هل يعرف المطبعون عن جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين؟ وهل يهتمون لذلك حتى؟

تظاهرة ضد التطبيع في غزة (أغسطس 2020)
تظاهرة ضد التطبيع في غزة (أغسطس 2020)

معتصم دلول - موقع ميدل إيست مونيتور - 2020-12-24 - 7:14 م

ترجمة مرآة البحرين

زار بعض الصحفيين من الإمارات والبحرين إسرائيل وأثنوا على دولة الاحتلال وشعبها. وأعربواعن إعجابهم زاعمين أن الإسرائيليين مسالمين، ويعلّمون السلام لأطفالهم في سن مبكرة.

كما زاروا تل أبيب، ورافقتهم لورينا الخطيب من وزارة الخارجية، واستمتعوا على ما يبدو بالشواطئ "الجميلة". ذهبوا أيضًا إلى مرتفعات الجولان المحتلة في سوريا، برفقة النّاطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وأعربوا عن افتخارهم لأن حزب الله اللبناني، الذي قالوا إنّه عدو لهم، يُهاجَم من قبل إسرائيل.

وترأس الوفد أمجد طه، الذي مُنِح مؤخرًا الجنسية البحرينية. زعم أن هناك اتفاق تام على "التعايش" بين اليهود الإسرائيليين والعرب وغيرهم. ونظر الإماراتي ماجد السارة إلى الإسرائيليين في منتزه في تل أبيب وقال "إنّ هذا مثال حي على التّعايش". وأضاف أن الأطفال الإسرائيليين استقبلوهم "بالحب والابتسامات والسّلام".

وأوضح الرئيس الإسرائيلي أنّه "عندما نتحدث عن السّلام، يكون ذلك بين الشّعوب.." عند زيارة الوفد له في منزله. وأضاف أنّه "لنتطلع إلى المستقبل بأن تكونوا الجسر الذي سيحقق الكثير من التفاهم بين كل الشعوب في المنطقة. ذلك من دواعي السرور".

وقالت مشاعل الشّماري، وهي شابة بحرينية عرّفت عن نفسها بأنها ناشطة ثقافية، إنّها فوجِئت "بالتّنوع الثقافي" في إسرائيل و"كمية السّلام" بين الناس الموجودين، مضيفة أنّ "السّلام مزروع حتى عند الأطفال". وصرّحت لقناة مكان التلفزيونية أنّه "تم تضليلنا بشأن إسرائيل. علّمونا أنّ [الإسرائيلييين] يكرهوننا، مع ذلك، حين عرفوا أنّنا قادمون من دولتي الإمارات والبحرين العربيتين، رحّبوا بنا".

وفي ورشة عمل إلكترونية مع صحفيين إسرائيليين منذ شهرين، قال رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين محمد الحمادي إنّه "نحتاج إلى تغيير الصورة النّمطية في عقول العرب بأن الإسرائيليين يقتلون الفلسطينيين. وهذه الصورة تعكسها قناة الجزيرة بشكل خاص". ويبدو أنّ الوفد الأخير يشكّل جزءًا من هذا التّغيير. ولم يكن ذكر اسم قناة الجزيرة القطرية على وجه التّحديد مجرد صدفة، نظرًا لأن الإمارات والسعودية والبحرين كانت تحاصر هذه الدولة المجاورة منذ العام 2017.

في وسط  عمليتي التّطبيع والتّبييض هاتين من قبل وسائل إعلام عربية لعنف إسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، يتم تجاهل الواقع. أنا فلسطيني، بالطّبع، وبالتّالي، لتجنب الاتّهامات بالتّحيز [لطرف ما]، فلننظر إلى ما يقوله الآخرون عن معاملة إسرائيل لشعب فلسطين.

آفي شلايم أستاذ للعلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد. في مقابلة معه على القناة الرابعة البريطانية الأسبوع الماضي، قال بشكل واضح إنّ إسرائيل مسؤولة عن تهجير الفلسطينيين وترحيلهم في العام 1948. وليس شلايم وحده. إذ يُفَصّل كتاب أستاذ التّاريخ الإسرائيلي، إيلان بابيه، الصادر في العام 2006، بعنوان "التّطهير العرقي لفلسطين" الجرائم المُرتكَبة بحق الفلسطينيين حين أُنشِئَت إسرائيل في أرضهم. في الواقع، لا يزال التّطهير العرقي مستمرًا منذ ذلك الحين. المُطبعون الجاهلون، كهؤلاء الصحفيين من الإمارات والبحرين، يكذبون. 

يزعمون أن إسرائيل قائمة على "التّعايش"، في حين كتبت لي يارون يوم الجمعة عن أبناء الأجانب والعمال الذين يُفصَلون عن بقية الأطفال في المدارس الإسرائيلية. وقالت إن "تحقيقًا أجرته صحيفة هآرتس وجد أن بلدية تل أبيب ويافا ترسل المئات من أبناء العمال وطالبي اللجوء إلى مدارس مخصصة لهم، لا يوج فيها أطفال إسرائيليون". 

