تريد أن تضحك؟ تعرّف على خطّة البحرين للتحول إلى مركز مرموق للذكاء الاصطناعي (مرموقهَهْ)

مؤتمر الذكاء الاصطناعي في المنامة: بنية واعدة من اللاشيء!
مؤتمر الذكاء الاصطناعي في المنامة: بنية واعدة من اللاشيء!

2019-11-07 - 11:57 م

مرآة البحرين (خاص): تريد أن تضحك؟ البحرين تقول إنها تخطط كي تكون مركزاً لحلول تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد صرح مسئول حكومي في مؤتمر للذكاء الاصطناعي انطلق في المنامة يوم الثلثاء (5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) قائلاً "ستكون البحرين مركزًا مرموقَا لحلول تقنيات الذكاء الاصطناعي". فيما أكد رئيس مجلس الشورى البحريني علي بن صالح الصالح بأن "المجلس حريص على دعم الذكاء الاصطناعي عبر سن تشريعات حديثة ومتقدمة تتواكب مع هذا التطور التكنولوجي". 

صدّق أو لا تصدّق، البلد الذي انخفض ترتيب جامعته الوطنيّة الرئيسة إلى المرتبة 801 على مستوى جامعات العالم وتعاني العديد من فصول مدارسه الحكومية شحة في المعلمين بعد أن أحيل 3634 معلما إلى التقاعد الاختياري ضمن خطة إنقاذ خليجية لانتشال مالية البلاد المتدهورة، يريد أن يقنعنا بأنه سيصبح مركزاً للذكاء الاصطناعي. 

لقد أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية في شهر مارس/ آذار الماضي فقط 2 مليار دولار على استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وأسست الصين صندوقاً قيمته 16 مليار دولار في العام 2018 لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي. فما الذي لدى البحرين تعلن عنه على هذا المستوى في ظل دين عام  قارب 37 مليار دولار أمريكي بلا أيّ أفق في التراجع ويعيش على التنفس الاصطناعي المشروط الذي تمدّه به الإعانات الخليجيّة؟ لاشيء.

إنها مزحة ثقيلة من دون شك شبيهة بتلك المزحة التي أقامتها دولة الإمارات الحليفة حينما أعلنت أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن اقتحام مجال الفضاء عبر إرسال مسافر اشترت له مقعداً بواسطة بعثة روسية. فقد ذهب الإماراتي هزّاع المنصوري ثمانية أيام إلى المحطة الدولية وعاد بسلسلة أهاجي عن ممارسة الشعائر الدينية في الفضاء وكيفية تحديد اتجاه القبلة والوضوء في ظل انعدام الجاذبية. وعلى ما يبدو فإنّ ذلك ما ينتظرنا من استضافة مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي في العاصمة المنامة ووعود تحويل البلاد إلى منصة مرموقة في هذا الشأن. 

في كلمته أمام المؤتمر أدلى رئيس مجلس الشورى علي الصالح بتصريحات عامرة بالثقة من أنّ "مملكة البحرين تمتلك المقومات والأسس التي تؤهلها لتصبح رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي". وللتدليل على ذلك ذكر أمثلة مثل كون "البحرين استطاعت جذب الشركات العالمية الكبرى المتخصصة في التكنولوجيا الحديثة" إلى المشاركة في مؤتمر بالمنامة و"سنّ تشريعات تواكب هذا التطور التكنولوجي". 

أما رئيس المؤتمر د. جاسم حاجي فقد ذهب مستوى أبعد من ذلك في التهريج. فقد أدلى بمداخلة أنهى بها القصّة من أوّلها قبل أن تبدأ من الأساس. فبرأيه أن "الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا في مجتمعاتنا".

هذه هي خلطة البحرين السحرية إذن لدخول نادي "الآرتيفيشل انتليجنس" واحتلال مركز عالمي رائد ومرموق فيه: عقد مؤتمر وسن تشريعات حديثة مصحوبة بسلسلة من الترّهات الخالية من أيّ معنى! في الحقيقة إنّ ذلك ما تجيد البحرين فعله حقاً. فهي ليست سوى ماكنة كبيرة لصناعة الأوهام والتمسّك بها. 

خلال أزمة العام 2011 التي شهدت أقسى أزمة لحقوق الإنسان في تاريخ البلاد كما أدينت الحكومة في شتى المحافل الدوليّة على ممارساتها المشينة أنشأت البحرين أكبر قدر من المؤسسات التي تدّعي صيانة حقوق الإنسان. مثل وزارة حقوق الإنسان والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. بل  أن البحرين أصرّت في اجتماع لجامعة الدول العربية على استضافة المحكمة العربية لحقوق الإنسان  لمحاكمة منتهكي الحقوق في عاصمتها  المنامة.

وانتهت هذه الحملة "الحقوقيّة" المُدّعية بالزّج بجميع قادة المعارضة في السجون وإغلاق الجمعيات والصحف المستقلة وحظر التجمعات وملاحقة مغرّدي شبكات التواصل الاجتماعي وإسقاط جنسية مئات النشطاء ونفي رجال الدين وإخراس جميع الأصوات الناقدة. 

وعلى هذا يمكن من الآن استشراف مستقبل مشاريع الذكاء الاصطناعي المزمعة في البحرين. المزيد من تدمير الذكاء عبر مواصلة تدمير التعليم المدرسي والجامعي. المزيد من سياسات التمييز الطائفي في البعثات وعدم شفافية التوزيع. الانهيار الشامل للتعليم الصناعي الذي طرق النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالنبي سلمان إنذاره في مداخلة برلمانية أمام وزير التربية هذا الأسبوع. 

بلى، هناك أفق واحد فقط للذكاء الاصطناعي في البحرين قد تنجح مساعيها صوبه: شراء المزيد من الآليات والمعدّات التكنولوجية غالية الثمن لاستخدامها في دعم السياسات الأمنيّة الخاطئة واعتراض اتصالات المواطنين. "هذه هي البحرين" على ما يقول عنوان حملة حكومية للعلاقات عامّة رُصِدت لها الملايين من الدولارات من أجل تبييض سجل البحرين القاتم في المحافل الدولية.