تقرير للخارجية الأميركية يوثق انتهاكات الحريات الدينية في البحرين في العام 2021

تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية للعام 2021
تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية للعام 2021

2022-10-13 - 11:41 ص

مرآة البحرين (خاص):

قالت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين إنّه بعد قراءة تقرير الخارجية الأمريكية للعام 2021 عن الحريات الدينية في البحرين، يتضح أنّ الأسرة الحاكمة تستخدم التمييز الديني كأداة للحفاظ على سلطتها وتمارس التّبييض في التعايش بين الأديان للتعتيم على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

وأكّدت المنظمة أنّ التمييز الديني من قبل النظام الملكي السني ضد المواطنين الشيعة يُعد شديدًا بحيث طُرح في اللقاءات بين المسؤولين الحكوميين الأمريكيين والقائم بالأعمال وممثلي السفارات الآخرين بكبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم وزير الخارجية ووزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والمؤسسات الوطنية لمراقبة حقوق الإنسان، للدعوة إلى احترام حرية الدين بما في ذلك حق القادة الدينيين في التكلم والكتابة بحرية، والدعوة إلى المشاركة الكاملة والمتساوية لجميع المواطنين، بغض النظر عن الإنتماء الديني أو السياسي في الأنشطة السياسية والاجتماعية والفرص الإقتصادية.

ويتضمن التقرير حوالي 51 حالة فردية محددة من القمع الديني أو التمييز أو المضايقة التي ارتكبتها حكومة البحرين خلال عام 2021. وقد ارتُكِبَت كل هذه الجرائم ضد المسلمين الشيعة وكلها تقريبًا بدوافع سياسية.

وتشير الجملة الافتتاحية والمستقلة في قسم الممارسات الحكومية في التقرير إلى الاستبداد في البحرين بالقول إنّه  "نظرًا لأن الدين والإنتماء السياسي غالبًا ما يكونان مرتبطين ارتباطًا وثيقًا، كان من الصعب تصنيف العديد من الحوادث على أنها تستند إلى الهوية الدينية فقط". كما ينتهج النظام الملكي التمييز الديني كوسيلة للسيطرة السياسية.
ويلفت التقرير إلى أن "الحكومة واصلت التمييز ضد المواطنين الشيعة ومنح المواطنين من الطائفة السنية معاملة تفضيلية للمنح الدراسية والمناصب في وزارة الداخلية والجيش". وقد أدى التمييز الديني ضد المسلمين الشيعة إلى خللٍ تمييزي في القوى العاملة والجيش والهيئات السياسية والمجتمع المدني. ويُشَكّل الارتفاع المستمر لمعدلات البطالة، ومحدودية الإحتمالات للحراك الاجتماعي الصاعد، والوضع الإجتماعي والإقتصادي الأضعف لهذه الطائفة مقارنةً بالسنّة، خير دليل على التمييز الديني الذي يعاني منه الشيعة في البلاد".

وأقرت الخارجية الأمريكية في تقريرها بأن المسؤولين الأمريكيين "دعوا الحكومة إلى متابعة الإصلاحات السياسية التي من شأنها أن تأخذ بعين الاعتبار احتياجات جميع المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الديني".

وتجدر الإشارة إلى أنّ الأسرة الحاكمة في البحرين، وهي عائلة آل خليفة، من المسلمين السنة لكن غالبية مواطني البلاد (حوالي 65 % وفقاً لوزارة الخارجية) من المسلمين الشيعة. بين دستور البلاد والشريعة الإسلامية، يتمتع مواطنو البحرين على الورق بحقوق وضمانات حرية الرأي، وحرية أداء الشعائر الدينية، وحرية التعبير عن الآراء ونشرها. إلا أنّه من الناحية العملية، هذه الحقوق غير موجودة أو تتم حمايتها بشكل إنتقائي من قبل الحكومة.

ويمكن أن تقود القائمة الطويلة للإنتهاكات التي ارتكبتها الحكومة والتي تمّ تحديد العديد منها في تقرير وزارة الخارجية، مراقبًا منطقيًا إلى استنتاج مفاده أن الحقوق المنصوص عليها في قوانين البلاد مجرد تمويه لمنح الأسرة الحاكمة البحرينية حق الوصول إلى فوائد العلاقات مع الدول الغربية.

