حصاد 2019: رئيس الوزراء يزور الغريفي في مجلسه... والديوان الملكي يقود حملة تخوين

 رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة في زيارة إلى عالم الدين السيد عبد الله الغريفي (1 مايو/ أيار 2019).
رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة في زيارة إلى عالم الدين السيد عبد الله الغريفي (1 مايو/ أيار 2019).

2019-12-28 - 1:59 م

مرآة البحرين (حصاد 2019): زوبعة شهدتها البلاد إثر قيام رئيس الوزراء خليفة بن سلمان بزيارة العلامة السيد عبدالله الغريفي في بيته في الأول من مايو، تأمل الغريفي خلال الزيارة إرادة سياسية لإصلاح الوضع الراهن في البحرين وقال إن «كل هموم شعب البحرين ليست كبيرة على إرادة الملك ورئيس الوزراء وولي العهد»، حرّك هذا اللقاء الأجواء الراكدة في البلاد وانبعثت أمنيات البحرينيين بالترقب والأمل. 

في 3 مايو وفيما يبدو أنه ردّ على تلقّيات حدثت داخل العائلة الحاكمة، نوّه ديوان رئيس الوزراء إن الزيارة التي قام بها كانت ردا على زيارة السيد الغريفي للتعزية في وفاة شقيقته.

تواصلت ردود الفعل الشعبية المثمّنة لهذه الخطوة والمتأملة فتح خطوط تواصل من شأنها حلحلة الوضع السياسي المأزوم في البلاد منذ 8 أعوام، عزّز ذلك المبادرة التي قام بها عدد من النواب في 8 مايو بزيارة لمجلس السيد الغريفي، أكدوا خلالها على أهمية الزيارات المتبادلة بين مختلف أطياف المجتمع لما لها من آثار حميدة وثمار طيبة وعطاءات كريمة.

ودفع النواب (ممدوح الصالح، خالد بوعنق، إبراهيم النفيعي، محمود البحراني، غازي آل رحمة، عمار آل عباس، العضو البلدي السابق محمد المطوع) خلال زيارتهم نحو المزيد من المبادرات والخطوات الوطنية التي من شأنها حفظ أمن واستقرار البلاد ورأب الصدع ولم الشمل، وإيجاد الحلول لمختلف الملفات والقضايا الملحة الطارئة في المشهد السياسي والاجتماعي والأمني البحريني.

وأشاد النواب بالزيارات الأخوية المتبادلة والتواصل بين رئيس الوزراء والغريفي، موضحين أنها أثلجت صدر الشعب البحريني لما التمسوه من خير وصلاح ومردود طيب اجتماعياً وسياسياً، وألقت بالأثر المتفائل في الأنفس. مثمنين بالغاً جهود العلامة الغريفي المتمثلة في فتح آفاق التعاون وتوطيد العلاقات مع القيادة السياسية في المملكة، والسعي يداً بيد نحو رسو البحرين وشعبها على بر الآمن.

عند هذا الحدّ وبدأ التحرك المضاد بحملة تجريمية واسعة. في 9 مايو نشرت وكالة أنباء البحرين بيانا على لسان نواب في البرلمان لم يسمّهم، دانوا فيه قيام نواب آخرين بزيارة الغريفي. تضمن البيان عبارات تخوين للسيد الغريفي. وقال «إن الزيارات الأخوية لا تتم مع من لا يحرك ساكنًا في الدفاع عن أمن وأمان ومصلحة الوطن والمواطنين، والشواهد على ذلك كثيرة» حسب تعبيرهم.

وتبع البيان اللقيط، بيان آخر صادر عن جمعية الصحفيين في 10 مايو، رغم عدم اختصاص الجمعية التي من المفترض أن تكون مهتمة بشؤون الصحفيين والإعلاميين فقط، إلا أن بيانها فتح الباب على مصراعيه للبيانات اللاحقة والتضخيم الإعلامي الذي وصل إلى مرحلة غير مسبوقة.

في اليوم التالي أصدرت وزارة الداخلية البحرينية بياناً اتهمت فيه السيد الغريفي بدعم الإرهاب، وتلا ذلك البيان، بيانات من الإخوان (المنبر الإسلامي) والسلف (الأصالة الإسلامية) وتجمع الوحدة الوطنية، لينتهي بنا المطاف ببيان صادر عن رئاسة الحرس الوطني، ناهيك عن كتاب المقالات الذين لا يحتاجون إلى توصية لكتابة ما يريده البلاط الملكي.

 من جانب آخر أصدر الشيخ عيسى قاسم بياناً  في 12 مايو دافع فيه السيد الغريفي إزاء الهجمة الاعلامية الرسمية التي تعرض لها، مؤكداً أنّ «الهجمةُ على السيد الغريفي هجمةٌ على الشعب، وقضايا الشعب، وآمال الشعب، وحريَّة الشعب، والشعبُ الأبيُّ لا يقف متفرجًا على هجمةٍ على شخصيةٍ عملاقةٍ كريمةٍ غيورة؛ هي هجمةٌ على الشعب بالذات، وعلى رجل يَحرم التفريط به».

 تبعته جمعية الوفاق المنحلة قضائياً التي أصدرت بيانا قالت فيه إن العلامة السيد عبد الله الغريفي قامة وطنية شامخة، وطالبت «بضرورة التوقف عن زج البحرينيين في قضايا الخلافات الداخلية بين اقطاب الحكم».

وكان الحسم الأخير للمبادرة على يد الملك الذي ترأس بشكل بشكل مفاجئ اجتماعاً لمجلس الوزراء فور وصوله من جولة خارجية في 16 مايو، مرر بين سطور كلمة ألقاها رسائل ملخصها أن موعد التسوية لم يحن بعد. 

قطع الملك بكلمته التي ألقاها أمام الحاضرين في قصر الصخير، الطريق أمام رئيس الوزراء خليفة بن سلمان من الوصول لأي اتفاق وإن كان شكلياً غير جوهري مع السيد عبدالله الغريفي من أجل تهدئة الساحة وتبريدها. كما أوحت كلمة الملك أيضاً أن أمر تثبيت جنسية 551 مواطناً لم يكن جراء مساع سياسية كما توقع البعض، وإنما محاولة منه لتهدئة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية البارزة الذين وجهوا انتقادات حادة للبحرين بعد إسقاط جنسية 138 بحرينياً في محاكمة هزلية.

وفي الوقت نفسه شارك الملك في الهجمة على السيد الغريفي دون تسميته حين أكد على التمسك بالثوابت الوطنية «وفي نبذ استغلال المنابر الدينية للتطرف والتعاطف مع الأعمال الإرهابية وفي بث الفرقة والفتنة بين أفراد المجتمع الواحد وفي عدم إظهار المواقف التي تنبغي تجاه التهديدات أو التدخلات في الشؤون الداخلية والتصريحات المسيئة لأمن واستقرار البحرين».

لكن الأهم من ذلك كله إعطاء الملك بعداً أمنيا لمساعي السيد الغريفي حين قال «إن أية محاولة لإثارة الفتنة أو شق الصف أو الخروج عن الثوابت الوطنية ستواجه بكل حزم، وإن المملكة جاهزة ولديها كل القدرة في التعامل مع ما يهدد أمنها واستقرارها وكافة إمكانياتها».