عباس المرشد: العائلة الحاكمة المطبعة.. ما وراء افتتاح السفارة الإسرائيلية في المنامة

وزير خارجية الاحتلال خلال افتتاح مقر السفارة وبجانبه وزير الخارجية الزياني
وزير خارجية الاحتلال خلال افتتاح مقر السفارة وبجانبه وزير الخارجية الزياني

عباس المرشد - 2023-09-05 - 1:04 م

مرآة البحرين (خاص):ليس هناك جريمة أسوأ من جريمة التطبيع مع الكيان المؤقت. وأن الضالعين في التطبيع يمثلون وجه التاريخ القبيح.

هذه حقيقة يجمع عليها شعب البحرين والشعوب العربية على اختلاف مشاربهم المذهبية أو انحيازاتهم السياسية. قد يبدو هذا التوصيف انشائيا أو متجاوزا لحدود اللباقة السياسية وهو كذلك في جزء صغير منه لكن في الكفة الأخرى ثمة ارتكاز عقلاني يدعو لتجريم أفعال التطبيع واعتبارها نتوءا شاذا وورما خبيثا في الجسد العربي والجسد الوطني البحريني.
ويبدو أيضا ان عائلة الحكم في البحرين تراهن بحسب معطيات ساذجة أنها قادرة على جر البحرين إلى مستنقع التطبيع وقذراته؛ وهي واهمة حتما؛ بدليل أنها عجزت منذ احتلالها للبحرين قبل 245 عاما عن أن تنال ثقة المواطنين الأصليين أو أن تتشارك معهم في متحد سياسي مشترك. فالاحتلال الذي وقع على المنامة في 1783 هو نفسه الاحتلال الذي وقع على القدس قبل 80 عاما. فمنطق الاحتلالات واحد مهما اختلفت أشكاله أو تشابهت أبقاره.
والسؤال عن عقلانية تجريم التطبيع هو سؤال في التأصيل والاشتغال. فعن أي حقيقة ينطلق التطبيع؟ وإلى أي الاتجاهات تحاول عائلة الحكم في الرفاع جر البلاد إليها؟ وما الذي ستجنيه العائلة المطبعة؟ لن نجد في أدبيات العائلة الحاكمة شيئا مقنعا؛ وأن أقصى ما يمكن الرهان عليه هو التجريب لا أكثر وكأن الكرامة والقيم مساحات قابلة للتجريب والاجتراح وعمليا يمثل هذا الرهان طفولية سياسية ومراهقة منفلتة تلف أروقة متخذي قرار التطبيع.
إن التطبيع إن صحت هذه التسمية يقع بين حدين أو قوسين يمثل الاحتلال حده وقوسه النازل في حين يصبح فعل الإبادة والتطهير السياسي حده وقوسه الصاعد. وبناءا عليه يصبح تجريم التطبيع منطقا عقلانيا ومطلبا إنسانيا لكون مناهضة التطبيع تعني بشكل معكوس رفض منطق الاحتلال ورفض الرجس السياسي بكل أشكاله المقنعة بشعارات التعايش والسلام.
وبالتالي فإن تشابه البقر يصبح هو الملجأ الأخير للنذل ويصبح فعل التطبيع فعلا نذلا وقبيحا أخلاقيا لا يمكن لفضيلة النسيان او الصفح ان تشمله لأنها وقتها تخسر فضيلتها وطهارتها وتتحول من فضيلة إلى رذيلة المساعدة والتحريض على الإثم.
اعتقد ان هذا كاف لتأصيل التطبيع كأقبح جرائم الحكام وكأسوء فحش يمكن لحاكم عربي ان يكشفه للجماهير.
لذا فإن البحث عن ما وراء افتتاح السفارة الإسرائيلية في المنامة هو استكمال لسؤال طلب العقلانية في رفض التطبيع وتجريم عائلة الحكم على جريرتها.
الإسرائيليون لا يخفون مشاريعهم ولا يجدون حرجا في توجيه التوبيخ العلني لمن قَبِلَ أن يصالحهم ويطبع معهم. فالذهنية الإسرائيلية مؤسسة في الأصل على توسعة الاحتلال والنظر الى الآخرين على أنهم عبيد وفق المنطق التوراتي؛ وهذا يعني ان دبلوماسية التهويد والاحتلال هي ارتكاز اختيار المنامة ودبي ولاحقا الرياض والدوحة ومسقط. وقد يدخلنا هذا الحديث في متاهات الجيوبولتيك وخرائط الصراع على المنطقة وهو أمر لا يسعني الحديث عنه الآن.
إنني أخشى أن تكون سفارة إسرائيل في المنامة كيانا متمددا؛ ومركز عمليات تهويد واسعة النطاق تطال هوية البحرين الثقافية والسياسية. وليس ذلك تقليلا من شأن أن السفارة الإسرائيلية هي وكر استخبارات وتجسس نوعي تحضيرا لمشاريع توسعية أكبر من برج التجارة في المنامة.


* باحث وكاتب مقيم في المملكة المتحدة.