بعد عقد على احتجاجات 2011، لا يزال مسلسل القمع مستمرًا في البحرين

محتج في منطقة دوار اللؤلؤة مهد الاحتجاجات البحرينية ضد سياسات العائلة الحاكمة
محتج في منطقة دوار اللؤلؤة مهد الاحتجاجات البحرينية ضد سياسات العائلة الحاكمة

إيزابيل ديبري - وكالة أسوشيتد برس - 2021-02-13 - 12:17 م

ترجمة مرآة البحرين

مرّ عقد على تجمع المتظاهرين في عاصمة البحرين للمطالبة بإسقاط حكومة بلادهم في العام 2011، وتواصل السلطات قمع كل المؤشرات على المعارضة. ويقول النشطاء وراء تلك الأيام المضطربة إنّ ذكرى الاحتجاجات التي هددت قبضة النظام الملكي السني على السلطة اندثرت.

مع ذلك، لا يزال الكثيرون يعانون من العواقب.

وقال جواد فيروز، وهو شخصية بارزة في جمعية الوفاق الشيعية، المحظورة حاليًا،  والذي أُسقِطَت جنسيته بسبب عمله السياسي في العام 2012 إنها ""كانت بداية العصر المظلم".

وعلى الرغم من تعرض عدد من النشطاء والمتظاهرين للنفي أو السجن، لا يزال خطر الانشقاق قائمًا في هذه المملكة الصغيرة، ذات الغالبية الشيعية، الواقعة مقابل الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية. وبخلاف  الدول الخليجية المجاورة، هزّت اضطرابات خفيفة البحرين في السنوات الأخيرة. ويقول السكان إن الشرطة انتشرت بكثافة في شوارع المدينة خلال الأسبوع الماضي، فلم يخاطروا بتجديد التظاهرات. وتوقف عمل الموقع الإلكتروني الخاص باللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق،  المُنشأة بتكليف من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ونُشِر عليه تقرير مستقل عن احتجاجات 2011 والحملة الحكومية التي أنهتها، بشكل غامض قبل استعادته يوم الخميس. ووصفتها الحكومة الأمر بأنّه "خلل فني" من دون ذكر أيّ تفاصيل.

انطلاقًا من 14 فبراير / شباط 2011، وعلى مدى أسابيع، احتشد آلاف المتظاهرين في الشوارع في جميع أنحاء البحرين، بتشجيع من الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي تعصف بمصر وسوريا وتونس واليمن. نُظِّمَت احتجاجات البحرين بشكل أساسي على يد شيعة البلاد، الساعين للحصول على  المزيد من الحقوق السياسية في الدولة الخليجية التي تُعَد حليفًا رئيسًا للغرب، وموطنًا للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية.

وتحدثت نزيهة سعيد، المراسلة لصالح قناة تلفزيونية فرنسية في تلك الفترة، عن الاحتجاجات فقالت إنّ "الأمر كان هائلًا" ، ووصفت الأيام العصيبة في دوار اللؤلؤة، المركز الرمزي للعاصمة المنامة، والذي دمرته السلطات لاحقًا بالجرافات بالقول: "لم أرَ شيئًا كهذا من قبل. نسي الناس أننا كنا مملكة خليجية تدعمها أنظمة ملكية قوية". وقالت نزيهة سعيد إنه سرعان ما تدهور الوضع. حاولت القوات الأمنية تفريق الاعتصام، وردّت على الاحتجاجات بسيول من الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وبالرصاص الحي في بعض الحالات. أطلقت الشرطة النار أمام أعينها على متظاهر في رأسه،  على بعد 20 مترًا فقط. وأضافت نزيهة سعيد أنّها اعتُقِلت وتعرضت للضرب على خلفية نقلها ما شاهدته للصحفيين الأجانب.

وأكّدت نزيهة سعيد، التي تقيم الآن في المنفى في برلين، إنها لا تستطيع العودة إلى ديارها. فرضت البحرين عليها غرامة قدرها 2650 دولارًا في العام 2017 بسبب عملها ببطاقة صحفية صادرة عن الحكومة. وفي الوقت ذاته،  رفضت الحكومة اعتماد صحفيَّين من أسوشيتد برس، وفرضت منذ ذلك الحين قيودًا مشددة على تأشيرات الدخول لتغطية أخبار الجزيرة.