ويشير تقرير وزارة الخارجية إلى تدخل الحكومة والمضايقات التي استهدفت المصلين الشيعة خلال أحد أهم أيام التقويم الديني الشيعي، وهي "ذكرى عاشوراء". ويشير التقرير إلى الإنتقادات الموجهة إلى الحكومة بسبب إزالة لافتات عاشوراء و"استدعاء القادة الشيعة للاستجواب بخصوص الخطب التي ألقوها في تلك الذكرى". كما ذكر التقرير أنّ  الحكومة البحرينية حققت مع 100 مواطن واعتقلت ثلاثة منهم بتهمة "ممارسة شعائرهم الدينية" في 45 عملية حكومية لإيقاف الشعائر الدينية الشيعية.

وتورد الخارجية الأمريكية تفاصيل متعددة حول كيفية قمع الحكومة "بقمع ممارسات عاشوراء والتعبير عنها بشكل فعال"، وحرمان السجناء الشيعة من الحق في إحياء تلك المناسبة، ومعاقبة أولئك الذين أصرّوا على أداء طقوسهم الدينية وأقاموها بعزلهم عن الاتصال بأسرهم.

ويشير التقرير إلى أنّه خلال شهر رمضان، سجّلت إحدى المنظمات غير الحكومية "حادثة مضايقة واحدة، وحادثة تهديد واحدة، وتسع حوادث قامت فيها السلطات بمنع ممارسة الشعائر الدينية".
واستند تبرير الحكومة لهذا القمع الديني إلى الوقاية من فيروس كورونا، ومع ذلك، لفت تقرير وزارة الخارجية إلى أنّ ابن الملك، الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، "شارك علنًا في مهرجان أونام الهندي بين حشود كبيرة من دون اتخاذ أي إجراءات واضحة للصحة العامة".

وأشار التقرير إلى أن القمع الديني جزء لا يتجزأ من الاضطهاد السياسي، إذ يُمنح أتباع الديانات الأخرى غير المسلمين الشيعة حرية دينية واسعة ووفقًا لنصوص القانون، وعلى المستوى العملي، يساعد ذلك في حماية النظام الملكي من انتقادات المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي قد يُعَرّض الأسرة الحاكمة لانتقادات أكبر لانتهاكاتها الأخرى لحقوق الإنسان. ويكاد يكون ضحايا القمع الديني في البحرين هم الأشخاص القادرين على تحدي استبداد وطغيان الأسرة الحاكمة.

وتأتي الحقوق التي يسمح بها دستور البلاد مع اشتراط وجودها فقط طالما أنها لا تتعدى على "النظام العام". يقوم النظام العام الحالي في البحرين على أساس الحكم الإستبدادي لعائلة واحدة. فلا يُسمح بضمانات حقوق التعبير والرأي إلا طالما أنها لا "تثير الفتنة أو الطائفية"، ذلك فعلًا يعني أنّه طالما أن التعبير والرأي لا يزعجان راحة الأسرة الحاكمة ولا يخلقان نوعًا مختلفًا من الطائفية أكثر من السابق. وهذا مطابق للنظام الملكي الذي يملي قدرته بأمر وزاري على حظر أي منشور "يُضِر بالنظام الحاكم في البلاد". وكما هو الحال في الحكومات الإستبدادية الأخرى، يحمي قانون الأرض الوضع الراهن للديكتاتور الحاكم وليس حقوق شعب البلاد في الحياة أو الحرية أو السعادة.

والجماعات الدينية عالقة في نفس الخناق الذي تم تقييده لدى بقية المجتمع المدني البحريني. ففي البحرين، يجب على المجموعات تسجيل وجودها لدى وزارة حكومية تمنحها الأسرة الحاكمة سلطة مراقبة أنشطة المجموعة. ويجب على جميع الجماعات الدينية "الراغبة في جمع الأموال الحصول في بادئ الأمر على إذن" من الحكومة. كما يُحظر على جميع الجماعات "الانخراط في السياسة" (أو أي نشاط يمكن أن يخفف من قبضة الأسرة الحاكمة على السلطة ويغير البلد). كما لوحظ أنّ القانون يحظر على أي شخص الإنخراط في السياسة (الجمعيات السياسية المعارضة محظورة) أثناء أداء واجبات دينية في مؤسسة دينية ما.

وكانت الخارجية الأمريكية نشرت تقريرها حول الحريات الدينية في العالم في 2 يونيو/حزيران 2022، ووثّقت فيه انتهاكات هذه الحريات في دول العالم، بما في ذلك البحرين.