مع الدكتور عمران: «تدريب الأطباء» أين كنّا وكيف أصبحنا (2)

الدكتور قاسم عمران في أروقة مستشفى ميتشغن في الولايات المتحدة الأمريكية
الدكتور قاسم عمران في أروقة مستشفى ميتشغن في الولايات المتحدة الأمريكية

2021-03-05 - 12:26 م

مرآة البحرين (خاص): من الذي وضع البرنامج التدريبي المعمول به حالياً لدى وزارة الصحة لتدريب الأطباء الجدد واستيعابهم؟، كم مضى عليه؟، هل لا زال ملائماً؟، كم يقضي الطبيب المتدرب ليتخرّج من هذا البرنامج؟، السؤال الأهم هو: لماذا تأخرنا في البحرين عن الركب، وصارت دول كان يتعالج مواطنوها عندنا أكثر تقدماً منا في القطاع الصحي، هل السبب هو عامل ماديّ، أم عامل بشريّ؟
يعيد الدكتور قاسم عمران لفت الانتباه إلى اللبنات الأولى للتدريب الطبي في وزارة الصحة التي تم وضعها في عهد وزير الصحة الأسبق الدكتور علي فخرو. ويرى أنها كانت «تعكس نظرة موضوعية ووطنية، وتفهما لأهمية التدريب الطبي المحلي في بناء مشروع صحي وطني».
ويضيف «كان برنامج التدريب الطبي كأي مشروع آخر بحاجة إلى العمل على تطويره وزيادة كفاءته، وسد الثغرات فيه، لكن للأسف كان التطوير فيه محدودا، كما كانت هناك عيوب بنيوية في الهيكل التدريبي من أجل استيعاب وتدريب الخريجين في وزارة الصحة».
وعن تلك العيوب يوضح عمران «لقد أصبح الطبيب البحريني - إذا حصل على تدريب في وزارة الصحة- يقضي ما بين خمس إلى عشر سنين أو أكثر، من أجل أن يتخرج من البرنامج التدريبي، بينما نجد في برامج التدريب الرصينة لدى دول أخرى، أن برنامج التدريب لا تتجاوز مدته ثلاث أو أربع سنوات على الأكثر».
ويعتقد أن البرنامج التدريبي المعمول به الآن «مهترئ ومرتع لفشل الكثير من الكوادر وتعثرهم، وسبب لضياع سنين من أعمارهم».
ويرى أن البرنامج بشكله الحالي صارا سببا من أسباب تراجع البحرين في المجال الطبي. «لقد سبقت البحرين دول الخليج في تأسيس البرامج التدريبية للأطباء والممرضين والفنيين الصحيين، لكنها صارت اليوم في مؤخرة ركب الدول الخليجية التي بَنى العديد منها برامج تدريبية وطنية رصينة».
ويعزو ذلك إلى أن تلك الدول صممت برامجها بعيدا عن العشوائية وعن الاستجابات المبنية على ردات الفعل أو تلك التي تحكمها سياسات قصيرة النظر، وحسابات ضيقة وأهداف متواضعة، بحسب وصفه.
ويتساءل عمران «ياترى ما لذي يجعل من دولة متقدمة إداريا في وقت ما، تتراجع إلى ما دون ذلك المستوى النسبي الذي كانت عليه هي سابقا؟، بل نراها تتراجع في مسارها رغم أقدميته على من سواه من دول الجوار؟».
ويعلق «الفارق ليس بسبب العامل المادي، بل لأسباب تتصل مباشرة بالعامل البشري الإداري وسياسات التنفيذ (..) وسوء النوايا».
يرى عمران أنّ «العوامل تتشابك، البريء منها والخبيث»، ويتابع «في النتيجة أدى ذلك لحركة تدريبية مشلولة ومعطوبة تعاني العجز والتلكؤ عن استيعاب الخريجين الجدد منذ تسعينات القرن الماضي».
وأضاف «لا أذيع سرا إن قلت إن ما يحصل من بطالة للعاملين الصحيين بمختلف فئاتهم المهنية من أطباء وممرضين وفنيين ومساعدين صحيين، هو في جزء منه انعكاس للصراع متعدد الأوجه في هذا البلد».
«صراع يحسم نتيجته ويقرر اتجاهه التمييز البشري المعمول به في هذا الوطن ومحدداته المُؤسَسَة: على الولاء السياسي، الانتماء الطائفي، المرجعية العائلية، الانحدار العرقي، والتابعية السكنية".بحسب رأي عمران.
ويعلق «لن يجهد المتابع كثيرا في تحديد الفئة المتضررة من العاطلين بناء على هذا المؤشر».
تشابكت العوامل السياسية والإدارية إذن، لكن الواضح أن أزمة الأطباء العاطلين تحتاج يد مُصلحة، فهل تغتنم الحكومة الجديدة فرصتها وتنظر بعين وبعقل ملؤهما حسابات المصلحة البحرينية الجامعة، أم تستمر فكرة الانتقام المجنونة وتتكرر الأخطاء لتنخر باقي القطاع الصحي المنهك.