التعليق السياسي: نبيل رجب.. الآن سنأكل الزلابية

نبيل رجب يحمل صينية من حلوى الزلابية  (أرشيف)
نبيل رجب يحمل صينية من حلوى الزلابية (أرشيف)

2020-06-12 - 8:32 م

مرآة البحرين (خاص): هل تعرف يا نبيل، أن كثيراً من البحرينيين، توقفوا عن أكل الزلابية منذ تم سجنك قبل 4 أعوام، وقالوا: "لا نأكلها إلا ونبيل حرّ". 

تلك الحلوى الشعبية المشهورة التي صار اسمها مربوطاً باسمك ك في علاقة خاصة لا تنفكّ ولن تُفكّ. هل تعرف أنه ما إن توضع الزلابية في محفل أو مجمع، حتى تتردد عبارة: "فرّج الله عنك يا نبيل.." 

لقد جعلت الزلابية حلاوة تشبهك يا نبيل. فلونها البرتقالي الذهبي المشرق والمبهج، يشبه حضورك. قيل في اللون البرتقالي أنه لون دافئ يحفّز الإيجابية والحماس ويشعر بالتجدد والشباب، وقيل أنه يمثّل الحيوية  والمرح وضبط النفس والثقة واحترام الذات، وقيل يرمز إلى الثورة والمغامرة. ما أشبه هذا اللون بك يا نبيل؛ حضورك المبهج في المكان، ابتسامتك المشرقة التي لا يخلو منها وجهك حتى في أحلك الأوقات، إيجابيتك الساخرة التي أحبها الناس، روحك المتجددة، مرحك ذو الظل الخفيف الذي تداعب به الصغار والكبار، ضبط نفسك وثقتك التي أرهقت خصومك، وحماسك المتّقد الذي أعجز السلطة حتى ضاقت بك.

لقد جعلت من الزلابية أيقونة من أيقونات 14 فبراير، دخلت معجمه كواحدة من أشهر رمزياته التي ترسم الضحكة على شفاهنا المخرومة بالقهر، وتستدر المرح والفكاهة والصمود والتحدّي أيضاً. ربما نسى البعض سبب ربطها باسمك، وربما لم يعِ حكايتها الجيل الأصغر، لكن لم يعد ممكناً استحضارها دونك. هكذا هي الألقاب والتسميات التي تصاغ ضمن أحداث كبرى، قد ينسى الناس تفاصيلها لكنهم يحتفظون بقيمة الرمز فيها. يبقى الرمز عابراً للحدث، عميقاً في ذاكرة الأجيال، متخففاً على لسانهم في كل مناسبة. 

كان ذلك في أغسطس 2011، إنها ليلة النصف من رمضان، وقد تكالب على الناس حر الصيف والصوم والقمع والسجن والقتل، المعاناة في ذروة طراوتها وآثار السلامة الوطنية مدويّة في النفوس والقلوب. وبمرحك المعتاد الذي تكسر به جذوة الوجع كتبت علـى صفحتك في تويتر: "سأذهب المنامة الليلة وسآكل الخنفروش والخبيص والزلابية.." وذكرت عدداً كبيراً من الأكلات الشعبية، فاستثارت تغريدتك الناس وتفاعلوا معها في جو من المرح والحماس. ثم بعد يوم واحد ناكفك الصحافي عقيل سوار الذي كان يحمل موقفاً مناوئاً لـ14 فبراير، ووجه لك سؤالاً على صفحته ضمن مناكفاته المتكررة لك: "إنت ضد الحكومة والدولة، ماذا تريد؟"، فرددت عليه بطريقتك المرحة: "أمبا زلابية". 

منذ حينها تناقلت وسائل التواصل المجتمعي ردّك ليصبح مادة سخرية عند الجميع، تفاعلوا معها وصاروا يتداولونها في الرد على مُناكِفيهم، وصارت صواني الزلابية تتدفّق على بيتك من قبل المحبّين من كل مناطق البحرين، وتلاحقك أينما ذهبت وحيثما حللت من الناس التي تستقبلك بها، حتى قلت مرات عديدة ضاحكاً: "أخاف أن أصاب بالسكري بسببها".

لقد منحت الزلابية اسمك، كما منحتها صمودك وحماسك وإيجابيتك وروحك المرحة. الآن بعد أن صرت حرّاً خارج جدران سجنك الكريه، آن لنا أن نأكل الزلابية. لا تغب عنها مجدداً.