هكذا ردّ "الشيعة" على الدولة التي قررت عدم الاعتراف بأوقافهم غير المسجلة تمهيدا لسرقتها

صورة أرشيفية تجمع رئيس الأوقاف الجعفرية يوسف الصالح مع مديرها محمد جعفر الحسيني
صورة أرشيفية تجمع رئيس الأوقاف الجعفرية يوسف الصالح مع مديرها محمد جعفر الحسيني

2023-05-01 - 7:42 ص

مرآة البحرين (خاص): بعد الرد الذي قدمه وزير العدل نواف المعاودة على سؤال برلماني قال فيه بوضوح إن الدولة لا تعترف بالوقفيات الغير مسجلة التي لم تصدر لها وثائق رسمية بأنها أوقاف أصلا.

فيما حوى البيان المشترك الصادر عن إدارتي الأوقاف السنية والجعفرية على ذات الفكرة المضمون وهي مغالطة خطيرة قررت الدولة الاعتماد عليها للاستيلاء على مئات الأراضي والعقارات من الوقف الشيعي الذي ترفض الدولة منذ سنين استخراج وثائق له أصلا.

تتحدث وزارة العدل أنه يجب إثبات ملكية الأوقاف إتمام تسجيل الكثير من العقارات الوقفية القديمة بعد إثبات ملكيتها للواقفين، واستخراج الوثائق الرسمية، خصوصا مع اشتراط حضور الواقفين شخصيا والذين ماتوا ولا يمكن إرجاعهم للحياة.

رئيس المجلس العلمائي السيد مجيد المشعل، ردّ عبر حسابه الرسمي في "تويتر"، قائلاً "الوقف شأنٌ شرعي له اشتراطاته الشرعيّة، وليس من ضمنها التوثيق الرسمي، وعلى الدولة الحديثة في البلاد المسلمة أن تنظّم وضعها مع الوقفيّات الشرعيّة باستصدار وثائق لها، لا أن تصادرها بحجّة عدم التوثيق، فالحقّ حقّ وإن لم يوثّق رسميّاً".

وأضاف "الطريق الصحيح لتوثيق الوقفيات الرجوع لدفتر السيد عدنان باعتباره وثيقة رسمية تثبت الوقفيات،وبالنسبة للوقفيّات التي لم يحصها الدفتر أو كانت متأخرة عنه زماناً يرجع في إثباتها للمحاكم الجعفرية،ثمّ تُحوّل للجهات المعنية لتوثيقها".

أما الخطيب ورجل الدين السيد ياسر الساري فقد تصدّى للرد في منصة تويتر أيضا، وذلك عبر سلسلة من الأسئلة والإشكالات التي توضح هشاشة موقف إدارتيّ الأوقاف ومن بعدهما وزير العدل، وهشاشة موقف من سطوا على أراضي الأوقاف عبر السرقة والاستيلاء.

يقول السيد الساري: أولا: ما هو عدد الأراضي الوقفية وأسمائها ومواقعها التابعة للأوقاف الجعفرية التي تم إتمام تسجيلها؟

ثانياً لماذا لا يمكن تسجيل وقفيات جديدة في المحاكم الشرعية الجعفرية؟ بينما الحال أن المحاكم السنية الشرعية لا زالت تصدر وقفيات، بينما منذ أكثر من 12 سنة لم تصدر المحاكم الجعفرية ولا وقفية واحدة؟

أمر آخر وهو أنّ تطبيق المعايير الجديدة على العقارات الوقفية القديمة من اجل تسجيلها سيؤدي الى ضياعها ، (إذ) لا يمكن تطبيق التعديلات في القوانين والأنظمة واللوائح على وضع قائم ، بل يمكن تطبيقه على وضع جديد فقط ، الوضع القائم يجب أن يدرس حسب القوانين والأنظمة والمعايير التي أصبح قائما على أساسها فقط.

