كيف تلاعب ولي عهد البحرين بنتائج تقرير الرقابة؟ لا أمل في السيطرة على الدين العام حتى مع الدعم الخليجي
2019-10-31 - 2:34 ص
مرآة البحرين (خاص): في البحرين يأخذ الفساد تسميات ملطّفة: "ملاحظة" و"قد". عقب اجتماعه مع اللجنة التنسيقية الخاصة بمناقشة تقرير ديوان الرقابة (30 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) صرح ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء بأنه تمت إحالة 10 "ملاحظات" واردة في التقرير"قد" تشوبها شبهات جنائية إلى النيابة العامة.
إنها لغة مهادنة مرنة من جنس الفساد نفسه اعتاد البحرينيون سماعها مدة 16 عاماً في كل مرّة يصدر فيها التقرير السنوي لديوان الرقابة قبل أن يلفّها النسيان. فيما اقتيد الفاسدون في المملكة السعودية المجاورة إلى "الريتز كارلتون" وأجبروا على توقيع تنازلات عن ثرواتهم ومنعهم من السفر إلى حين استكمال دفع التزاماتهم يتحدث ولي عهد البحرين عن "ملاحظات قد تشوبها شبهات جنائية".
لقد اشتمل تقرير ديوان الرقابة المالية (2018-2019) على نتائج 102 مهمة رقابية طالت العديد من مؤسّسات الدّولة الحساسة مثل: هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية ووزارة الخارجية ومجلس المناقصات والمزايدات وديوان الخدمة المدنية ووزارة الصناعة والتجارة والسياحة وممتلكات البحرين القابضة وشركة مطار البحرين ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وشؤون الجمارك بوزارة الداخلية والهيئة الوطنية للنفط والغاز.
لكن من بين كل هذه النتائج اختارت اللجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد مخالفات تافهة تتعلق بناديين رياضيين لإحالتها على النيابة العامّة. فمن بين 10 "الملاحظات" القليلة أصلاً المحالة للنيابة هناك واحدة تتعلق بنادي "البديع الرياضي" وأخرى بنادي "النجمة الرياضي".
فماذا يريد ولي العهد أن يقول؟ ببساطة "إذا سرق فينا الشريف تركناه، وإذا سرق فينا الضعيف أقمنا عليه الحد". تلك المأثورة النبويّة التي حذرنا منها النبي محمد (ص) هي "سْتايل" حياة الحكومة البحرينية في التعامل مع فساد أجهزتها ورجالها.
في حديثه الشريف استبق النبي الكلمات أعلاه بـقوله "إنما أهلك الذين قبلكم". فقد ربط هلاك الأمم السابقة بإقامة الحد على الضعيف دون الشريف. وهكذا تهلك مالية البحرين وتفقد السيطرة على الدين العام هلاكاً شبيهاً بهلاك الأمم السابقة مصداقاً فعلياً للقول المأثور.
إذ تظهر أحدث نشرة إحصائية صادرة عن مصرف البحرين المركزي بأن الدين العام زاد في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي فقط نحو 752 مليون دينار ليرتفع إلى 12.045 مليار دينار بعد ثبات استمرّ أربعة أشهر عند 11.293 مليار دينار. أما تقرير ديوان الرقابة المالية فلديه رواية أخرى وهي أن الدين يلامس رقمه 13.9 مليار دينار. يأتي ذلك بعد سنة من إقرار برنامج التوازن الخليجي لإنقاذ ماليّة البحرين في أكتوبر 2018 وبعد فرض ضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات.
يحدّد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذان تأخذ البحرين بنصائحهما تعِلّة لرفع الدعم عن السلع وفرض الضرائب على المواطنين (يحددان) آلية "الشفافية والمساءلة" كواحدة من الآليات الضرورية لإدارة الدين العام. ويبدو أن البحرين قد قرّرت فعل أيّ شيء ما عدا الشفافية والمساءلة.