البحرين بلا أمنٍ غذائي.. أرض السودان نموذج للعمى الحكومي عن المصالح الاستراتيجية
2021-08-31 - 8:13 ص
مرآة البحرين (خاص): لأن البحرين لا تملك أي شكل من أشكال الأمن الغذائي، فإن خبر مثل رفع شركات الألبان السعودية أسعارها يعصف بمواطنيها. فالبلد لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع، وهكذا فإنها عندما تعتمد في غذائها على "الجار الكبير" فهي دولة تديرها سلطة عمياء عن مصالح شعبها.
هكذا أخطرت أمس الاثنين 30 أغسطس 2021، مصانع الألبان السعودية أصحاب محلات بيع الأغذية في البحرين بأنها سترفع أسعار الحليب ومشتقاته بنسبة تصل إلى 35٪ وأكثر، في وقت نشرت صحيفة البلاد أنّ أسعار المواد الغذائية الرئيسية في الأسواق سجلت ارتفاعا كبيرًا وصلت إلى 100% في بعض السلع مثل زيوت الطبخ، واللحوم إلى نحو 40% بمختلف أنواعها.
يحدث هذا في الوقت الذي لم يمر فيه سوى أسبوعين عن خبر صدور قرار من مفوض مفوضية الاستثمار بالولاية الشمالية في السودان بإلغاء ترخيص وتسهيلات بمنح مساحة 400 كيلو متر للبحرين، الأرض الواقعة بمحلية الدبة والمعروف باسم (خيرات البحرين)، وذلك بناء على الاتفاقية الموقعة بين البحرين والسودان في العام 2013.
قرار ألغته الحكومة الانتقالية في السودان سريعاً، بعد الحرج الكبير الذي عانت منه حكومة البحرين، حيث شن مواطنون وبرلمانيون هجوما على الحكومة بسبب تلكئها لأكثر من 8 سنوات في استثمار الأرض.
وزير الخارجية عبداللطيف الزياني، شكر السودان، وقال إن شركة ممتلكات "تعدّ دراسة" في كيفية الاستفادة من هذه الأرض.
تصريحات الزياني جاءت بعد سنوات من تصريحات رسمية صدرت عن الرئيس التنفيذي لممتلكات، محمود هاشم الكوهجي قال إن "الاستثمار بدأ في أرض السودان"، وهي تصريحات تبين أنها مجرد تصريحات كاذبة اعتاد على مثلها المسؤولون الحكوميون.
رئيس لجنة الخدمات البرلمانية أحمد الأنصاري طالب الجهة المعنية سواء في شركة ممتلكات (الصندوق السيادي)، أو وزارة الأشغال وشؤون البلديات بتوضيح الأسباب التي أدت إلى عدم استثمار الأرض الزراعية"،
مشيرا إلى أن مشروع «خيرات البحرين» "كان يمكن أن يمثل مصدراً كبيراً لاحتياجات البحرين من الخضروات والفواكه واللحوم، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد".
من جانبه، قال النائب عبدالرزاق حطاب إن استرداد الأرض جاء لعدم استغلالها طيلة ثمان سنوات مما يدل على فشل الجهات المسؤولة، مؤكدا أن "المشروع يقدر بعشرة أضعاف ما هو متاح محلياً في البحرين".
وبحسب دراسة أعدها الاستشاري الاقتصادي فريد كرايمه في العام الماضي 2020 بعنوان (واقع الأمن الغذائي في مملكة البحرين: الفرص والتحديات)، فإن البحرين احتلت المرتبة 50 في عام 2019 (من بين 113 دولة) في تحقيق الأمن الغذائي.
الدراسة نفسها تقول إن الإنتاج الزراعي وصيد الأسماك مازالا محدودين جداً ولا يشكلان سوى 1٪ من الناتج المحلي. وهو رقم يمكن وصفه بأنه رقم فضائحي يكشف عن الغيبوبة الحكومية عن مجال استراتيجي مصيري لا غنى لأي شعب عن تحقيق الأمن الكامل فيه.
ورغم أن حكومة البحرين تمتلك - على الورق- استراتيجية للأمن الغذائي للدولة، لكنه ليس معلوماً حتى الآن مدى التقدم الحاصل فيها، خصوصا فيما يتعلق بالهدفين المعلنين من قبلها، وهما: رفع مساهمة الإنتاج المحلي من الخضروات بنسبة 20٪ ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك إلى 62٪.
البحرين ليس لديها اكتفادٌ ذاتي لا في الحليب، ولا الخضروات، ولا الأسماك ولا اللحوم، ولا القمح، ولا الفواكه، ولا أي شيء ولا حتى الطماطم. لا توجد سلعة غذائية واحدة تستطيع الحكومة القول إنها أمنّتها من داخل البلاد بشكل كامل.
يحدث هذا في الوقت الذي أنفق فيه عباقرة شركة ممتلكات على الاستثمار في شركة مكلارين للسيارات وطيران الخليج أكثر من 4 مليارات دولار خلال العقد الأخير فقط، رقم لو استثمرته البحرين في الأرض التي وفرتها دولة السودان لها لكانت اليوم تُصدِّر للدول المجاورة وغيرها ما يفيض عن حاجتها.
المفارقة أن الجارة قطر حققت خلال أعوام الحصار الاكتفاء الذاتي في الحليب، وبحسب مؤسسة إكسفورد قروب سوف يصل حجم استثمار قطر في إنشاء بيوت زجاجية للزراعة خلال العامين المقبلين إلى 786 مليون ريال قطري، كل هذا لكي لا يستطيع أحد خنقهم كما حدث في أول أسابيع الحصار الخليجي المصري العام 2017.
يحدث هذا، بينما تعيش أساطين القيادة السياسية في البحرين، على النشوة الشعورية كل صباح عبر قراءة مقالات الصحف الرسمية. يا للمسخرة!.