أمر آخر، وهو أنّ المحكمة المدنية وضعت شرطين الأول وجود وثيقة للعقار تثبت الملكية للواقف ، وحضور الواقف نفسه وهذان الشرطان لا يمكن تحقيقهما وهذا إن صح فيصح بشأن المرتكزات القانونية التي تنشأ في ظل القانون المدني أما قبله فتسري قاعدة اليد.

الحقيقة هي أنّه: لن يستطيع أحد من سلالة الواقفين من إثبات ملكية العقار للواقف لإنّ (الواقف) متوفي من عقود ، والسبب الثاني عدم وجود وثيقة ملكية للعقار حيث أن الوثائق المعتمدة سابقاً هي الصكوك التي تكتب عند العلماء وتُمهر بشهادة الشهود وأسمائهم والحال أن إثبات الملكية للواقف ووقفه لا ينحصر بوثيقة الملكية.

أيضا قال: إن هيئة التخطيط العمراني لا تأخذ في الاعتبار الأراضي غير المسجلة ولا تُعيد تخطيطها مما يؤدي إلى تغيير شامل في وضعية العقارات الحالية القائمة وضياع وضعيات العقارات الوقفية وإحداثياتها مما يفقد القدرة على الاستدلال عليها مستقبلا وتحديد مكانها.

مردفا: المشكلة الكبرى هي ضياع تاريخ العقار الوقفي مع مرور الوقت، إذ يستحيل بعدها التمكن من استعادته او اثبات وجوده من الأساس، كما أن تنفيذ المخططات سيغير من استعمالات الاراضي واشكالها ووضعياتها.

من الجانب الشرعي الديني، فإن ما قاله وزير العدل وإدارتيّ الأوقاف، لا أساس ديني له في أي مذهب إسلامي، ها هو أحد طلبة العلم الديني وهو الشاب السيد حسن قام بالبحث بنفسه، وكتب معلّقا على كلام إدارتي الأوقاف وكذلك وزير العدل، قائلاً، لقد "راجعت فقه المذاهب الأربعة (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي) بالإضافة لفقه مدرسة أهل البيت، ولم أجد أحداً منهم قد اشترط في تحقق الوقف تسجيله عند الجهات الرسمية! فالسؤال: من أين جاء وزير العدل بهذا الاشتراط؟!".

أما من الجانب القانوني، فقد علّق المستشار إبراهيم سرحان بالقول إنّ " صحة الوقف بتوافر الشروط الأربعة المعروفة شرعا وقانونا، أما التسجيل الرسمي فهو أحد وسائل الإثبات وغايته التنظيم والحفظ، ووسائل الإثبات لصحة الوقف متعددة وهي من اختصاص المحاكم الجعفرية للوقف الشيعي والمحاكم السنية للوقف السني".

النائب السابق عبدالجليل خليل، عرض مخطط وقف مأتم عبدالحيّ الذي تم الاستيلاء عليه، وسأل بشكل عام "اللي اخذ ارض وقف مآتم عبد الحي في سار، كيف حصل على وثيقة الملكية وقسمها وعرضها للبيع وهي مازالت وقفاً بتصديق المحكمة الشرعية في 2013، وحتى المحكمة الكبرى المدنية في 2017 التي أقرت بالوقف ورفضت الدعوى لأن المدعي ليس من أقرباء الواقف ؟!".

ردود متنوعة شرعيا، وقانونيا، ومنطقيا، كلها للتاريخ، الحقيقة هي إن التصريح الرسمي لوزير العدل ومن قبله إدارتي الأوقاف اللتين أصدرتا بيانا لم تكتباه أصلا، بل جاء من مستشاري الديوان الملكي وهو الجهة التي يمكن تسميتها بالجهة التي قررت الاستمرار في ظلم الشيعة والاستمرار في السرقة من أوقافهم دون أن يطرف لها جفن أو يهتز لها ضمير من دين أو من وطنية أو إنسانية.