إسرائيل والأنظمة الخليجية: من العلاقات السرية إلى التطبيع العلني

وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز أثناء إلقائه خطابًا في نيويورك (أرشيف)
وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز أثناء إلقائه خطابًا في نيويورك (أرشيف)

عدنان أبو عامر - موقع ميدل إيست مونيتور - 2019-11-19 - 8:10 م

ترجمة مرآة البحرين

مؤخرًا، شاركت إسرائيل في مؤتمر البحرين للأمن البحري بعد أن دعتها دول الخليج للمساهمة في حماية المنشآت البحرية خوفًا من الهجمات الإيرانية والحوثية. وهناك مخاوف سعودية من تخلي واشنطن عنها في أعقاب الهجمات الأخيرة على منشآت أرامكو النفطية.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز كشف عن  أنّ أحد أهداف زيارته الأخيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة هو المشاركة في التحالف الدولي لتوفير الحماية الأمنية للطرق التجارية في الخليج.

وأكد خلال اجتماع لجنة الأمن بالكنيست  أنّ إسرائيل تساهم في الجهود الأمريكية لتوفير الأمن والحماية في منطقة الخليج من خلال المعلومات الأمنية والمساعدة الاستخباراتية، وغيرها من المجالات التي تتفوق فيها إسرائيل بشكل ملحوظ.

وأصدر تعليماته إلى وزارة الخارجية للعمل مع جميع الأطراف المعنية في إسرائيل للمشاركة في جهود حماية حركة الملاحة البحرية في الخليج، لأن هذا يصُبّ  بشكل واضح وصريح في مصلحة إسرائيل، في إطار استراتيجيتها لاحتواء التهديد الإيراني في تلك المنطقة. ويندرج هذا كلّه في سياق تعزيز العلاقة بين إسرائيل ودول الخليج، وهي سياسة يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

خلال زيارته إلى أبو ظبي، التقى كاتز بمسؤول سياسي بارز في الإمارات، وناقش معه مشروع بناء خط سكة حديد من الخليج إلى ميناء حيفا لنقل البضائع من أوروبا إلى دول الخليج عن طريق البر.

أصبح من الواضح أنّ الزيارات الإسرائيلية الأخيرة لدول الخليج تكشف عن الودّ المتزايد في العلاقات بين الطرفين. ساهم التهديد الإيراني المتصاعد، إلى جانب تدهور القضية الفلسطينية، في تحويل إسرائيل من مشكلة إقليمية إلى جزء مهم من حل مشاكل المنطقة، في عيون عواصم الخليج.

شهدت الأسابيع الأخيرة زيارات قام بها بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى عدد من دول الخليج العربي. ومن بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعدد من وزرائه ، مثل وزير الرياضة ميري ريغيف، والمخابرات والشؤون الخارجية يسرائيل كاتز، والعمل إيلي كوهين، إلى جانب رئيس الموساد يوسي كوهين. رُفِع العلم الإسرائيلي وعُزِفَ النشيد الوطني الإسرائيلي خلال هذه الزيارات.

تثير الزيارات الإسرائيلية المتتالية لدول الخليج أسئلة مهمة: هل تعكس تغييراً جوهرياً أو صدمة استراتيجية، أم أن شيئًا ما قد أدّى إلى كشف هذه الاتصالات السرية، الجارية في الكواليس، في المجال العام مرة واحدة. على الرغم من ازدياد الزيارات الإسرائيلية لدول الخليج، لم تتلقَ إسرائيل أي زيارات "عامة" من مسؤولين خليجيين.

يمكننا أن ننظر إلى فترتي الرخاء اللّتين مرّت بهما العلاقات الإسرائيلية الخليجية. الأولى كانت في التسعينيات، بعد اتفاقات أوسلو والثانية في المرحلة الحالية من التاريخ. من دون وجود حدود مشتركة أو اتصال جغرافي إسرائيلي مع دول الخليج، رفضت الأخيرة أن تعلن عن أي اتصال بإسرائيل بسبب القضية الفلسطينية.

وفي حين كانت هذه العلاقات قائمة على المصالح المتبادلة في التسعينيات، مع إطلاق عملية السلام التي توقفت مع الانتفاضة الثانية في أواخر العام 2000 ، تقوم العلاقات الحالية على الخوف من النفوذ الإيراني "المفبرك". زوّدت إسرائيل دول الخليج بمعلومات أمنية تخص إيران استعدادًا منها للمشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة المحور الإيراني.

على الرغم من صعوبة الوصول إلى رقم دقيق يمثل التجارة الخليجية - الإسرائيلية، إذ يمر الكثير منها عبر الوسطاء والتجاوزات، قدّرت معاهد البحوث الدولية أن قيمة التجارة بين إسرائيل والخليج تبلغ ملياري دولار سنويًا، وفي حال أصبحت العلاقات بينهما عامة، فسيصل حجم التجارة إلى 25 مليار دولار سنويًا.

لا توجد حاليًا أي قضايا مشتركة بين دول الخليج وإسرائيل تُبَرّر العلاقات بينهم، باعتبارها مسألة ضرورية أو منطقية، ما لم نُصّدّق كذبة العدو المفبرك، الذي تمثله إيران.

على الرغم من أن التقارب بين عواصم الخليج وتل أبيب يقابله الكثير من الشكوك والنقد في الدول العربية، تبدي هذه الإمارات الخليجية انفتاحًا غير مسبوق على إسرائيل، ما يجعل الحوار والنقاش بشأن إسرائيل مقبولَين.

يأمل الإسرائيليون أن يدفع زعماء الخليج، الذين وصلوا الآن إلى مرحلة الاقتناع بعدم انتظار حل للقضية الفلسطينية كشرط لتطبيع علاقاتهم الثنائية [مع إسرائيل]، نحو إقامة تعاون ثنائي في مجالات التعاون المشترك مع الولايات المتحدة وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التهديد الإيراني. وتشمل هذه المناطق الساحة العالمية، والمؤسسات الدولية، والأمان والتعاون الأمني والضغوط الاقتصادية وغيرها.

وعلى الرّغم من ذلك، لا يوافق الرأي العام في الخليج على وجهة نظر حكامه بشأن تحسين العلاقات مع إسرائيل. ما زال يعتبر إسرائيل دولة معادية. لا تزال إقامة علاقات رسمية بين الخليج وإسرائيل بعيدة بعض الشيء، وستعتمد في المقام الأول على حدوث تطورات جوهرية داخل دول الخليج نفسها.

النص الأصلي