الكويت تتظاهر والبحرين "تتحسّس البطحة"... ماذا وراء الحملة الأمنية المفاجئة واعتقال العشرات؟
2019-11-07 - 12:14 م
مرآة البحرين (خاص): فيما تظاهر آلاف الكويتيين في "ساحة الإرادة" وسط العاصمة الكويت يوم الأربعاء 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 مطالبين بإسقاط رئيسيّ الحكومة والبرلمان في شكل سلميّ خلا من أي احتكاكات مع قوات الأمن، كان المشهد المقابل في البحرين على العكس تماماً. إذ نفّذت الأجهزة الأمنيّة بواسطة عناصر مقنّعين وقوات كوماندوز وقوات مكافحة الشغب حملة أمنيّة استباقيّة واسعة أسفرت عن اعتقال العشرات عُرف من بينهم 20 شخصاً حتّى الساعة. كما طالت رقعة جغرافية واسعة امتدّت على ما يزيد على أحد عشر منطقة وهي: المصلى، الدراز، النويدرات، سترة، السنابس، الديه، سند، أبو صيبع، الشاخورة وجنوسان.
لم يتم الكشف حتّى الآن عن السبب وراء هذه الحملة الأمنية في وقت تشهد فيه البلاد حالة من الهدوء النسبيّ مع تغييب كافة القوى المعارضة حيث لم يصدر أي تصريح رسميّ بعد. لكن ليست مصادفة أن تأتي متزامنة مع حراك الساحة الكويتيّة والتظاهرات المتواصلة في العراق ولبنان.
لم تشهد البحرين إطلاق دعوة حديثة مؤثرة للقيام بتظاهرات مماثلة خاصّة في ظل الحظر المفروض على المسيرات والتجمعات منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 وفي ظلّ قبضة الأمن القويّة. لكن السلطات اعتادت في كثير من الحالات المماثلة القيام بإجراءات احترازيّة.
خلال موسم إقامة سباق "الفورمولا واحد" هذا العام 2019 شنت السلطات حملة أمنيّة مماثلة طالت العديد من النشطاء، كما تضمنت إغلاق بعض الشوارع والكوبريهات الحيويّة "بدواعي كاذبة كالصّيانة" ضمن عمليّة سنويّة متكرّرة تستهدف الرّدع والتذكير بجدار الخوف قطعاً للطريق على أي احتجاجات يمكن أن تُنظّم خلال فترة السباق.
وفي العام 2013 تزامناً مع حركة تمرّد في مصر شنت السلطات الأمنية في البحرين واحدة من أكبر الحملات الأمنيّة شملت اعتقال مئات النشطاء وسنّ المزيد من القوانين القمعيّة المتشدّدة مثل إسقاط الجنسية بدواعي التصدّي للإرهاب. عى هذا فليس مستبعداً أن تكون الحملة الأمنيّة القائمة والمستمرّة منذ ثلاثة أيّام واحدة من التكتيكات الأمنية الردعية استباقاً لأيّ تحرّكات متشابهة.
لقد انطلق حراك 14 فبراير/ شباط 2011 تحت وطأة إلهام الحراكيْن التونسي والمصري. وانطلقت دعوة تمرّد البحرين في العام 2013 من وحي حركة تمرّد المصريّة.
أما الحراك الكويتيّ الذي يرفع شعار "بس مصخت" كناية عن الضيق ذرعاً بحالات الفساد المستشرية فواضح مدى تأثره بالحراكيْن القائميْن في جمهورية العراق المجاورة إضافة إلى لبنان اللذيْن يرفعان شعارات مماثلة تتعلق بفساد الطبقة الحاكمة.
ثمّة كيمياء تسري في غير بلد عربيّ حالما تدبّ حركة في إحداها. هذا على الأقل ما كشف عنه ربيع الثورات العربية الأول (2011 - 2012) وربيع الثورات الثاني (2018 - 2019). في الكويت يبدو أن السلطات استعدّت لذلك بمقاربة جديدة اتّسمت حتّى الآن بالحكمة والهدوء. فقد منحت تصريحاً لمنظّم التظاهرة، وهو النائب السابق صالح الملا، بإقامتها في المكان المخصّص لها. فيما اكتفت القوات الأمنية بالتواجد وحراسة مكان الاعتصام ومجلس الأمة وعدد من المنشآت الحيوية الأخرى دون تسجيل أيّ حالة احتكاك مع المتظاهرين.
أمّا في البحرين فيبدو أن السلطات ما تزال تستشعر الرعب من شبح 2011. وتكشف حملتها الأمنية الأخيرة عن حالة من الهلع خشية تكرار هذا السيناريو. ليس غريباً أنّ شعار الحراك الكويتي القائم "بس مصخت" يأتي على نفس إيقاع شعار حركة "وعد" البحرينية المعارضة "بسنا فساد" الذي أطلقته قبل السنوات وأدى لاستنفار السلطات واتخاذها قراراً بمنعه.
"محاربة الفساد" هو سيد الشعارات في موجة الاحتجاجات العربية الجديدة. ومن حقّ نظام كدّس الظلم والفساد على مدى سنوات كالنظام البحريني أن يعيش التوتر والقلق. وعلى ما يقول المثل الشعبي المحلي "من على رأسه بطحة يتحسسها".