السعودية تجبن مع رفض الولايات المتحدة التّكشير عن أنيابها

خارطة  التوازن العسكري في منطقة الخليج (التايمز)
خارطة التوازن العسكري في منطقة الخليج (التايمز)

لويز كالاغان - صحيفة التايمز - 2019-09-24 - 8:43 م

ترجمة مرآة البحرين 

في الليل، يتلألأ وسط مدينة دبي بالثروة وإمكانات المتعة. يتسرب المغتربون البريطانيون من البارات الكثيرة، متوردي اللون بسبب الجن وحروق الشمس.  على الشواطئ ذات الرمال البيضاء، تقف المظلات وصالات التشمس، جاهزة ليوم آخر من الاستخدام.

مع ذلك، على بعد 80 ميلًا بحريًا، عبر مياه الخليج الدافئة، تقع إيران التي تلقي الولايات المتحدة عليها باللوم في الهجوم الصاروخي الذي أوقف نصف إنتاج المملكة العربية السعودية في نهاية الأسبوع الماضي.

بثّ الهجوم موجة من الرعب في دول الخليج، التي أمضت صيفًا بائسًا، منتظرةً الحرب. لكن، عندما جاءت الضّربة، تراجعت أمريكا - خط دفاعها [الدّول الخليجية] - حيث سعى الرئيس ترامب إلى تجنّب نشوب صراع محتمل.

حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة، إحدى القوى العسكرية المتمكنة في المنطقة، والتي قاتلت إلى جانب السّعوديين ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن، على الهدوء - علنًا، على الأقل- بشأن الرد.

يقول الدّبلوماسيون إنّ الإماراتيين غير مستعدين لمواجهة إيران من دون دعم دولي. هم يعلمون أنّه في حال تمّ إطلاق صواريخ كروز في دبي، فإنّ التّكاليف المُحتَمَلة للسّياحة والأعمال ستكون باهظة جدًا.

للمرة الأولى منذ عقود، تخشى المملكة العربية السعودية من أن تكون ضعيفة للغاية. ولم يقدم بيان صادر يوم الجمعة عن وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبير، ومفاده أن أمريكا سترسل قوات "دفاعية" إلى المملكة، وأن الإمارات العربية المتحدة، الكثير لتهدئة المخاوف السعودية.

تمتد شبكة من القواعد الأمريكية عبر الخليج من العراق عبر البحرين وقطر وعمان، ويقوم الأسطول الأمريكي الخامس بدوريات في المياه. مع ذلك، تسلل الهجوم عبر هذا الجدار الواقي. تمّ إطلاق 25 طائرة من دون طيار وصواريخ كروز عبر الصّحراء بعد الساعة الثالثة صباحًا، ما أدى إلى ظهور أنظمة دفاع باتريوت باهظة الثمن في المملكة العربية السعودية باهظة الثمن، مصدرها الولايات المتحدة، التي كانت مُوَجّهة للصواريخ الباليستية والطائرات. يقول مُحَلّلون عسكريون إنّه كان من شبه المستحيل رؤية الطائرات بدون طيار والصواريخ من مسافة بعيدة.

وقال دينيس هوراك، السفير الكندي السابق لدى المملكة العربية السعودية إنّ "ما أظهره الهجوم هو مدى ضعف السعوديين" مضيفًا أنّه "إيران لديها القدرة على إلحاق أضرار جسيمة".

وربط الأمر بالعقوبات التي فرضها ترامب على إيران قائلًا إن "الكثير منه يرسل رسائل إلى الولايات المتحدة، قائلًا إنّ لدينا القدرة على إحداث بعض الضرر. في حال تمّ طرح اقتصادنا في الحضيض، لدينا القدرة على القيام بذلك مع الاقتصاد السعودي وسيكون لذلك تأثير عالمي. إنها حافة الهاوية، لعبة خطرة. إنّهم يراهنون على أن الأمريكيين لن يهاجموهم".

وقد فاجأ الهجوم القيادة السعودية. وقال مايكل نايتس، وهو زميل بارز في معهد واشنطن للأبحاث إنّهم "تلقوا ضربة مذهلة". 

وأضافا نايتس أنه "فشل خطير في الحماية على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات على المعدات العسكرية التي لم تُسقِط صاروخًا واحدًا. دفاعاتهم فشلت. لقد هزم الإيرانيون رادعهم".

بعد حكم بالانتقام أحادي الجانب، تضغط المملكة على حلفائها والمجتمع الدولي للتصرف  كجهة واحدة في الرّد ضد إيران. يقول دبلوماسيون ومحللون وسعوديون مقربون من الحكومة إنها تأمل في أن تُوَفّر الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في نيويورك فرصة لعرض القضية بأنّ إيران كانت وراء الهجمات والمطالبة بتحالف عالمي لمواجهتها.

