فورين بوليسي: آل خليفة حكام من دون رحمة..تحت ذريعة محاربة إيران حوّلوا المملكة إلى مكان وحشي لغالبية سكانها

ولي العهد رئيس الوزراء في زيارة لمقر الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين
ولي العهد رئيس الوزراء في زيارة لمقر الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين

أنكال فوهرا - صحيفة فورين بوليسي - 2022-03-09 - 2:28 ص

ترجمة مرآة البحرين: في منتصف فبراير/شباط، دخل نفتالي بينيت التاريخ إذ أصبح أوّل رئيس وزراء إسرائيلي يجري زيارة رسمية للبحرين. يكافح بينيت في الدّاخل كزعيم لائتلاف حاكم منقسم أيديولوجيًا، لكنّه لعب خلال زيارته للبحرين دور رجل الدّولة، وتبنّى التّحالف الإقليمي غير المسبوق الذي أُنشِئ بين إسرائيل والدّول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ضد إيران. عرض بينيت مساعدة إسرائيل للبحرين ضد إيران كلّما استُدعِيَت لذلك.
تلعب البحرين دورًا محوريًا في هذا التّحالف، لأسباب ليس آخرها أنّها تستضيف الأسطول الخامس للبحريّة الأمريكية. (وقد ناقش بينيت خلال زيارته التّعاون الأمني ​​في اجتماع ضمّ مسؤولين بحرينيين ونائب الأدميرال في الأسطول الخامس براد كوبر). لكنّ أثبتت مواجهة إيران أنّها مهمة صعبة بشكل خاص للبحرين. ويعود ذلك جزئيًا إلى واقع بسيط يتمثل بصغر حجمها بالمقارنة بمنافستها القويّة.
لكن حكومة البحرين تعاني أيضًا من آثار البارانويا. فلقد حوّل إبعاد تأثير إيران على شؤونها الداخلية نظام آل خليفة الملكي إلى حكام من دون رحمة، كما حوّل المملكة إلى مكان وحشي بالنّسبة لغالبية سكانها.
يعتقد النظام الملكي السني في البحرين أنّ إيران تريد ضم بلدها ذي الأغلبية الشيعية أو على الأقل إقامة نظام صوري. لا تتهم الأخيرة طهران بإثارة الانتفاضة في 2011 بل أيضًا بالتّخطيط لهجمات ضد أمن الدولة في السّنوات التّالية، ودعم المسلحين ماليًا وتدريبهم على الأسلحة من خلال ميليشياتها في العراق.
ولأسباب منها الرّد على هذه المخاوف، فرضت البحرين القمع في الدّاخل. وعلى مدى العقد الماضي، ازدادت أحكام الإعدام بنسبة 600 في المئة، وحُلَّت المعارضة السّياسية أو زُجَّ بها خلف القضبان. يقبع نحو 1400 سجين سياسي في سجن واحد. وعُلِّقَ حق السجناء في مكالمات الفيديو الأسبوعية مع أفراد عوائلهم بطريقة تعسفية، كما أصبحت ادعاءات التّعذيب أمرًا روتينيًا.
واتُّهِمَت البحرين العام الماضي باحتجاز 13 طفلاً على خلفية صلتهم بالاحتجاجات، كما هُدِّد بعضهم بالاغتصاب والتعذيب، وفقًا لمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، وهي منظمة حقوقية غير ربحية مقرها لندن. ويزيد التّحالف مع إسرائيل في فرض القيود على حريات الناس. يدعي النشطاء أن استخبارات الدولة تسحق المعارضة من خلال التعرف على المنتقدين من خلال برنامج بيغاسوس للتّجسس، وهو من صنع شركة إسرائيلية.
كان موسى محمد، وهو مصور صحفي وناشط سياسي، من أشد المعارضين لمملكة البحرين، وسلّط الضوء على مدى سنوات على القمع في البلاد. في أغسطس/آب، تمّ الكشف عن اختراق برنامج بيغاسوس لجهاز الآيفون الخاص به. كما تم التجسس على أعضاء جمعية سياسيّة بحرينيّة علمانيّة، وكذلك مركز البحرين لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى عضو واحد في الوفاق ، وهي جمعيّة سياسيّة شيعيّة، من خلال استخدام التّقنيات الإسرائيلية.
