ديمقراطية المراسيم الملكية: 839 مليون دينار تقترضها الحكومة فوق حاجتها
2024-09-10 - 5:45 م
مرآة البحرين (خاص): من بين محاولات الترويج لـ «الدستور المنحة» الذي انفرد بإصداره حمد بن عيسى قبل 22 عاما، تم الحديث عن أن المجلس المنتخب سيكون له الحق في مراقبة عمل الحكومة حتى وإن لم يكن التشريع ممكنا، لتثبت التجربة أن لا رقابة ولا تشريع!
ويمكن للمرسوم الملكي رقم 10 لسنة 2024 أن يختزل حكاية التجربة البرلمانية الصورية التي أسس لها ذلك الدستور، وهي تجربة لا تتعدى كونها «ديمقراطية مراسيم» تقول بوضوح إن ملك البلاد لم يؤمن يوما بالشراكة السياسية حتى في أدنى ممارساتها.
وينص المرسوم الملكي -الذي صدر (1 سبتمبر 2024) في العطلة البرلمانية- على رفع سقف الدين العام مجددا ليصل إلى 18 مليار دينار، وهو ليس الأول من نوعه، فرفع سقف الدين العام في البحرين لا يتم عبر مشاريع أو مقترحات قوانين.
وتم رفع سقف الدين العام خلال التجربة البرلمانية الحالية أكثر من 8 مرات وجميعها تمت بمراسيم ملكية، خلال العطل البرلمانية. ووفقا للدستور لا يحق للمجلس المنتخب التعديل على المراسيم الملكية، فإما يقبلها كما جاءت من الملك أو يرفضها.
وفي حال رفض البرلمان المصادقة على المرسوم الجديد -وهو ما لن يحدث- يُعرض المرسوم على المجلس الوطني للمصادقة عليه. وحتى ولو تجرّأ البرلمان على رفض المرسوم فإن مجلس الشورى الذي يعينه الملك سيوفر الغطاء اللازم لإضفاء الصفة التشريعية عليه.
ولكن لماذا يُفترص أن يرفض البرلمان المصادقة على مرسوم رفع الدين العام إلى 18 مليار دينار؟ والإجابة قد تكون أوضح بعكس السؤال: لماذا يجب على البرلمان الموافقة أصلا على رفع سقف الدين العام مرة أخرى؟
لن يكون المرسوم مشفوعا بالمبررات الماليَّة الكافية التي تستوجب رفع سقف الدين العام، بمعنى أن الحكومة لن تقدم مرفقات توضح الأسباب التي دعتها لرفع سقف الاستدانة لحد يفوق وبشكل رسمي الناتج الإجمالي للبلاد.
ويؤكد ذلك من جديد إن ما يسمى السلطة التشريعية لا تملك الحق في الرقابة على الموازنة العامة للبلاد، أو كل ما يتعلق بالأداء الحكومي. وإلا كيف للبرلمان أن يمرر قرار خطير بهذا الحجم دون أن تقع يده على البيانات المالية؟!
ويرفع المرسوم الملكي الدين العام إلى 47 مليار دولار أمريكي بينما يبلغ الناتج الإجمالي للبلاد 43 مليار دولار فقط، هذا بالتأكيد دون حساب ديون المؤسسات المستقلة مثل هيئة النفط والغاز وشركة ممتلكات وغيرها التي تتعمد الحكومة عدم إدراج ديونها في الموازنة.
وتفاقم الدين العام بسبب سياسات الحكومة غير الشفافة في الاقتراض، إذ لا تقدم الحكومة بيانات واضحة للرأي العام عن أسباب الاستدانة وأوجه إنفاق تلك الديون، التي تذهب على الأغلب لتغطيات نفقات خاصة بالعائلة الحاكمة.
وهذا ليس ادعاء إنما حقائق تؤكدها الأرقام التي تقدمها الحكومة وإن كانت غير دقيقة أصلا. ويمكن أن نأخذ على سبيل المثال بيانات الموازنة العامة للعام 2024، التي تشير إلى وجود عجز يصل إلى 161 مليون دينار فقط، بينما يرفع حمد بن عيسى سقف الدين مليارًا كاملًا؟
بموجب هذا المرسوم فإن الدولة ستقوم باقتراض 839 مليون دينار فوق احتياجاتها المالية، فكيف تبرر الحكومة هذا الفارق بين عجز الموازنة ورفع سقف الديون؟
في الواقع لا حاجة لتبرير ذلك، فالمراسيم الفاسدة التي يصدرها الملك تمر عبر أعضاء سلطته التشريعية الذين يتكفلون دائما بغسيلها وتبييضها وإضفاء الصفة القانونية عليها.