قبل أن يضيع (الكاشير) بين رِجلي الأغنياء والأغبياء
2023-01-13 - 9:27 ص
مرآة البحرين (خاص): في جميع الدول تكون أزمة البطالة ناجمة عن أزمات اقتصادية أو اختلالات في سوق العمل، ما عدا البحرين، فالأزمة سياسية يتسبب فيها نظام حكم غير متصالح مع السكان.
أكثر من 12 ألف جامعي عاطل على الأقل في بلد يستورد العمالة من الخارج. ومثلهم يعملون في أعمال غير لائقة وبأجور متدنية جدا. 500 من هؤلاء العاطلين أطباء في مختلف التخصصات ومن مختلف الجامعات المحلية والخارجية.
وبدلا من استيعابهم في المستشفيات الحكومية، يتم جلب الأطباء من الهند وباكستان ومصر والسودان، وكل بلد حول العالم. فالبحريني ليس أولا في بلده بل أخيرا بعد كل جنسيات العالم.
ولا توجد أية مبررات للقيام بذلك، غير أن العائلة الحاكمة التي تمسك بالسلطة والثروة تكره المواطنين، وتريد استبدالهم بالأجانب في التوظيف، وصولا لاستبدالهم كليا بعملية تغيير ديموغرافية مُهندَسة.
اضطرت إحدى الطبيبات العاطلات تحت وطأة الفقر والحاجة إلى العمل في مركز اتصال (كول سنتر) خاص بشركة لتوصيل الوجبات الغذائية، كما اضطر غيرها من العاطلين والعاطلات للعمل كـ (كاشير).
فهل يعني ذلك أن هذه الطبيبة تحب العمل في هذه الوظيفة؟ وهل هي تنتظر اللحظة التي يقوم فيها وزير المالية سلمان بن خليفة آل خليفة بتحيتها أو يأتي وزير الإعلام رمزان النعيمي للتصوير معها؟
يقول أحد زملائها في العمل إننا نضطر لسماع بذاءات غير محتملة كل يوم من بعض المتصلين الغاضبين، ويشمل ذلك حتى الموظفات.
ويضيف «لا أحد يريد أن يسمع شتيمة بحق والدته، لكننا نصبر لأنه ليس لدينا بديل».
وعن مؤهلات الموظفين يقول «أنا خريج تربية وهناك موظف خريج هندسة إلى جانب الطبيبة، وغيرنا من الخريجين الجامعيين بالتأكيد».
هذا هو الوضع في مركز الاتصال كما يصفه أحد الموظفين. فهل هذا محل اعتزاز وفخر؟
إذا كان وزير المالية أو وزير شؤون مجلس الوزراء معجبين بهذه الوظائف فيمكن لهذه الطبيبة أن تستبدل وظيفتها بوظيفة أحد أبنائهم. فليأتي ابن وزير المالية أو أحد أبناء رئيس حكومته لتلقي الشتائم في مركز الاتصال بدلا عنها.
ولماذا يُفترض أن يقبل ويتشرف حاملو المؤهلات العلمية بالعمل في هذه المهن، بينما يتم جلب الأجانب لشغل الوظائف التخصصية التي يحرمون كبحرينيين من شغلها؟
ولماذا يتم التعريض بكرامة البحرينيين للعمل في مهن غير مناسبة بينما يتنعم الكسولون من أبناء العائلة (كما يصفهم المستشار البريطاني بلجريف) بوظائف لا يستحقونها؟
ولكي لا يضيع الكاشير بين رجلي الأغنياء من العائلة الحاكمة والعوائل المتحالفين معها مرتين: مرة ببخس حقه في الوظائف الحكومية، ومرة بالتوظيف بأجور متدنية، يجب إعادة الحكاية من جديد.
إن البطالة أزمة سياسية تفتعلها العائلة الحاكمة، وكانت إلى وقت قريب لأسباب مذهبية توسعت ليتضرر منها حتى الخريجين والمواطنين من السنة. ولا يمكن توجيه أصابع الاتهام لا لوزارة العمل ولا ديوان الخدمة المدنية.
الأمر الآخر، سيكون من السذاجة تحميل البرلمان حتى 1% من المشكلة، أو انتظار أن يقدم حلولا لها، فهذا البرلمان بشكله الحالي مجرد إثبات آخر على تسلط العائلة وتفردها بالقرار.
إن حل أزمة البطالة لن يكون إلا من أعلى هرم السلطة، كما هو الحال مع الملفات الأخرى التي يعاني منها الوطن كملف المعتقلين والفقر، ولن يكون ذلك إلا بقرار سياسي ينهي القرارات السابقة بتهميش المواطنين وإفقارهم في وطنهم، عدا ذلك فسيكون من المقبول أن يتسلى الناس بتصريح نائب هنا أو نائبة هناك.