الوكيل السام: هكذا طارد عبدالحي العوضي الأطباء البحرينيين في الدول الخليجية

عبدالحي العوضي
عبدالحي العوضي

2021-03-07 - 12:56 م

مرآة البحرين (خاص): يمكن الجزم أن تفاقم البطالة وسط الأطباء البحرينيين، وبلوغها مستويات صادمة وغريبة جدا (400 طبيب بحريني عاطل بحسب إحصائية العام 2019) بأنّها بطالة مصطنعة عمدا.
استهداف السلطات للأطباء البحرينيين الشيعة تحديدا، يستند إلى ادّعاءات سيطرة الشيعة على وزارة الصحة، وهي ادّعاءات قديمة تعود إلى الثمانينات، لكنّها طفت إلى السطح منذ التسعينات، وصار يُعبّر عنها بشكل واضح في أوساط الموالاة.
إنّه ليس استهدافا للمهنة بقدر ما هو استهداف للانتماء الطائفي، وهي صورة من الحرب الطائفية المستمرة ضد المواطنين الشيعة في البحرين بهدف الإلغاء والإقصاء، عبر إضعاف أي حضور لهم، والنيل منه حتى لو كان حضورا طبيعيًا مبنيًا على الكفاءة.
يشن هذه الحرب - بحسب رأي عدد من الأطباء والعاملين في القطاع الصحي- طرفان، الأول العائلة الحاكمة، لأنها تنظر إلى كل من ينتمي لهذه الطائفة بأنّه يشكل تهديدا وجوديا لها، والثاني هم أفراد التيار السلفي والإخواني وما يمثلونه من امتداد خليجي أو إقليمي، وكل ما يقومون به مصدره الفكر الطائفي، والمحافظة على المصالح، مستفيدين من الصراع الإقليمي المحتدم، والأزمة السياسية الداخلية.
يروي مصدر هام التقته مرآة البحرين، شهادات عن أحداث وأحاديث سمعها بنفسه أوائل العام 1995 حين كان طبيبا عاملاً في مستشفى السلمانية، من الوكيل السابق في وزارة الصحة، الدكتور عبد الحي العوضي، المعروف بانتمائه الصريح لتيار الإخوان المسلمين، وقد كان حينئذ استشاري قلب بالمستشفى.
يقول إن العوضي كان ينفث سمومه الطائفية ويتكلم بمرارة عن توظيف الشيعة في أقسام المستشفى، ويذكرهم قسما قسما، وفئة فئة، أكانوا فنيين أو ممرضين أو مهندسين أو أطباء أو إداريين. "كان الرجل يبدي سخطه على الدوام مما يسميه التوازن الطائفي المفقود في تعيينات اللجان أو رئاسات الأقسام في الوزارة رغم قلة أعداد الموظفين من الطائفة السنية الكريمة فيها".
"كان لهذا الرجل صولاته وجولاته في منع دخول بعضنا أقساما مثل تخصص القلب، وكان يستقدم أطباء من الهند، ولا يريد أن يضطر لقبول طبيب بحريني واحد من الطائفة الشيعية في هذا القسم!"، يقول المصدر.
بدأت ملامح هذه السياسة تظهر في الابتعاث للتدريب، فلا يُبتعث طبيب شيعي إلى تخصص ما، إلا مع آخر سنّي، وإذا لم يُوجد طبيب سنّي معه، يتم وقف أوراق ابتعاثه. من جهة أخرى، وضعت كل العراقيل والصعوبات أمام دخول الأطباء البحرينيين الشيعة لتخصصات في بعض الأقسام مثل القلب، وتم إدخال مجنسين فيها بدلا عنهم.
