متى تعرف البحرين أن أمها ليست السعودية بل مصالحها؟
2021-09-01 - 11:29 م
مرآة البحرين (خاص): كم شاهد تريد حكومة البحرين حتى تتيقن أن السعودية ليست أمها ولا شقيقتها الكبرى ولا خالتها، فميزان المصالح لا تحكمه مثل هذه التسميات الرومانسية ولن ترجّح كفّته أن تكون الحكومة ذيلا لهذه الدولة أو تلك.
فـ (الشقيقة الكبرى) كغيرها من الدول تبحث عن مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية. وعندما يتعلق الأمر بهذه العناوين الكبيرة لن يتوقف العمل على تحقيقها على مقال صحفية تستجدي السعودية أو عرضة فاشينيستا ولهانة على السعوديين.
خذ هذا الشاهد، عندما أثّرت جائحة كورونا سلبا على اقتصاديات الدول وراحت كل دولة تشد حزام التقشف على بطن مواطنيها ومن بينها الرياض، اُبلغت المنامة أنها لن تحصل على دفعات كانت مقررة ضمن برنامج التوازن المالي.
يُفترض أن هذه الدفعات ضمن قرض حسن قيمته ١٠ مليارات دولار تمّت جدولة دفعاته مسبقا، إلا أن السعودية وأبوظبي أخلّت بالاتفاق لأنهما تواجهان ظروفا استثنائية بسبب تأثيرات الوباء التي اضطرتهما للاقتراض أو السحب من مدَّخراتهما.
هنا يظهر أن الرياض ليست مستعدة في مثل هذه الكوارث أن تضحي لشقيقتها الصغرى ولا غيرها. الأمر يتعلق هنا بالمصالح العليا للسعودية ومواطنيها، وهذا حق طبيعي ولا تُعاب عليه.
شاهد آخر، إذا ما رجعت الحكومة بذاكرتها للوراء ستعرف لماذا اتخذت السعودية إجراءات عقابية بحق البحرين (وقف إنتاج حقل أبو سعفة) عندما اعتبرت أن اتفاق التجارة الحرة بين البحرين وأمريكا العام 2006 قد أضر بمصالحها القومية وجاء خارج منظومة مجلس التعاون.
هذا اقتصاديا، أما سياسيا، فالشاهد الحي على مراعاة السعودية لمصالحها هو مصالحة قطر دون النظر لما يعنيه ذلك بالنسبة للبحرين التي لا زالت تتلقى الصفعات الإعلامية والسياسية القطرية، بينما تستمر الرياض وأبوظبي في خط المصالحة.
وهذا الموضوع ينسحب على استعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا، فمسار المصالحة يسير بخطوات ثابتة، فقد عيّنت أنقرة سفيرا جديدا لها في الرياض، بينما جرى اتصال هو الأول منذ سنوات بين ولي عهد أبوظبي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
أين البحرين من كل ذلك؟ لا مكانة مهمة. بينما تجري الترتيبات بين الكبار في المنطقة، تنتظر الحكومة البحرينية من مواقع المتفرج ما ستؤول إليه الترتيبات الجديدة التي تشهدها المنطقة.
ستبقى تنتظر، هل ستتعطف عليها تركيا وتغفر لها الأدوار الصبيانية التي كانت تلعبها مثل إصدار إعلان تأييد لاتفاقية بحرية بين اليونان ومصر اعتبرتها تركية تهديدا لحركة الملاحة في البحر الأبيض المتوسط؟
أما فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، فالحوارات بين إيران والسعودية سيتم استئنافها مع انتهاء الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي من تشكيل إدارته، وفقا للقاء جرى بين وزير خارجية إيران ونظيره السعودي على هامش قمة بغداد التي لم تدع لها البحرين أصلا.
لقد لحقت الحكومة البحرينية كذيل بالسعودية في قطع علاقاتها مع إيران يناير من العام 2016، وكان ذلك تبرعا من الحكومة ولم تطلبه السعودية، دون النظر إلى ما يمكن أن تلعبه البحرين من دور حتى في تقريب وجهات النظر لو كانت الحكومة رشيدة فعلا.
في الحقيقة، إن البحرين بلد صغير ولا يمكنه تحمل تبعات الاحتكاك بدول إقليمية كبيرة، أو ملفات حسّاسة مثل: جلب الإسرائيليين للمنطقة، الحرب على اليمن، أو العمل على تشويش العلاقات الخليجية- الخليجية كما تحاول أن تفعله اليوم.
كان يمكن للبحرين من منطلق طبيعتها الجغرافية ومكانتها أن تلعب دورًا استراتيجيا في تحقيق التقارب والاستقرار في منطقة الخليج وكان ذلك حقا عندما انطلق حوار المنامة في سنواته الأولى قبل 17 عاما، ليجمع جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين من منطلق وطني مسؤول، عندما كانت البحرين تنظر لمصالحها بشيء من الواقعية بعيدا عن الارتهان للشقيقة.