وقال سلمان الأنصاري من سابراك وهو مركز أبحاث سعودي مؤيد للحكومة إنّه "سنستخدم هذا أيضًا كاختبار لحلفائنا في المنطقة والعالم لمعرفة ما إذا كانوا مترددين أو داعمين".

وأضاف "إنه عمل حرب. نحن لا نسأل،  إن كانت الحرب ستبدأ لأنها بدأت بالفعل. نحن فقط ننتظر ما ستكون عليه الإجراءات".

وأشار عدد من الدبلوماسيين إلى أن إيران قد لمّحت إلى هجوم محتمل بالقول إنّه إذا تمّ وقفها عن بيع النفط عن طريق العقوبات الأمريكية ، فلن يُسمح لأي شخص آخر بذلك. ولكن يبدو أن هناك القليل من الشّهية للحرب لدى المجتمع الدولي.

وقال دبلوماسي غربي يعمل في إيران والمنطقة "لم أرَ أي استعداد واسع النطاق للالتزام" مضيفًا "إنّ ذلك يوجه رسالة مفادها أنّه يمكنك المشاركة في عدوان غير مسبوق ضد حليف للولايات المتحدة وأن أمريكا لن ترد".

وقد صدم ذلك بعض السعوديين. وقال أنصار إن "النظام الإيراني عبر الكثير من الخطوط الحمراء.  هذا [الهجوم الأخير] كان خطًا أحمر دمويًا" مضيفًا أنّ "الهجوم ليس على السعودية في حد ذاتها، ولكن على صناعة النفط والطاقة للعالم بأسره."

وأشار الدّبلوماسيون والمحللون إلى ردّ فعل أمريكا على غزو العراق للكويت في العام 1990، والذي أدّى إلى اندلاع حرب الخليج.

وقال بلال صعب، وهو محلل في معهد الشرق الأوسط ومسؤول كبير سابق في وزارة الدّفاع الأمريكية إنه "قبل ثلاثين عامًا عندما غزا صدام حسين الكويت وكان يفكر بالتأكيد في نقل دباباته إلى السعودية، ماذا فعلنا؟ لقد أنشأنا أقوى تحالف على هذا الكوكب للذهاب ووقف المعتدي".

وأضاف صعب أنّه "الآن يتعرض السعوديون لهجوم مباشر كما لم يحدث من قبل. وما هو ردنا؟ الصمت تقريبًا. لا يمكنك السماح بهذا بالمرور من دون أي رد. "ما الذي نفعله في الشرق الأوسط  بحق الجحيم إذا كنا لن نحمي أسواق الطاقة؟ أخشى أن يشعر الإيرانيون بالجرأة وما قد يعنيه ذلك هو المزيد من هذه الهجمات الوقحة".

لا تحرص أمريكا على تولي زمام المبادرة فحسب، بل إنّ الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأقرب للسعودية، تعيد تقييم علاقتها بالرياض. هناك أعداد كبيرة من المغتربين الإيرانيين في الإمارات العربية المتحدة، ومستوى العداء لديها تجاه طهران أقلّ من ذاك الموجود لدى المملكة العربية السعودية.

تقول مصادر في الإمارات إن حاكم البلاد، محمد بن زايد، كان غاضبًا عندما اتُهم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بتوجيه أمر بقتل صحفي صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. لقد انسحبت الإمارات من النزاع في اليمن. الآن أصبحت الخلافات أشد عمقًا.

قد تبحث الإمارات في مكان آخر عن الحلفاء. في العام الماضي، وقّعت على مذكرة تفاهم مع الصين، التي تستثمر بكثافة في الإمارات كجزء من مشروع One Belt One Road ، لبناء منطقة تجارية جديدة في ميناء جبل علي بدبي وتعهدت بالتعاون الدفاعي. يُذكَر أنّ الرياض وقّعت على مذكرة تفاهم مع بكين.

وقال المحلل السعودي علي الشهابي إنّه "لديهم علاقات جيدة مع الصين وروسيا" مضيفًا أنهم "سوف يشترون [أسلحة] من أي أحد. لقد ظهر تهديد جديد، لذا يتعين عليك إعادة تصميم بنيان دفاعي ما لم تتعرض أمريكا للانفجار الكامل لإثراء إيران. كل قطعة قيمة من البنية التحتية في العالم أكثر عرضة للخطر مما كان يعتقد الناس. وفي حال  تمكنت دولة مثل إيران، خاضعة للعقوبات، من نشر أسلحة مماثلة، فقد تكون الجهات الفاعلة غير الحكومية قادرة على فعل الشيء نفسه".

النص الأصلي