للطائفة السنية في مناطق لا يقطنها سوى الشيعة، وهي محاولات للتلاعب بالجغرافيا كما تلاعبت بالديموغرافية أيضا لأسباب طائفية. 

لقد سمحت الحكومة ببناء معابد لليهود وأخرى للهندوس ضمن مشاريع علاقات عامة تخفي خلفها التطرف في مواجهة الغالبية الشيعية. لن تمسح تلك المعابد عار العائلة الحاكمة في هدم مساجد الشيعة ومنعهم من بناء أخرى أو تسجيل وقفياتها.