ونُقل عن محمد تصريحه في بيان صحفي لمعهد البحرين للحقوق والدّيمقراطيّة أنّه "كان مدمرًا بالنّسبة لي أن أكتشف أنّ النّظام البحريني، الذي هربت من تعذيبه واضطهاده، قد تجسّس علي، في انتهاك فاضح لخصوصيتي" مضيفًا أنّه "من الضّروري أن يواجه النظام البحريني النّتائج. يمكن وقف دول الخليج المسيئة مثل البحرين فقط بإخضاعها للمحاسبة على جرائمها".
وصرّح سيد أحمد الوداعي، وهو مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية لصحيفة فورين بوليسي أنّ "القلق يتزايد بين مواطني البحرين بشأن دور إسرائيل في المساعدة على سحق الحركة الدّيمقراطية في البحرين. وقال إنّه ​​"بدأنا نشهد مدى الضرر الذي تلحقه هذه العلاقة بالدمقرطة في البلاد عندما تبدأ الدولة في استخدام برامج التجسس ضد المعارضين". وادّعى الوداعي أنّ "الكشف المروع الأخير أظهر أن البحرين لا تستخدم برامج تجسس إسرائيلية فقط لمراقبة المعارضين، بل أيضًا المسؤولين، بما في ذلك نواب رفيعي المستوى وأعضاء في العائلة المالكة".
ويروي النشطاء عددًا من الأسباب الداخلية للاضطرابات الاجتماعيّة في البحرين، ويقولون إن تهديدات إيران هي ببساطة حيلة مناسبة للنظام الملكي لتبرير قمعه وانعدام كفاءته. كما يفيدون أنّ الشّيعة يشعرون بالتهميش في البحرين، وهم غاضبون من المكانة المتميزة الّتي يحظى بها السّنة في وظائف القوات المسلحة وغيرها من المناصب العليا. خلال الاحتجاجات في العام 2011، طالب المحتجون -ومعظمهم من الشيعة- بملكية دستورية تحافظ على العائلة المالكة في السلطة ولكنّها تسمح للشّعب بانتخاب حكومة. وبدلاً من ذلك، اعتبر النظام الملكي الحراك مؤامرة إيرانية لسرقة نفوذه وسحق الاحتجاجات بقوة. استخدم آلاف عناصر الأمن العنف لتفريق عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال. قُتل بعضهم وجُرح وسُجن كثيرون. وعلى مدى السّنوات الـ 11 الماضية، ازداد هذا التّوجه سوءًا، إذ احتلت البحرين المرتبة 168 بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2021 الذي أحصته منظمة مراسلون بلا حدود، واحتلت المرتبة 144 من بين 167 دولة في مؤشر الديمقراطية التابع لوحدة المعلومات الاقتصادية. كما منحت منظمة فريدوم هاوس البحرين تصنيفات سيئة في العام 2020 في مجال الحقوق السّياسية وحريّة الإنترنت.
وقال الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والدّيمقراطية، إن زعيم جمعية الوفاق، الشيخ علي سلمان ما زال مسجونًا أيضًا، ويقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة، وكذلك شقيق الوداعي نفسه ، الذي يُعاقب بسبب نشاط أخيه. وأضاف أن "البحرين تحاول بشكل روتيني صرف الانتباه عن النّقد الدولي لسجلها المروع في مجال حقوق الإنسان وأعمال القمع الداخلي التي تمارسها من خلال الإشارة إلى جهات فاعلة خارجية، وهي إيران على وجه التحديد"، لافتًا إلى أنه "يجب أن يكون واضحًا أن اعتقال أطفال لا تتجاوز أعمارهم 11 سنة وتعريضهم للتّهديد بالصّعق بالكهرباء والاغتصاب، فضلاً عن القمع المستمر لحرية التعبير، لا علاقة له بإيران"، وأكّد أنّ "البحرين تلجأ إلى صرف الانتباه هذا كتكتيك لعرقلة الرّقابة الشّرعية والتّهرب من مسؤوليتها عن انتهاك حقوق مواطنيها والقانون الدولي".
إسرائيل بحاجة ماسة إلى تكوين صداقات عربية في منطقة معادية. لكن توزيعها بشكل لامبالٍ لتقنياتها سيزيد من غضب العرب. تزامنت زيارة بينيت مع إحياء ذكرى الثورة البحرينية الفاشلة وأدّت إلى المزيد من الاستياء في جميع أنحاء ذلك البلد. الاضطرابات الداخلية ستواصل الاندلاع ما دامت عائلة آل خليفة تتجاهل الدّعوات للإصلاح وتستمر في رفض غالبية سكان البحرين وتعتبرهم مخربين.

النص الأصلي