عائلة (بدّاو) شاهدة المعاناة وارثة النضال المستمرّ

المرحوم الحاج محسن بداو بمعيّة الراحل المرحوم الشيخ الجمري
المرحوم الحاج محسن بداو بمعيّة الراحل المرحوم الشيخ الجمري

2021-07-15 - 10:47 ص

مرآة البحرين (خاص): لا ينسى أهل البحرين المرحوم الحاج محسن بداو، عاشق الشيخ الجمري، الرجل الفقير الذي يبيع السمك، ويصر بكل طريقة ممكنة اختراق نسيج حصار قوات الأمن للمنطقة التي يقع فيها منزل الشيخ الجمري، ليوصل السمك لعائلة الشيخ.
رحل الحاج بدّاو، الرجل ذو اللحية البيضاء، الذي يتذكر الناس للآن صرخته وهو يدخل بمعية الشيخ للمسجد والجامع «بالرّوح، بالدم نفديك يا جمري»، أو "معكم معكم ياعلماء".
رجل فريد مقاوم رحل بعد رحيل معشوقه بعام واحد، لكن بداو ترك وراءه عائلة فريدة في الإيمان وحب الوطن، فها هو أمس نجله عليّ ينضم لثلاثة من أبنائه المعتقلين المحكومين بالسجن لعشرات السنين.
استمراراً في التضييق على عائلة بداو اعتقلت السلطات أمس الحاج علي بداو (64 عامًا) بعد حضوره التحقيق مع نجله حسن الذي يعاني إعاقة لدرجة أن المحقق لا يستطيع فهم كلامه إلا بمساعدة الأب.
الغريب أن سلطات الأمن قررت بعد التحقيق مع الابن اعتقال الأب لمدة ساعات وبعدها تم الإفراج عنه بكفالة مالية قدرها 200 دينار.
الابن الحاج علي محسن منذ سنوات وهو يحملُ على ظهره معاناة ترهق الجبال الرواسي، ثلاثة في السجن، نجله محسن محكوم بالسجن بأكثر من مئة سنة، والابنان الآخران: رجائي ومحمد يحملان أحكاماً دون المئة.
غياب العدالة والمساواة، القمع اللامحدود، والتوسع في العقاب الجماعي لمناطق وعوائل، هو نهج رسمي له شواهده المتعددة في البحرين، وإحدى أبرز هذه الشواهد: عائلة بداو.
كما يمتلك الشعب البحريني دلائل متعددة على تمسكه بالحق جيلاً بعد جيل، دون كلل ولا ملل، ومن هذه الشواهد أيضًا: عائل بداو التي يتوارث أبناؤها النضال لأجل الحق والعدالة والحرية في البحرين.
محسن علي بداو خرّيج معهد البحرين للتدريب، يبلغ من العمر 24 عامًا عندما ألقت السلطات القبض عليه في منزل خطيبته في العام 2015. تعرّض للتعذيب وحكمت السلطات عليه بتهم متعددة تتعلق بأعمال إرهابية عن طريق المحاكمات غير العادلة التي أدانته فيها غيابيًّا استنادًا إلى اعترافاته التي أدلى بها تحت التعذيب.
أدانته السلطات بقضايا إضافية بعد اعتقاله وحكمت عليه بالسجن لمدة 130 عامًا بسبب اتهامات تتعلّق بالتجمعات غير الشرعية وحيازة مواد متفجّرة وتفجيرها والاعتداء على مسؤول حكومي وغيرها.
وفي 15 سبتمبر 2015، تم اعتقال رجائي بدّاو دون مذكّرة توقيف أثناء مغادرته المسجد، من قبل ضبّاط يرتدون ملابس مدنيّة خرجوا من سيّارة كانت تسير خلفه. ركضوا وراءه وأحاطوا به وألقوا به على الأرض، وهدّدوا بقتله من خلال توجيه مسدّس نحو رأسه. تمّ الحكم على رجائي بالسجن المؤبد.
أما الأخ الثالث محمد بدّاو فقد اعتقلته السلطات في 17 يناير من العام 2017 بتهم ذات خلفيات سياسية ويبلغ مجموع أحكامه 35 عاماً.
ما زالت عائلة بدّاو تسجل اسمها كواحدة من العوائل البحرينية التي تعيش الاستهداف المستمر، وتعيش حتى اليوم في عمق المعاناة، تفككت الأسرة، وتعرض منزل العائلة للمداهمات المتكررة، ثم اعتقال أبنائها الواحد تلو الآخر وإصدار أحكام قاسية جدًا بحقهم.
الراحلون مضوا، لكنهم تركوا في جينات الأحفاد التطلّع نحو الإصلاح والعدالة لأجل البحرين، وكل يوم يمرّ هو يوم أقرب للحرية.