لماذا تمّ التّخلي عن وزير الخارجية البحريني الصديق لإسرائيل؟

وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة (أرشيف)
وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة (أرشيف)

رافائيل آهرين - صحيفة تايمز أوف إسرائيل - 2020-01-16 - 11:29 م

ترجمة مرآة البحرين

في حين يواصل الزعماء الإسرائيليون الشّعور بالحماس إزاء التقارب المتزايد للدولة اليهودية مع أجزاء من العالم العربي،  تتم تنحية أحد أبرز المؤيدين لهذه العملية - المسؤول الخليجي الوحيد الذي دافع مرارًا وتكرارًا ليس عن حق إسرائيل في الوجود فحسب، بل عن حقها في الدفاع عن نفسها عسكريًا - عن منصبه.

يتم استبدال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الذي شغل منصبه منذ عام 2005 ، بعبد اللطيف بن راشد الزياني، العاهل الخليجي الصغير الذي تمّ تعيينه في وقت سابق من الشهر الحالي. وأسباب الإطاحة المفاجئة بالدبلوماسي الكبير المخضرم غير واضحة.

ستحصل عملية التسلم والتسليم في أبريل/نيسان، بعد إنهاء الزياني ولايته في منصبه [الحالي] كأمين عام لمجلس التعاون الخليجي.  وسيترك خليفة، الذي تصدر مرارًا وتكرارًا عناوين الأخبار والبيانات المؤيدة لإسرائيل، وزارة الخارجية ويتولى دورًا جديدًا غير معروف حتى الآن باعتباره "مستشارًا للشؤون الدبلوماسية" للملك حمد.

في إعلانها عن التعديل الوزاري، لم تُعلن الحكومة في المنامة ما إذا كان  تتم ترقية خليفة أو خفض رتبته، لكن المحللين يتفقون على أنّه لا يمكن اعتبار الإقالة من وزارة الخارجية إلّا تخفيضاً للرتبة. ما لم يكن المحللون متأكدين منه هو الخلفية وراء تحرك الملك.

وقال يوئيل غوزانسكي، وهو باحث كبير في معهد جامعة تل أبيب لدراسات الأمن القومي الذي يركز على دول الخليج، "نحن بحاجة إلى توخي الحذر الشديد وعدم القفز إلى الاستنتاجات. وزير الخارجية هذا كان مؤيدًا جدًا لإسرائيل في السنوات الأخيرة، لكنه عاد في الأسابيع القليلة الماضية إلى موقف أكثر تحفظًا من الطراز القديم تجاه إسرائيل". 

كان غوزانسكي يشير على وجه التحديد  إلى خطاب خليفة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني في مؤتمر إقليمي في المنامة، لم يوجه وزير الخارجية خلاله أي كلمات طيبة لإسرائيل، معربًا عن أسفه لأن إسرائيل "لا تزال تتجاهل القانون الدولي ... لأنها تُوَسّع مستوطناتها في الضفة الغربية وتواصل احتلالها لمرتفعات الجولان ".

وأضاف خليفة أن إسرائيل يمكنها فقط "الاستفادة حقًا من علاقات أفضل مع المنطقة" إن أظهرت رغبتها في صنع السلام والتزمت بإنشاء دولة فلسطينية.

وقال غوزانسكي "لقد رأيت في هذا الخطاب نذير شؤم"، مضيفًا "لقد تراجع خطوتين إلى الوراء" عن التعليقات السابقة حول رغبته في تحسين العلاقات مع إسرائيل. ربما كان قد ذهب بعيدًا جدًا".

افترض غوزانسكي أن السلطات الموجودة في البحرين قد تُصَدّق ربما أن الإدارة الأمريكية - التي أصدرت الجزء الأول من خطة السلام الإسرائيلية-الفلسطينية ذات الشقين في المنامة - لن تطلق الجزء الثاني في أي وقت قريب. أو ربما كانوا قلقين بشأن إيران وعناصر متطرفة أخرى. ربما قال رؤساهم السعوديون: "لقد ذهبتم بعيدًا جدًا؟"

وخصص العربي، الموقع  الإلكتروني الذي أنشأه عزمي بشارة، وهو عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي هارب ومقرب من قطر ، مقالًا مُطّوّلًا لمختلف التكهنات حول التعديل الوزاري البحريني.