ومع ازدياد العنف لأسابيع في فبراير/ شباط 2011، تصاعدت المظاهرات لتصبح حراكًا شعبيًا عابرًا للانقسامات الطائفية. وتحولت دعوات الإصلاح الدستوري إلى مطالب بتفكيك البنية السياسية للبلاد. طلب النظام الملكي مساعدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المجاورتين، داعيًا قوات أجنبية لسحق الاحتجاجات.

بعد حملة القمع، أمر الملك حمد لجنة، معترف بها دوليًا، ومكونة من خبراء وعلماء برئاسة أستاذ القانون الراحل شريف بسيوني، بالتحقيق. ويصف التقرير الناجم عن عملها، والمكون من 500 صفحة، تستند على أكثر من 5100 مقابلة مع متظاهرين وسكان، سجونًا ملأى بالتعذيب، وعشرات الاعتقالات التعسفية وانتزاع اعترافات قسرية ضد أولئك الذين ألقي القبض عليهم في حملات التفتيش والمداهمات. وأضافت أن المعتقلين تعرضوا للضرب وأجبروا على تقبيل صور الملك ورئيس الوزراء. وبعد عقد من الزمان، يقول نشطاء داخل البحرين وفي المنفى إنّ الحرية في بلادهم أقل بكثير مما كانت عليه في العام 2011. سرّعت الحكومة حملتها القمعية، ووصفت الانتقادات الموجهة إليها بأنها مؤامرة إيرانية لتقويض البلاد. ألقت البحرين باللائمة على إيران في إثارة احتجاجات العام 2011 أيضًا، على الرغم من أن تقرير بسيوني وخبراء آخرين لم يجد أي دليل على ذلك. وتنفي طهران التدخل في شؤون البحرين، على الرغم من ربط الأسلحة المضبوطة في الجزيرة بإيران.

وحتى إيران، في عهد الشاه السابق، حاولت المطالبة بالبحرين كجزء من أراضيها.

قبل الذكرى السنوية لأحداث 2011، لم يستجب المسؤولون البحرينيون للطلبات المتكررة من قبل وكالة أسوشيتد برس للتعليق. منذ العام 2011، لم تستهدف السلطات الجماعات السياسية والزعماء الدينيين الشيعة فحسب، بل استهدفت أيضًا نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين على الإنترنت. أصبحت المحاكمات الجماعية أمرًا شائعًا. حُلَّت الأحزاب السياسية، وصار جمع الأخبار المستقلة في الجزيرة مهمة شبه مستحيلة. وفي الوقت ذاته، كانت هناك هجمات متفرقة خفيفة على الشرطة وأهداف أخرى من قبل الجماعات الشيعية المتشددة.

يمكن حتى لتغريدة أن تؤدي إلى سجن المرء، على الرغم من أن دستور البحرين يضمن لمواطنيها حرية التعبير. لم يتم الإفراج عن نبيل رجب، وهو أحد أبرز قادة الاحتجاجات في العام 2011، إلا في العام الماضي، وهو يخضع الآن للسجن المنزلي بسبب جائحة فيروس كورونا، بعد أن قضى سنوات من عقوبة بالسجن، انتُقِدَت دوليًا.

ومع تفشي جائحة فيروس الكورونا في البلاد في مارس / آذار الماضي، أعلنت الحكومة أنها ألقت القبض على أكثر من 40 شخصًا لنشرهم شائعات حول الفيروس و "زعزعة الأمن". ووفقًا للنشطاء، في الخريف الماضي، بحثت السلطات عن المعارضة على الإنترنت في أعقاب وفاة رئيس الوزراء، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي أمضى فترة طويلة في منصبه. وكانت استقالته أحد المطالب الرئيسة للمتظاهرين في العام 2011، بالإضافة إلى محاكمته بتهمة الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. وقال أحد البحرينيين، وهو صحفي سابق رفض الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام، إنه زُجَّ به وراء القضبان لمدة أسبوعين بعد أن نشر آية قرآنية على وسائل التواصل الاجتماعي رأت قوات الأمن إنها تشير إلى أنه شعوره بالشماتة لوفاة رئيس الوزراء. وادعى أحد المعتقلين في الزنزانة نفسها أنه نشر بعض الأشعار المشحونة بالسياسة، في حين غرّد شخص آخر بعبارة "صباح الخير". وقال الشاب البالغ من العمر 47 عامًا إنّه "منذ العام 2011، تراجعنا فقط" مضيفًا أنّ "المعنى الوحيد للمعارضة في البحرين، في الفترة الحالية، هو محاولة توثيق اعتقالات أصدقائك".

النص الأصلي