لماذا تجرّأ عبد الرحمن فخرو على العامل البحريني؟
2020-07-27 - 10:49 ص
مرآة البحرين (خاص): بخلاف بقيّة التجّار الحذرين، لا يستطيع عبد الرحمن فخرو إخفاء ما في نفسه من تجبّر وجشع وأنانية. تنطق ذات التاجر الدونيّة بحدها الأقصى مكشوفة لا مخبوءة تحت طيّات لسانه.
كيف يمكن لتاجر بحريني أن يتجرّأ على القول بأن البحريني لا يستحق العمل، وأنّه متقاعس، غير مؤهّل، غير منتج، وغير ملتزم، وإجمالا لا يعمل! كيف يجرُؤ بأن يروّج علنا لإقصاء البحرينيين من سوق العمل، وعدم الثقة بهم، وإعطاء الحرّية الكاملة للتجّار في توظيف الأجانب مكانهم بنسبة 100%؟!
"إصلاح سوق العمل يكون برفع الحماية عن الموظف مهما كانت جنسيته، بما فيهم الموظف البحريني" لأن نظام الحماية يفسدهم يقول فخرو في الحوار المطوّل مع صحيفة محلية.
تعكس الصورة النمطية عن العامل البحريني، التي رسّخها عبد الرحمن فخرو وأمثاله من التجّار، واقع التمييز المُخجل ضد البحريني في سوق العمل في بلده، بلده هو. بات محكوما عليه جيلا بعد جيل بعدم الأهليّة وبات مُبرّرا حرمانه من الحق في العمل اللائق والعيش الكريم والأمان الوظيفي داخل بلده، بلده هو!
إنّه نموذج العقل التجاري الرخيص واللئيم والمصلحي. فخرو ورعاته هم السبب في خراب سوق العمل وخراب اقتصاد البحرين الذي تدور في فلكه سنويا 14 مليار دينار (37 مليار دولار)-- أي أن حصّة الفرد من الناتج الإجمالي المحلّي يجب أن تكون 8700 دينار (23 ألف دولار)-- في حين لا يتعدّى فيه وسيط أجور البحرينيين 425 دينار للفرد (أكثر من نصف العمالة البحرينية يتقاضى راتبا يقل عن 450 دينار (حوالي 1200 دولار))، منذ 20 عاما وحتى اليوم!
كم أصلا نسبة البحرينيين في القطاع الخاص اليوم حتى ينتفض فخرو ضدّهم بهذا الشكل المفاجئ؟ بسبب إجراءات الحكومة الجديدة هبطت النسبة من 33% في العام 2002 إلى 16% في العام 2019. في العام الماضي حصل 15 ألف بحريني فقط على فرص عمل في القطاع الخاص، مقابل 155 ألف أجنبي، أي أن النسبة كانت 1 إلى كل 10 (كل 10 أجانب توظف في مقابلهم بحريني واحد!).
نسبة الوظائف التي حصل عليها البحرينيون من كل ما أنتجه السوق في العام الماضي كانت أقل من 9%، فإلى أين يريد أن يصل بها فخرو؟ ليس إلى الصفر بالطبع!
"ليس من المعقول اشتراط نسبة 20% في قطاع المقاولات بينما لا تجد بحرينياً يعمل في المساح أو صف الطابوق أو ما شابه" يقول في تصريح سابق.
مرة يطالب فخرو بتوفير البحريني الماهر، ومرة يريد من البحرينيين أن يعملوا في الوظائف ذات المهارات المتدنّية والأجور الأقل وإلا يرفض توظيفهم! ماذا عن الوظائف التي يصطف البحرينيون في طابور طويل من العاطلين للحصول عليها، لماذا كل المحاسبين والإداريين والمسوّقين والتقنيين وموظفي خدمات الزبائن ومدراء الفروع في شركات يوسف بن يوسف فخرو هم من الأجانب، لماذا يعيّن فخرو رئيسا تنفيذيا أجنبيا لمجموعة شركاته؟
صورة من شبكة (لنكد إن) تظهر أسماء عدد من كبار موظفي مجموعة شركات يوسف بن يوسف فخرو، التي يملكها التاجر عبد الرحمن فخرو، وجميعهم من الأجانب
في نظر فخرو لا يستحقّ البحرينيون العمل في شركاته التي تُشغّل رؤوس أموال بالملايين، تعطيه الدولة الحق في ذلك، ولكن لماذا مع كل هذا يتجرأ بكل استعلاء على تشويه سمعتهم؟
ليس العامل البحريني، بل فخرو وأمثاله من التجّار هم من ينعم بـ"الحماية" من الدولة، التي قبلت في السبعينات طلبهم بتخفيض اشتراكات التأمين عليهم، ولم تفرض عليهم لا حدا أدنى للأجور ولا زيادة سنوية ولا أيّة قيود حقيقية على استيراد العمالة الأجنبية، وبالطبع لا ضرائب!
لن يرد أحد في الحكومة على عبد الرحمن فخرو ولن يواجهه أحد.
تحمي الدولة فخرو، بل تستعين به في رسم السياسات التي تدير اقتصاد البلاد. تمنحه مقعدا في تشغيل وإدارة أهم مؤسّساتها (التأمينات، بتلكو، أصول، أملاك، عقارات السيف، ....). أفكار فخرو وأمثاله هي مبادئ الاقتصاد السياسي بالنسبة لحكومة البحرين.
وهكذا على مر 50 عاما، نما كل شيء في البحرين، إلا شيئين بقيا على حالهما: وجوه التجّار ووسيط الأجور للعمالة البحرينية، فهل يكمن الخلل في سياسات السوق وطبائع التجّار أم في جينات البحريني؟!
ماذا استفادت هذه البلاد من تمكين فخرو؟ بأي حق تسمح الدولة له باستخدام بناها التحتية والاستنفاع من خيراتها ومناخها الاقتصادي على مدى 55 عاما وهو يرفض توظيف البحريني علانية ويصر على استيراد عمالة أجنبية لحماية كل فلس من أرباحه ومكاسبه؟
ماذا يريد عبد الرحمن فخرو أكثر من كل هذا! لماذا لا يأخذ تجارته بعيدا عن هذا البلد ما دام لا يعجبه أبناؤها بعد كل ما كدّسه من ثروة على حسابهم؟ لماذا لا يبحث عن بلد لا يأبه بحقوق مواطنيه في العمل أكثر من البحرين ليأخذ تجارته إليها؟
في نظر فخرو لا يجب أن يكون للأجنبي صاحب الفيزا المرنة الحق في منافسة التجّار، ولكن يجوز أن يكون لنفس الشخص الأجنبي الحق في منافسة البحريني الفقير في الوظيفة، لأنّه هنا فقط "الأكفأ"، لا "الأرخص"!
معلّقا على احتجاجات 2011 سيقول فخرو "البحرين لكل البحرينيين"... لكن شركاته وتجارته هو وأمثاله لا مكان فيها لأي بحريني!
75 عاما، وأبيات شاعر البحرين عبد الرحمن المعاودة تصوّر ذات الواقع السقيم:
إني أرى حاضر البحرين ينذرنا بما تخبّئ الأيام من علل
انظر إلى الشركات السود جاثمة على الصدور وعنها نحن في شغل
تمتص خيراتنا ظلماً وليس بنا إلا تنافرنا يا خيبة الأمل!
يا خيبة الأمل!