الأمطار وغاز المعامير... إنكار الأزمات أسهل من حلها

عائلة على متن قارب وسط بحيرة من الماء
عائلة على متن قارب وسط بحيرة من الماء

2024-04-21 - 12:11 ص

مرآة البحرين (خاص): عاشت البحرين أياما ماضية صعبة، بين تجمعات الأمطار التي غرقت فيها مناطق بأكملها، وبين تسريبات غاز من شركة نفط البحرين (بابكو)، انتشرت على طول وعرض البلاد. 

الأمطار كشفت كعادتها الفشل على مستوى الإنشاءات، فالضرر الذي وقع على مشروعات إسكانية حديثة كان أكبر في بعضها من الضرر الذي وقع على مناطق قديمة من حيث تجمعات مياه الأمطار وتسربها داخل البيوت. 

حركة المرور تعطلت في الكثير من الشوارع التي بلغ فيها منسوب المياه أكثر من متر، فيما تم إغلاق بعض الأنفاق والطرقات بشكل مؤقت خوفا على سلامة مرتاديها، وكذلك تم تعطيل الدراسة تفاديا لحوادث خطيرة كالتي وقعت في عمان.

الأمطار أظهرت في جانب آخر، حجم البيروقراطية في البلاد واعتياد الحكومة تعطيل كل ما يتعلق بمصالح المواطنين، إذ أخفقت الحكومة في صرف التعويضات التي وعدت بصرفها للمتضررين من تجمعات الأمطار التي وقعت العام الماضي. 

وعن اختناق سماء البحرين بغازات أدت إلى اختناقات ونزلات معوية للكثيرين، لا يبدو الأمر غريبا على أهل المعامير،العكر، النويدرات وسترة، حتى وإن بدا غريبا للقاطنين في مناطق أبعد تصلها تلك الغازات لأول مرة. 

لقد بُح صوت المعامير والمناطق المجاورة لخزانات وخط تكرير بابكو وشركة ألبا من الدعوة، على مدى عشرات السنين، لإيجاد حلول جذرية لأزمة التلوث التي تعيشها منطقتهم إلا أنه لا أحد يستجيب لدعوادتهم وإنقاذهم من هذه السموم. 

الجديد هذه المرة، أن الغاز انتشر في سماء البحرين ووصل حتى المحرق ومناطق غرب المنامة، حيث اشتكى ساكنون في الدراز من «رائحة غاز خانقة يصعب التنفس معها». 

المجلس الأعلى للبيئة اكتفى بإصدار بيان قال فيه «إن الرائحة المنتشرة بالأجواء نتيجة انبعاثات تشغيلية طبيعية وفي حدود الاجراءات المعمولة بها بشكل اعتيادي ولا تستدعي القلق». 

إذا كانت هذه الانبعاثات تشغيلية طبيعية كما يدعي المجلس، فيفترض أن تصل هذه الانبعاثات كل يوم للمحرق والدراز وهذا ما لا يحدث بشكل طبيعي. 

إن انتشار هذه الغازات خلال الأيام الماضية على رقعة واسعة من البحرين وبهذه الكثافة يؤكد أن الانبعاثات ليست تشغيلية وإنما نتيجة خلل في مكان ما، وهو ما عاد المجلس الأعلى للبيئة للاعتراف به على استحياء. 

بعد الضغوط الكبيرة من قبل المواطنين للوقوف على حقيقة هذه الانبعاثات والتعامل معها بشفافية، قال المجلس في بيان «إن تسرب حدث في أحد خزانات النفط التابعة لشركة بابكو إنرجيز في منطقة سترة ، إثر خلل فني محدود ناتج عن الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة التي شهدتها مملكة البحرين خلال اليومين الماضيين.»

مجرد خلل «فني محدود» لكنه أدى لاحتباس سماء البحرين بغازات خانقة على مدى أيام. إن إنكار المشكلة من قبل المجلس الأعلى للبيئة يشبه سلوك الحكومة في إنكار الأزمات، فهي تعتقد أن إنكار وجود أزمة سياسية يعني عدم وجودها أو غياب آثارها على الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد. 

لقد كشف الحادثان هذا الأسبوع مشكلات الحكومة المستعصية، من الفساد في تنفيذ المشروعات الإسكانية والإنشاءات وحتى التعامل مع أزمة متكررة مثل الأمطار. أما تسريبات الغاز فقد بينّت للقاطنين شرقا وغربا حجم المعاناة اليومية التي يعانيها المحاذون لخزانات وخطوط بابكو وغيرها من المصانع هناك، وهي معاناة تنكر وجودها الحكومة أصلا.