علي الأسود: بتوقيع الرئيس: استريحوا كلكم!
2023-02-18 - 2:55 م
مرآة البحرين (خاص):
استمعنا إلى كلمات رئيس مجلس النواب البحريني أحمد المسلم الذي أتحفنا بقيادته الهزيلة - لما يُفترض أن يكون بيت الشعب- وهي محاولة ترهيبٍ على الهواء مباشرةً للنواب لإيقاف أيّ إمكانية حديث عن هموم الشارع ومُتطلّبات الشعب لأنها شؤونٌ ثانوية أو ليست من اختصاص المجلس حتى مع غياب أيّ فاعلية سياسية لهذا الحديث أو ذاك.
نعرف أن ما يتغيّر على مرّ الزمن وبين الثقافات هي الاستراتيجيات التي من خلالها تُشبَع هذه الاحتياجات، من المهم أن تُفهم احتياجات الإنسان كنظام- أي أنها مترابطة ومتفاعلة لا مفصولة أو تُقاس على رغبات خاصّة كما هي في أغلب الأنظمة العربية- والبحرين ليست استثناء، فما جاء به رئيس مجلس النواب يُعبّر عن رأي أعمدة الديوان الملكي المُتنفّذين وأصحاب القرار السياسي في الدولة. هي الرغبة في عدم سماع أيّ صوت يُعارض السياسيات الكبرى أو ما يُعرف في علم السياسة بالقرارات المصيرية التي غالباً ما تحتاج الى تصويت أو شرعنة من قبل الشعب، على غرار الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فعلى الرغم من مرور خمسة أعوام وظهور النتائج السلبية إلّا أن الحكومة في وضع مُريح لأن القرار اتخذه الناس وصادق عليه المجلس، ثم وقّعته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية من دون معارضة.
أمّا قرارات السلطة في البحرين فهي بعيدة عن المساءلة أو التقييم حتى من قبل نواب الشعب -مع اختلافنا حول تقييم التجربة- بعد فرض السلطة عقوبة جماعية على المُعارضة ومُصادقة المجلس عبر تشريع قانون يحرمها من المشاركة في الحياة السياسية، وهو ما عُرف بقانون العزل السياسي.
"منذ استقالة كتلة الوفاق النيابية حتى يومنا هذا، لم نسمع في أيّ وقت مضى من عمر المجلس النيابي استجوابَ وزيرٍ أو لجنة تحقيق مُعتبرة تضمن الحقّ الأصيل للمجلس وهو المُراقبة والمُحاسبة وقبلهما التشريع"، هذا ما قاله لي دبلوماسي أوروبي يُتابع المشهد البحريني عن كثب منذ سنوات طويلة لغرض تقييم الأداء الحكومي المرتبط بشكل مباشر مع المجلس الوطني، انتهى الاقتباس والتوضيح هنا.
الّذي يُتابع الأداء يعي تماماً أن لا فائدة من استمرار العمل مع مجلس النواب، وأن الحكومة في وادٍ والمجلسان في وادٍ آخر، وهو ما تؤكده شواهد عديدة من أهمّها ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وزيادة الرسوم والضرائب وعجز الحكومة عن إيجاد بدائل تصبّ في المصلحة العامة للشعب والبلد، هذا على المستويَيْن الاقتصادي والمعيشي، أمّا في ما يخص الشأن السياسي والاجتماعي والحقوقي فلا مجال للحصر، حيث يزيد التعقيد الرسمي للمشهد من فرص الفوضى في التشريعات والنظام الإداري للدولة، ما ينعكس سلباً على حياة المواطنين وهو ما نلحظه جميعاً شعباً وحكومة على أرض الواقع، حتى إن لم تُصرّح عنه الحكومة عبر منصّاتها أو بياناتها الرسمية.
دعونا من كلام رئيس الترهيب، الّذي جيء به ببالون هوائي لكرسيّ الرئاسة. لنذهب إلى صُلب الدستور الذي يُقرّ في مادته الأولى أنّ "نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً، ويقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأيّ من السلطات الثلاث التنازل لغيرها عن كلّ اختصاصاتها أو بعضها، وإنما يجوز التفويض التشريعي المحدد بفترة معيّنة وبموضوع أو موضوعات بالذات، ويمارَس وفقاً لقانون التفويض وشروطه. هنا يتّضح المشهد أكثر: لا سلطة حقيقية للشعب ولا مجال لتجاوز السلطتين التنفيذية والقضائية عبر الآليات التنفيذية للمجلس، وحتى المطالبة بإعادة الهيبة للمجلس اعتُبرت صراخًا في العراء، ولا يمكن أن يُسمع لها أيّ صدى.
ما نعرفه حقيقة أن المجلس الحالي هو الأضعف، إن لم يكن هناك تحوّل في الأداء. هذا المجلس يؤكد أهمية إعادة النظر في كل التجربة وربّما يقودنا الى محطة تاريخية وهي إلغاء المجلس وتحويل الموارد المالية المُخصّصة له لصالح الوزارات الخدماتية لتقديم رعاية صحية وتعليم راقٍ للمواطنين وخدمات عامّة لجميع السكان.
أخيراً، نتذكّر ما قاله الفيلسوف الكبير أرسطو: "الديمقراطية عندما يكون المعوز، وليس رجال المال، هم الحكّام".
- المهندس علي الأسود، نائب سابق عن كتلة الوفاق المعارضة