التعليق السياسي: المطلوب شارع البديع
2022-06-11 - 6:06 م
مرآة البحرين (خاص): فيما خصّ التطبيع ينبغي تغليب سوء النوايا لا حُسْنها. ذلك حتى لا نحكم على أنفسنا بالسّذاجة. وقد قيل في السياسة "طريق الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة" دلالة على مكرها وخبثها. وفتح مطعم تطبيعي في شارع البديع بجنّوسان تحت يافطة "عرب 48" هو أحد أوجه السياسة الماكرة الخبيثة.
لماذا شارع البديع تحديداً؟ ببساطة لأنه الشارع الأهم من دون كل الشوارع البحرينية الأخرى الذي تحرّك ضدّ اتفاقيات التطبيع.
الشارع الأهم الذي تجرّأ بالخروج في تظاهرات واعتصامات مناهضة لهذه الاتفاقيات المشؤومة منذ اليوم الأول مع ما في ذلك من مخاطر كبيرة على منظميها والمشاركين فيها بالقمع والاعتقال. وهي تظاهرات لم تنفك تخرج كل يوم وليلة وتواصل التعبئة ضدّاً على مخاطر التطبيع وشروره.
هو شارع منهك من شدّة الضربات التي تعرض لها طوال العشر السنوات الماضية منذ أزمة 2011. نعم ولكنه ليس ميتاً. ليس خانعاً. ولا مكترثاً بحسابات من يقدّمون رجلاً ويؤخرون رِجْل. والأهم لا تنطلي عليه ألاعيب مرجفين مثل عبدالنبي الشعلة وجريدته بوجهه الشائه الكالح الذي ظهر في حفل السفارة محتفلاً بذكرى النكبة واحتلال فلسطين التاريخية كـ"يوم لاستقلال إسرائيل".
يأتي رجل أعمال غفْل بجواز إسرائيلي من آخر الدنيا كي يستثمر ليس في أيّ أيّ مكان مكان في البحرين. ليس في المنامة وضواحيها قلب ريادة الأعمال والرئة الاقتصادية. ليس في الجزر الصناعية وأماكن الاستقطاب الجديدة. ليس في أسواق المركز ولا في المولات الفخيمة. ولكن تحديداً في شارع البديع.
كما لو أنّ منادياً قد دسّ في أذنه بعد أن شدّ على يديه: مطلوب أن تكون هناك؛ في شارع البديع حصراً وليس في أي شارع آخر.
رجل كاد يقتلنا من "التعاطف" لما رواه عن تمسكه وعائلته بأرض أجداده حتى أنه اضطر لحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن فعلياً ما إن وقعت اتفاقيات "إبراهام" باعها بنكلة فقرر وعائلته ليس ارتياد البحرين للاستثمار فقط بل "الحياة فيها أنا وأسرتي" أيضاً. ذلك أنه فجأة وجد نفسه بعد عدد من الزيارات مغرماً بأصالة شعبها وحكومتها وقيادتها، كما جاء في أول تصريح له.
تصريح من خمسة أسطر يظهر لنا أيّ نوع من الاستهبال الذي يراد تمريره علينا.
حسناً فعلت الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع بحسم أمر هذا المطعم المريب اسماً وصاحباً ومكاناً وتوقيتا. فهي اعتبرته "اختراقاً لمجتمعنا" و"محاولة لخلط الأوراق" بهدف "إيجاد ثغرات في المقاطعة الشعبية". وهو كل ذلك فعلاً إذا لم يكن أكبر من ذلك. الله وحده يعلم ما هو مطلوب فعلاً من هذا المطعم القيام به!