مكية بنت منصور: سيرة معطّرة بالحسين
2022-08-04 - 5:30 ص
مرآة البحرين (خاص): أضاف مركز أوال للدراسات والتوثيق سيرة جديدة لمكتبة سيِّر الجدات، بتدشينه سيرة مكية بنت منصور (الملّاية أم عيسى).
وتتناول السيرة جوانب مختلفة من حياة الراحلة التي أوقفت منزلها للإمام الحسين (ع)، وعشقت شد الرحال له وحده، وكانت تحتمل كل مشقات الحياة إلا مشقة بطء الزيارة المقدسة.
ونشأت الحاجة مكية في بيت عز وعلم، حفظت القرآن قبل أن تكمل العاشرة من عمرها، في معلم الحاجة (أم جاسم). وكانت ترقب أباها يخط قصائده على ضوء شمعته الصغيرة، أتقنت أطوار الحزن والبكاء.
وعلى خطى أبيها الذي جعل من بيته مأتمًا للحسين، جعلت هي بيتها مأتمًا للحسين أيضًا، كان غرفة صغيرة، وغدا اليوم غديرًا كبيرًا.
فتحت مأتمها لكل الأصوات التي تريد أن تنشد على الحسين، كسرت احتكار المآتم النسائية الكبيرة لمنصات النعي، عشقت المخطوطات الحسينية، وراحت تضرب شرق الأرض وغربها بحثًا عنها، قصدت الخططاين ليكتبوا لها المجاميع والروايات والمرادت، حتى أغنت مكتبتها.
تزوجت من الوجيه الحاج عبد علي الدعيسي، في الخمسينيات، كان ما يزال عاملًا يشق طريقه نحو عالم المال والأعمال، كان وجه مكية بقلبها الطيب الحنون، باب خير عليه، ما زال يردد بعد رحيلها في 2012، "منذ عرفت أم عيسى فتح الله باب الخير علي".
لم تغير الثروة وجه مكية، بقيت مشدودة إلى (ترابيتها) في البساطة والزهد والتواضع، بقت وفية لتراب قريتها (الديه) الذي مشت عليه ولعبت فيه ولامس باطن رجليها، قريبة من آلام الناس ومطالبهم، وحراكهم، تمسح على رؤوسهم بعطفها وتقدم لهم يد العطاء، وتعلق أحراز الأماني والفرج في أشجار بيوتهم.
تعرفها نخيل (الديه) ومزارعها وعيونها وبحرها ومآتمها والورد المحمدي يعرف ذائقتها، ابنة هذه الأرض وهذا البحر منذ كانت أمواجه تضرب في مرابع طفولتها.مُضمّخة باخضرار قريتها، ولون نخلها الذي يحكي أصالة عبد قيس في أرومتها.
الباحث علي الديري رأى في كلمة في حفل تدشين السيرة الخميس (30 يوليو 2022) أن أحد المبررات التي تدفعها لكتابة سير الجدّات هو أن تقر بها عيون الحفيدات بحسب وصفه.
الديري الذي كتب سيرة مكية بنت منصور قال إنه تلقى رسالة من إحدى حفيداتها تسأل عن سيرة جدتها التي توفيت بينما كانت طفلة تبلغ من العمر 13 سنة، معلقا في حواره مع إحدى بنات الفقيدة مكية: «حرام نحجب ذاكرة أطفالنا عن قصص جداتهم وسيرهم».
ورأى الديري في كلمته أن هذه الحفيدة، تمثل ذاكرة الغد والمستقبل، تحتاج إلى شمعة جدتها، كما احتاجت جدتها لشمعة أبيها التي صارت على غلاف السيرة، تحتاج لها لتدفئ روحها وتشعل عزيمتها، وتُكوّن هويتها، وتقدم لها التاريخ غير المكتوب في شكل حكاية تُروى وتروي.
يذكر أن مركز أوال وضمن اهتمامه بإنعاش الذاكرة قد أصدر عدة سير: ألف لا شيلة، أم السادة، الحاجية بنت مزعل، زهراء بگم وآخرها (مكية بنت منصور).