من بين الأسباب المحتملة للإطاحة بخليفة، والتي تم ذكرها في المقال، "مواقفه العدائية" تجاه إيران وقطر، وسمعته باعتبارها "أحد عرّابي التطبيع مع إسرائيل"، وتصريحاته العلنية المؤيدة لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والمؤامرات داخل القصر في المنامة .

وقال سايمون هندرسون، وهو خبير بارز في البحرين بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن رحيل خليفة لم يكن غير متوقعًا لأن وزارة الخارجية في المنامة أصبحت "سفينة غير سعيدة" تحت قيادته.

وقال هندرسون لصحيفة التايمز أوف إسرائيل إن خليفة لم يقدم "القيادة البيروقراطية التي أرادها الدبلوماسيون البحرينيون. خليفة كان مدافعًا قويًا عن تطوير العلاقات مع إسرائيل. وكان صريحًا أيضًا في إدانته لقطر. الزياني قد يخفف من حدة هذا الخطاب "

وأضاف هندرسون أن "خليفة من العائلة المالكة نفسها، وهو حليف لولي العهد الأمير سلمان، زعيم المعسكر المعتدل في مملكة البحرين".

وقدّر هندرسون أن رحيل خليفة سيؤدي إلى "تغييرات تجميلية في السياسة. فقد كان مناصرًا قويًا لتطوير العلاقات مع إسرائيل. لقد كان صريحًا أيضًا في إدانته لدولة قطر المجاورة. قد يخفف الزياني من هذا الخطاب، ربما في كلتا القضيتين ".

وقال هندرسون إن الدور المقبل لوزير الخارجية المنتهية ولايته في تشكيل السياسة الخارجية "قد يكون صغيرًأ للغاية"، على الرغم من لقبه الفاخر  كـ"مستشار دبلوماسي" للملك حمد.

أيا كان السبب الحقيقي وراء التعديل الوزاري، فقد بذلت جميع الأطراف المعنية أفضل جهودها.

في تصريحه في الثاني من يناير/كانون الثاني، أشاد ولي العهد الأمير سلمان بنجاح خليفة على رأس وزارة الخارجية، "لا سيما إسهامه في النهوض بالأجندة الدولية للمملكة والترويج لها". وذهب به الأمر لأن يتمنى له "الأفضل في منصبه الجديد كمستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية".

في اليوم نفسه، توجه خليفة، وهو "مسافر عالمي يجيد الاستمتاع بالحياة"، إلى تويتر للإشارة إلى موافقته على هذا التبديل، فغرد قائلًا : "خدمت سيدي صاحب الجلالة و وطني بكل ما أوتيت من جهد و استطاعة، و سأظل أخدمهم  ما حييت "مضيفًا أنه كان "يسلم الآن الراية لأخ قدير عزيز تعلم منه الكثير".

بعد أيام قليلة، استقبل الملك حمد كبير دبلوماسييه السابق في قصره، متمنياً له التوفيق وأشاد به لـ "جهوده القيمة" في تعزيز العلاقات الخارجية للبحرين.

من جانبه، شكر خليفة الملك على الدعم الذي تلقاه على مر السنين، مضيفًا أن "التعليمات ذات الصلة" التي قدمها جلالته مكّنته من قيادة الدبلوماسية البحرينية إلى أماكن غير مسبوقة والدفاع عن "مصالح المملكة في الخارج [وتعزيز] موقفها الرائد على المستويين الموقف الإقليمي والدولي".

