ديمقراطية غسيل المراسيم

الملك مع رئيسي مجلسي النواب والشورى (أرشيفية)
الملك مع رئيسي مجلسي النواب والشورى (أرشيفية)

2022-09-22 - 7:29 م

مرآة البحرين (خاص): مصطلح غسيل الأموال جاء نتيجة عمليات قام بها أعضاء في المافيا لإخفاء مصدر الأموال المتحصلة نتيجة بيع المخدرات، حيث قاموا بتجهيز محال لغسيل الملابس بغسالات تعمل بالعملة، وكانوا يقومون في آخر كل يوم بإضافة بعض من إيرادات المخدرات على إيرادات الغسالات.

في السياسة، ما يقوم به الملك حمد بن عيسى آل خليفة هو عملية تشبه إخفاء مصدر الجريمة. فالنتيجة المرجوة من كل انتخابات يدعو لها الملك في نهاية المطاف هو غسيل قوانينه وتبييض قراراته.
ففي اختبارات كثيرة سقط الملك ومن خلفه العائلة الحاكمة في استيعاب الآراء المخالفة، وأظهر أن استمرار تفوق العائلة الحاكمة واستحواذها على الثروة وهيمنتها على القرار هو ما يحركه سياسيا وأمنيا، فلماذا إذن يصر الملك على ما يسميه «مؤسساتتنا الديمقراطية»؟
يصر الملك على استمرار مؤسساته الديمقراطية من أجل عملية غسيل المراسيم. بمعنى أنه يريد غسالات أوتوماتيكية تعمل بالعملة (مجلسي الشورى والنواب) تقوم بغسل المراسيم بقوانين التي تصدر عنه حتى تظهر في ثوب شعبي وديمقراطي.
ويتقاضى عضو مجلس النواب حوالي ربع مليون دينار خلال أربع سنوات ومثلها كل عضو مجلس شورى، مقابل لعب دور المبيّض للقوانين السيئة التي تصدر عمن يدفع.
فالمراسيم التي يصدرها الملك عادة ما تحمل إجراءات أمنية واقتصادية وسياسية خلاف مصالح الشعب وتطلعاته، فيحيلها إلى سلطته التشريعية لتصدرها في حلة ديمقراطية لا تناسبه إلا هو.
وليس هذا هو الغرض فحسب، بل لينشغل الجمهور بانتقاد سلطته التشريعية عن انتقاده هو كونه المسؤول عن إصدار تلك المراسيم التي يُعدم أبناؤهم ويعتقلون بموجبها ويحرمون من حقهم بإثرها وتُفرض عليهم الضرائب باسمها.
فالرجل يتستر خلف 80 شخصا ليقول إنه غير مسؤول عن إقرار قوانين الإرهاب، رفع الدعم عن السلع الأساسية والكهرباء والبنزين، رفع سقف الدين العام، إقرار ضريبة القيمة المضافة ومضاعفتها، رفع سن التقاعد ووقف زيادة المتقاعدين السنوية.
وهو يريد منا أن نصدق أنه بريء من إصدار كل هذه القرارات وغيرها التي يحيلها بمراسيم بقوانين للمجلس، ويريد أن يُقنعنا بأن المسؤول الأول والأخير عن تلك القرارات النائب محمد السيسي ومن هم على شاكلته.
إن كل التشريعات الرئيسية في البلاد تصدر عن الملك بما فيها التشريعات التي تخص عمل مجلس النواب ولائحته الداخلية، لذلك فإنها جزء من حكم العائلة الحاكمة ولا علاقة لها بالعملية الديمقراطية التي يشارك فيها الناس في القرار.
لقد بلغ الحد في تلك العملية إلى أن تختار العائلة قوائم الناخبين ومن يحق له الترشح لعضوية المجلس، إنتهاءً باختيار التشكيل النهائي في عملية مليئة بالتزوير. وكأن العائلة الحاكمة تريد أن تقول «إننا أيضا من يملك حق اختيار ممثليكم الصوريين».
لهذه الأسباب وغيرها تعتقد تشكيلات المعارضة وحتى جمعيات قريبة من الحكومة أن هذه الانتخابات ستشهد أدنى نسبة تصويت بين الفصول التشريعية التي شهدتها البلاد، لأنه ما من حاجة شعبية إلى مجلس مهمته الرئيسية غسيل مراسيم الملك.