كيف تغيّرت المناهج في البحرين بين ليلة وضحاها؟ البداية من "إمباكت سي"
2023-05-13 - 8:48 م
مرآة البحرين (خاص): قد يكون ملف تغيير المناهج الدراسية في البحرين قد أوقف، أو الصحيح قد أخضع للمراجعة، ولكن من المهم معرفة كيف تم الأمر، وما هي الترتيبات التي جرت بين السلطة في البحرين وحكومة الكيان الإسرائيلي لتغيير المناهج الدراسية؟
بدأت إسرائيل دراسة المناهج الدراسية عبر ذراعها الثقافية وهي منظّمة "معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي" المعروفة بإسم "إمباكت سي" (IMPACT-se).
هذه المنظمة المسجلة في لندن وفي تل أبيب، هي في الحقيقة هيئة مراقبة إسرائيلية تركز على المناهج الفلسطينية والعربية، وخاصة مضامينها ذات العلاقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد تأسست عام 1998 وهي مكلفة بمراقبة المناهج التعليمية للبلدان العربية والإسلامية والمناهج التي تدرس العلوم العربية والإسلامية.
في 23 يناير 2022 رفع السفير الإسرائيلي في البحرين، آيتان نائي، إلى الأمين العام لمجلس التعليم العالي رنا بنت عيسى آل خليفة، توصيات دراسة أعدتها منظمة "إمباكت سي" وجاء في توصيات الدراسة أن على المناهج الدراسية البحرينية أن تتوافق بشكل عام مع "المعايير الدولية للسلام والتسامح"، وأن تخلو الكتب المدرسية من الكراهية والتحريض ضد الآخرين. وأوصى معهد "إمباكت سيتي" أن يعلّم الطلاب ضمن المناهج "قيمة مبدأ احترام الثقافات الأخرى، وتشجيعهم على الفضول والحوار".
كما دعت الدراسة إلى تدريس الهولوكوست وتاريخ اليهود. وأشارت دراسة المعهد إلى أن الكتب المدرسية العربية فشلت في تعليم تاريخ العبودية في الشرق الأوسط، ولفتت إلى أن البحرين يمكنها تحسين مراجعتها التعليمية لـ "إسرائيل". لافتة إلى أن المواد المعادية لإسرائيل قد خضعت للاعتدال.
خضع المشروع لموافقة الديوان الملكي ومن الحكومة بشكل واضح قبل البدء فيه.
بعد أشهر من الإعداد وتحديدا في يوليو 2022، التقى بشكل غير معلن وزير التربية والتعليم البحريني مع القائم بأعمال السفير الإسرائيلي إيتاي تاغنر، وتم خلال اللقاء الاتفاق على تشكيل لجنة مصغرة من مشرفين وتربويين لإدخال التعديلات المطلوبة، والتي ستكون بشكل تدريجي للمرحلتين الابتدائية المتأخرة والإعدادية.
في الثاني من شهر مارس الماضي التقت الأمين العام لمجلس التعليم العالي رنا بنت عيسى آل خليفة مع مستشارة الشؤون العالمية لرئيس المؤتمر اليهودي العالمي إيلي كوهانيم، وكان الخبر الرسمي صريحا في أنهما بحثا تعديل المناهج الدراسية وتطوير أخرى في إطار اتفاقات التطبيع بما فيها المواضيع المتعلقة بالتسامح الديني.
بعدها بدأت طباعة الكتب الجديدة واستبدالها بشكل عاجل رغم أنه لم يتبق الكثير من العام الدراسي الحالي، حيث حاولت الحكومة تمرير التغييرات دون إثارة انتباه الرأي العام.
تقول المصادر إن "النظام في البحرين صُدم بحجم المعارضة الواسع والمعلن لمشروع تغيير المناهج، وكان الخطأ الأكبر هو حذف أجزاء من أحاديث واردة في كتابي البخاري ومُسلم". وهو الأمر الذي أثار علماء الطائفة السنية الذين لم يسجلوا موقفا اعتراضيا ضد التطبيع بشكل صريح، لكنهم كانوا واضحين جدا مع النظام فيما يخص المساس بأحاديث دينية والمس بالتاريخ الإسلامي.
إن منظمة "إمباكت سي" هي جزءٍ من جهود كيان الاحتلال المُمَأسسة لغزو عقول أجيال المنطقة العربية والإسلامية وخنق أي نَفَس نضالي، حيث يقوم المعهد بمراقبة محتوى المناهج العربيّة كلمةً بكلمة للتّأكّد من أنّ الأطفال يتعلّمون "السلام والتسامح الثقافي" على مقاعد الدراسة وفق السردية الإسرائيلية. سلام وتسامح من النوع الذي يخدم مشاريع التطبيع وغسل العقول من قضايا الدين والأمّة.
بعد تأسيسه، توسّع عمل المعهد لاحقاً ليشمل كتابة تقارير وأبحاث تقيّم محتوى المناهج عالميّاً وعربيّاً بالتحديد، متذرعاً بمعايير اليونسكو حول "التسامح" و"قبول الآخر".
أغلب قيادات المنظمة هم إسرائيليون وأمريكيون يجمعهم الفكر الصهيوني وخدمة كيان الاحتلال، وبعضهم لهم ارتباطات مباشرة بالجيش الإسرائيلي كما يظهر في التعريف الشخصي لكل منهم، ويسكن غالبيتهم في كيان الاحتلال.
بخلاف ما هو شائع، فقد نجحت هذه المنظمة فعلا في تغيير أجزاء من المناهج الدراسية في مصر والأردن، وفي السعودية، وقدمت مقترحات محددة لقطر لتغيير مناهجها خصوصا فيما يتعلق بثورة فلسطين الكبرى المعروفة بثورة الشيخ عز الدين القسّام.
يسعى المعهد للتأكيد على وضع "إسرائيل" على خريطة المنطقة التي تعرض للطلاب في الكتب الدراسية.
مؤخرا قام المعهد بالإشادة بالتغييرات في المنهاج الإماراتي، والتغييرات التي قادتها السعودية في المناهج خلال السنوات الأخيرة.