استطاع العوضي فعل كل هذا حين كان مجرد طبيب استشاري بلا منصب إداري، لأن نفوذه كان بالغا في ديوان الخدمة المدنية، ووسط بعض المسئولين في الوزارة، فما بالك حين صار رئيسا للأطباء في مستشفى السلمانية، ومن ثم وكيلا مساعدا، ثم وكيل وزارة في عهد الوزيرة الإخوانية الطائفية فاطمة البلوشي التي استلمت الوزارة خلال أحداث وحراك العام 2011.
شغل عبدالحي العوضي منصب وكيل وزارة الصحة من العام 2009 حتى شهر سبتمبر 2011، خلال هذه الفترة، تمكّن العوضي من بناء منظومة إدارية كاملة تخدم هذه التوجهات، لكن ما حصل بعد 2011 كان تتويجا لجهوده وخططه بعيدة المدى.
كان الأطباء الشيعة العاملون بالوزارة العقبة الكأداء لهذه الخطة، وتم التغلب عليهم عبر الاستعانة بالأمن والعسكر والسياسة، بالاعتقالات والمحاكمات والفصل والتوقيف عن العمل، وإذلال من تبقى منهم وجعلهم يعيشون حالة من الاضطراب المهني حتى لو كانوا على رأس عملهم دون اعتقال أو محاكمة، ليعملوا تحت ظروف مرعبة وقاسية، ما أجبر الكثير منهم على التقاعد المبكر والانسحاب من هذه البيئة الطاردة.
أُنجز هذا التطهير بالتوازي مع عسكرة الإدارة وإخضاعها أمنيا، في فترة الطوارئ (السلامة الوطنية)، عبر الدكتور سلمان الخليفة، وعائشة بوعنق (قبل تعيينها وكيلة)، ثم فاطمة البلوشي والعوضي وباقي طاقم المنظومة من جاسم المهزع ووليد المانع وفاطمة عبدالواحد.
لم يكتف عبدالحي العوضي بما فعل عند هذا الحد، بل أصبح سامّا أكثر، إذ راح يطارد الأطباء الشيعة في باقي دول الخليج، وأصدر تعميما بمنع توظيف أي طبيب بحريني في المؤسسات الصحية الحكومية (داخل دول الخليج) دون موافقة من وزارة الصحة البحرينية، وعلى إثرها منع توظيف من أراد الفرار من البحرين لدول الخليج، بل وصل الأمر لفصل أطباء بحرينيين عاملين في قطر حينها!
وبحسب معلومات مرآة البحرين الخاصة، فإن العوضي لم يكن طائفيا فقط، بل كان فاسداً حتى النخاع، وخلال الفترة الأولى من توليه منصب وكيل في وزارة الصحة، حصلت "الصيدلية الدولية" (وهي صيدلية تملكها عائلته وكان عضو في مجلس إدارتها آنذاك. تم تغيير اسمها لاحقاً إلى (صيدلية البحرين)، خلال أربع سنين فقط على مناقصات من وزارة الصحة بما يفوق 20 مليون دينار بحريني.
وبفضل هذه الملايين، والمناقصات المستمرة مع وزارة الصحة، تملك عائلة العوضي الآن بالشراكة مع آخرين، النسبة الأكبر في واحد من أضخم المستشفيات الخاصة الجديدة في البحرين، وهو مستشفى السلام في الرفاع، الذي تم افتتاحه في العام 2019، وهو مستشفى يمتد على مساحة 27000 متر مربع، ويتكون من 11 طابقًا، وبطاقة استيعابية 70 سريرًا، وتحوز عائلة العوضي في مجلس الإدارة مقعدين وهما للأخوين: عبدالمجيد العوضي (وكيل وزارة الكهرباء سابقاً)، وعبدالحي العوضي (وكيل وزارة الصحة سابقا)، أما الرئيس التنفيذي للمستشفى الآن هو رامز العوضي. كما تحوز العائلة مقعداً في المجلس الأعلى للصحة حيث يمثلهم عبدالحي العوضي فيه بصفته ممثلاً للمؤسسات الصحية الخاصة.