يوم الاثنين، رحّب خليفة بالزياني في وزارة الخارجية. من الغريب أن تقرير الاجتماع أشار إلى أن الرجلين كانا يمدحان بعضهما بعضًا ولكنهما تجاهلا تمامًا المشكلة الأساسية - حيث كان الوزير المخلوع يستضيف خليفته المعين بدلًا منه.

لا يُعرف سوى القليل جدًا عن  التّأثير المقصود للزياني على السياسة الخارجية البحرينية، والتي يحدد الملك مبادئها الأساسية.

وفي إشارة إلى حقيقة أن خليفة لم يكن يجرؤ على جعل نفسه صديقًا لإسرائيل من دون ضوء أخضر من القصر الملكي، يفترض بعض المحللين أن المنامة ستواصل مسيرتها العامة للتقرب من إسرائيل - ولكن ربما بشكل أقل علنية.

في إسرائيل، لُحِظ الرحيل الوشيك لخليفة بالكاد، ويشير السياسيون في إسرائيل إلى أنهم يتوقعون أن يستمر توثيق العلاقات مع الخليج بلا هوادة.

 وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الاجتماع الأسبوعي للحكومة يوم الأحد إنها "الفرصة لتطوير علاقات جديدة مع الدول العربية، وهذا الاحتمال  أكبر من أي وقت مضى" مضيفًا "نحن نعمل عليه. أنا أعمل على ذلك، كل يوم ، بما في ذلك مؤخرًا. أعتقد أن الأمر يمكن أن يؤتي ثماره قريبًا". 

 

أول وزير خارجية خليجي يتحدث إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية

كان خليفة إلى حد كبير وجه التقريب بين إسرائيل ودول الخليج، حيث كان من بين وزراء الخارجية  الأوائل في المنطقة الذين منحوا مقابلات شخصية للصحفيين الإسرائيليين وأول وزير تؤخذ له صورة مع نظيره الإسرائيلي.

في مايو/أيار 2018، وفي أعقاب غارة جوية إسرائيلية على أهداف إيرانية في سوريا، غرّد خليفة باللغة العربية أنه "طالما أنّ إيران أخلّت بالوضع القائم في المنطقة واستباحت الدول بقواتها و صواريخها، فإنه يحق لأي دولة في المنطقة ومنها إسرائيل أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر".

وفي فبراير/شباط 2019، قال إن عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية ستكون في وضع أفضل بكثير لولا سلوك إيران الخبيث.

وقال في حدث مُغلَق على هامش مؤتمر أمني في وارسو إنه "نشأنا ونحن نتحدث عن القضية الإسرائيلية الفلسطينية باعتبارها القضية الأكثر أهمية" التي يجب "حلها بطريقة أو بأخرى. لكن بعدها، وفي مرحلة لاحقة ، رأينا تحديًا أكبر،  تحديًا أكثر خطرًا - في الواقع الأكثر خطرًا في تاريخنا - وأتى من الجمهورية الإسلامية".

بعد أربعة أشهر، منح خليفة ثلاث مقابلات لوسائل الإعلام الإسرائيلية ، بما في ذلك صحيفة تايمز أوف إسرائيل،  واعترف خلالها صراحة بحق إسرائيل في الوجود. وقال للمراسل آنذاك إنه "لذلك نحن نعتقد أن إسرائيل دولة ستبقى، ونحن نريد علاقة أفضل معها، ونحن نريد السلام معها".

في يوليو/تموز،التقاط صورة غير مسبوقة لخليفة [كوزير خارجية عربي] مع وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز على هامش حدث في واشنطن العاصمة، فيما وصفه الأخير بأنه "مثال آخر على علاقاتنا الدبلوماسية المتنامية".

أصدر كاتز في وقت لاحق بيانًا قائلًا إن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية نظموا الاجتماع وقال إنه وخليفة "ناقشا إيران والتهديدات الإقليمية والعلاقات الثنائية" واتفقا على البقاء على اتصال.

ولم يتحدث خليفة نفسه أبدًا بشكل علني ​​عن الاجتماع.

النص الأصلي