حميد خاتم: الطريق الطويل نحو الشهادة

حميد خاتم  ترك أربعة أبناء ووالدين مُحبين
حميد خاتم ترك أربعة أبناء ووالدين مُحبين

2020-02-01 - 11:11 م

مرآة البحرين (خاص): منتصف العام الماضي تلقى الناشط علي مشيمع الذي يعيش في العاصمة البريطانية لندن،: اتصالاً من والده أمين عام حركة حق المحكوم بالسجن المؤبد حسن مشيمع، وكان يشكو لولده من أنه ما يزال لا يستلم الدواء وأنه لا يعرف تطورات مرضه منذ فترة طويلة، فسأل مشيمع الابنُ أباه: باعتقادك لماذا كل التعنّت معك في مسألة العلاج؟ فرد مشيمع الأب: بسيطة يا ولدي إنه قتل بطيء دون بصمات للقاتل.
في 31 أغسطس/ آب2016 قضت إحدى محاكم البحرين بسجن الناشط الإلكتروني حميد خاتم سنتين بتهمة "نشر عبارات تحرّض على كراهية النظام وتسيء إلى الملك" في تويتر. وتم خفض الحكم إلى سنة واحدة في محكمة الاستئناف. تعرض الى الإهمال الطبي وخارت قواه بسبب المرض وتم الإفراج عنه في تاريخ 25 يوليو 2017 بعد تخفيف الحكم عليه.

القتل لا يستلزم طعناً بالسكين، أو بالرصاص، أو الخنق باليدين، القتل طرقه متعددة، ومنها: ترك الإنسان بلا علاج أمر يؤدي لتدهور صحته ومن ثمّ موته. هكذا هي المعادلة ببساطة، وهذا هو ما تعرض له الشاب الراحل حميد خاتم، تم قتله بالشكل البطيء، أخّر النظام الممنهج علاجه وأهمله في السجن، ولم يقم بالإفراج عنه إلا بعد تدهور صحته تمامًا.
لقد كان طريق خاتم طويلاً حتى نيل الشهادة، ابن سماهيج الفتى الذي رثته أمس (الجمعة 31 يناير 2020) القلوب والدموع قبل الكلمات، كان ثائراً بعدسة هاتفه وصوت أنفاسه وهو يركض في التظاهرات، يصوّر الجرحى ويوثق الانتهاكات.
كلماته عبر حسابه (حامد البحراني) كانت أكثر حرارة وتأثيراً من رصاص الأمن، وقد شكّل الحب والعشق الذي زرعه في قلوب كل من رافقه وعرفه علامة ودلالة على أن البحرين فقدت أمس رجلاً يعشقها.
رغم مرضه كان ثبات عينيه تكشفان عن صلابة الفتى الشجاع وأصالته، انظروا لصوره، ما هذا الفتى الشجاع!، الرأس المرفوع للسماء، العينان المليئتان بالثقة والجسارة، الجسد الممشوق بسمرة الأرض، ثُمّ ما هذا الموت العظيم ياحميد، موتٌ صدى فراقه الرهيب هزّ المحرق، هزّ الدير قبل سماهيج، هز سترة، والدراز، وكرزكان، ودار كليب، والنويدرات، وبني جمرة، موتٌ هزّ البلاد من أقصاها حتّى سجن جوّ حيث قلوب آلاف السجناء ممن عرفوك وأحبّوك، موتٌ عظيم جلجل صداه في البحرين أمس.
حميد خاتم الاسم الذي يجب أن يضاف لقائمة الشهداء، الرسم الذي يجب أن يعلق في المحافل، الرجل الذي باع دنياه لأجل قضية شعبه، لأجل نيل مرتبة طال طريقه في الوصول إليها، صورة الشاب الذي سيكون مشمولاً بأي دعاء للشهداء من الآن حتى قيام الساعة.
لقد مات الشاب الباسم الذي فطر رحيله قلوب زوجته وأربعة أبناء صغار، وقلبيّ والديه اللذين شاهدا فلذة كبدهما يموت بالمرض القاتل.
في تغريدة لافتة كتب الناشط علي عبدالإمام «عزيزي حميد خاتم، لا أعرف ماذا أقول عنك، لا أعرف ما هو المسموح لي أن أقوله،لا أعرف إن كنت ترضى أن أقول كم كنت مخلصًا وشجاعًا وخادمًا، كيف كنت تصر على تحمل مسؤوليات خطيرة وبسرية تامة وصمود مذهل، حرام أن تدفن بطولتك معك، أنت والله أفضل منا، كل ما أستطيع أن أقوله والعبرة تخنقني وداعا عزيزي». كم هي الحسرة أن يرحل بينما لا يستطيع رفاقه الحديث عن عمله وعظمة دوره في خدمة قضيته.

جسرة الأولاد