القضية لا تتعلق بالفصل وحده، بل أيضًا بالمعايير المتدنية للتعليم. إذ أشارت يارون إلى أن "المعايير التربوية تختلف غالبًا هنا أ]ضًا". في الواقع، تم قبول ابن طالب للّجوء، ويُدعى "ناهوم"، في مدرسة للطلاب الإسرائيليين، لكن رُفِض لاحقًا، وهو "الآن في الصف الثالث، وما زال لا يجيد القراءة والكتابة". وفي حين ينفي مسؤولون إسرائيليون وجود مثل هذا التّمييز، وجدت يارون أن "شخصيات رسمية من بلدية [تل أبيب] صرّحوا هنا للمرة الأولى، وقدّموا صورة واضحة: 2228 من 2433 من أبناء المهاجرين وطالبي اللجوء (91.5 بالمائة) في المرحلة الابتدائية يذهبون إلى مدارس مخصصة للأجانب وحدهم". 

وفي افتتاحية حول القضية ذاتها، تساءلت هآرتس :"لماذا تمارس تل أبيب التعددية الليبرالية التّمييز ضد أطفال الأجانب في المدرسة؟" عكس هذا الصّدمة من أن نوع التّمييز الذي تشهده المدن الإسرائيلية الأخرى مثل بتاح تكفا وإيلات ونتانيا، يحدث الآن في تل أبيب "المستنيرة والتعددية والليبرالية". التّمييز واسع الانتشار في المجتمع الإسرائيلي، ومُكَرّس في القانون. ويمكن ملاحظته على وجه الخصوص في مجالات التربية والصحة والقضاء والإسكان. 

ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية، يجعل قانون الدولة اليهودية، الذي تبنته إسرائيل في العام 2018، "بناء مساكن لليهود دون غيرهم، ويلغي وضع اللغة العربية كلغة رسمية في إسرائيل". وفي التقرير ذاته، أفاد أن الاحتلال الإسرائيلي "وافق [في العام 2019] على بناء 5995 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية، باستثناء القدس الشرقية، مقابل 5618 وحدة في العام 2018 بأكمله". في غضون ذلك، "هدمت 504 منزلًا ومبنىً للفلسطينيين حتى تاريخ 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2019... وأدّى الهدم إلى تهجير 642 شخص بتاريخ 16 سبتمبر / أيلول، أي أكثر من عدد الأشخاص الذين هُجِّروا في العام 2018 (وعددهم 472 شخص)". 

وأشار التقرير ذاته إلى أن الحكومة الإسرائيلية "واصَلَت فرض قيود صارمة وتمييزية على الفلسطينيين" في مجال حقوق الإنسان، وحدّدت حركة الأشخاص والبضائع من قطاع غزة وإليه، وسهّلت نقل المواطنين الإسرائيليين إلى المستوطنات في الضفة المحتلة، وهي ممارسة غير شرعية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان". 

وعلاوة على ذلك، "واصلت القوات الإسرائيلية المتمركزة على الجانب الإسرائيلي من السّياج الفاصل بين غزة وإسرائيل إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين داخل غزة، الذين لم يُشَكلوا أي تهديد مباشر على الحياة، وذلك تنفيذًا لأوامر كبار المسؤولين بإطلاق النار، ما يتعارض مع المعايير الدّولية لحقوق الإنسان. ونقلت هيومن رايتس ووتش عن مصادر مطلعة أن القوات الإسرائيلية قتلت 34 فلسطينيًا، وأصابت 1883 منهم بالذخيرة الحية خلال التّظاهرات في العام 2019. أَضف إلى ذلك آلاف الفلسطينيين الذين قُتِلوا على يد إسرائيل بين العامين 2008 و2014 خلال الهجمات العسكرية للكيان المحتل. وأصيب آلاف الآخرين بإصابات غيرت حياتهم، كما هُدّمَت عشرات آلاف المنازل. 

وثّقت منظمات أخرى، مثل العفو الدولية، ومنظمة بتسليم الإسرائيلية الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. ومع ذلك، يعتقد هؤلاء البلهاء من الإمارات والبحرين أن الاحتلال الإسرائيلي نعمة، وأن الفلسطينيين وحوش. هل هم عميان، وأغبياء كذلك؟

بالطبع، يشكل الكذب من أجل تبييض الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وحقوق الإنسان سياسة حكومية الآن في الإمارات والبحرين، وعلى الأرجح لدى المُطبعين الآخرين مثل السودان والمغرب. ومزاعمهم بأن التّطبيع أوقف الانتهاكات الإسرائيلية زيف كامل. مثل هؤلاء "الصحفيين" و"النشطاء" لا يؤدون أي خدمة لأنفسهم أو لشعوبهم من خلال الترويج لأكاذيبهم. هل يعرف هؤلاء الكاذبون المبدئيون بجرائم إسرائيل؟ أو يهتمون لذلك حتى؟ 

 

النص الأصلي