وفاة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في السعودية

الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي
الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي

2019-09-20 - 12:32 م

مرآة البحرين (رويترز): توفي الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي يوم الخميس في منفاه بالسعودية، وذلك بعد أيام من انتخابات حرة أجرتها تونس.

كان بن علي قد فر من البلاد في يناير كانون الثاني من عام 2011 في أعقاب الاحتجاجات التي أنهت حكمه وأطلقت شرارة انتفاضات "الربيع العربي".

وقال محامي الأسرة منير بن صالحة لرويترز في اتصال هاتفي "بن علي توفي قبل قليل في السعودية". وأضاف أن جنازته ستقام يوم الجمعة في السعودية.

وقال عماد العيوني، وهو عاطل عن العمل عمره 26 عاما، في مقهى في تونس العاصمة "هذه هي نهاية كل الديكتاتوريين مثله أن يرحلوا في المنفى. لقد دمر بلد وأعطى أوامره بقتل المحتجين المدنيين في 2011".

وجاءت النهاية المفاجئة لبن علي عندما أشعل بائع الخضر محمد بوعزيزي المنحدر من بلدة سيدي بوزيد‭‭ ‬‬التي تفتقر للتنمية النار في نفسه في ديسمبر كانون الأول 2010 بعدما صادرت الشرطة عربته.

شارك في جنازة بوعزيزي عشرات الآلاف من الأشخاص الغاضبين، مما حرك احتجاجات أكبر استمرت أسابيع وقتل خلالها عشرات الأشخاص.

وبحلول منتصف يناير كانون الثاني، فر بن علي إلى السعودية تحت ضغط احتجاجات الثورة الحاشدة.

ويوم الأحد، صوت التونسيون في انتخابات ضمت مرشحين من مختلف ألوان الطيف السياسي ووصل خلالها اثنان من خارج الساحة السياسية إلى جولة إعادة لم يشهد حكم بن علي مثلها.

لكن على الرغم من أن التونسيين حظوا بانتقال إلى الديمقراطية أكثر سلاسة مما نعم به مواطنو الدول العربية الأخرى التي هبت في 2011 أيضا، فإن كثيرا منهم لا يزالون يعانون اقتصاديا على نحو أكبر مما كانوا عليه في عهد بن علي.

وبينما كان أغلب المرشحين في انتخابات يوم الأحد من أبطال الثورة حصلت مرشحة ركزت حملتها على أنها من مؤيدي حكومة بن علي المخلوعة على أربعة بالمئة من الأصوات.

وقالت سلوى الرياحي وهي طبيبة في العاصمة "إنه أمر مؤسف أن يموت رئيس سابق لتونس في بلد غير بلده... إنها علامة على عدم التسامح في بلد يقول إنه ديمقراطي".

وأدار بن علي تونس لمدة 23 عاما، إذ تولى السلطة عام 1987 عندما كان رئيسا للوزراء بعدما أعلن أن الرئيس الحبيب بورقيبة غير لائق طبيا للحكم.

وسعى خلال وجوده في الحكم إلى وأد أي شكل من أشكال المعارضة السياسية متبعا في الوقت نفسه سياسة الانفتاح الاقتصادي، وهو ما أفضى إلى نمو سريع لكن زاد أيضا عدم المساواة والاتهامات بالفساد خاصة بين أقاربه.

وكانت صوره خلال فترة حكمه معلقة في كل متجر ومدرسة ومقر حكومي من المنتجعات الساحلية على البحر المتوسط إلى القرى الفقيرة وبلدات التعدين في المناطق الداخلية الجبلية في تونس.

ولم يجد معارضة تذكر في المرات القليلة التي طرح فيها حكمه للتصويت، وفاز بفترة جديدة بأكثر من 99 في المئة من الأصوات.

أما يوم الأحد وفي مفارقة واضحة كان التونسيون يختارون بين 26 مرشحا من بينهم مؤيدون لبن علي ومعتقل سياسي سابق عن حزب النهضة الإسلامي الذي حظره.

بدأ صعود بن علي في الجيش بعدما انتزع بورقيبة استقلال تونس من فرنسا عام 1956. وكان رئيس جهاز الأمن العسكري من 1964 وجهاز الأمن الوطني من عام 1977.

وبعد قضائه ثلاث سنوات سفيرا في بولندا، استُدعي للعودة إلى وظيفته الأمنية السابقة لقمع أعمال الشغب التي اندلعت احتجاجا على أسعار الخبز. وتولى وزارة الداخلية عام 1986 ورئاسة الوزراء عام 1987.

ولم يستغرق الأمر منه سوى أقل من ثلاثة أسابيع ليرتب لنفسه ترقية جديدة، وهذه المرة إلى أعلى موقع في السلطة.. الرئاسة. فقد جلب فريقا من الأطباء ليعلن إصابة بورقيبة بالخرف، وهو ما يعني توليه الرئاسة تلقائيا.

وشهد أول عقد له في السلطة إعادة هيكلة اقتصادية كبيرة، ساندها صندوق النقد والبنك الدوليان، ونموا اقتصاديا سنويا يزيد قليلا على أربعة في المئة.

* دولة بوليسية

كانت تونس واقعة إبان حكمه بين ليبيا تحت حكم معمر القذافي والجزائر المقحمة في صراع بين حكومة يساندها الجيش وإسلاميين متشددين، ليسير بها على مسار العلمانية والانفتاح على الخارج الذي سارت عليه بلاده عقب الاستقلال.

لكن منتقدين قالوا إن تونس من الداخل كانت دولة بوليسية لم يجرؤ أحد يذكر على تحدي نظام يحكم قبضته على السلطات جميعها.‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬وفي بلد جرب كثير من أبنائه الحياة في أجواء ديمقراطية في الخارج، فقد كانت دولة بن علي البوليسية سببا في السخط والغضب.

وفي حين كانت النخبة تطبق على ثروات البلاد ومقدراتها ويقيم أفرادها في فلل ساحلية فاخرة، لم تتمخض الوعود الشعبوية للفقراء التي أطلقها بن علي خلال سنوات حكمه الأولى عن شيء يذكر لهم. وكان أسلوب حياة زوجته ليلى الطرابلسي الباذخ هي وحاشيتها من الأقارب الأثرياء مثالا لفساد عصر.

وبعيدا في الولايات، كان الغضب يتنامى في بلدات التعدين في الجنوب وفي القرى لعدم وجود مياه جارية وللافتقار إلى التنمية، مما أطلق شرارة حركة احتجاجية محدودة في 2008، وهو ما أُطلق عليها أحيانا "الثورة الصغيرة".

وبعد ثمانية أعوام من الثورة الحقيقية في تونس التي أطاحت ببن علي لا تزال الحياة صعبة في مناطق محرومة من البلاد مع ارتفاع نسبة البطالة عنها في 2010 وما بدا من تدهور في الخدمات العامة.

ويشكو التونسيون من أن مستوى المعيشة انخفض منذ الثورة ويتذكرون أن الحياة في عهد بن علي كانت أكثر سعة ماديا لكن قليلين يتحدثون بحنين لأسلوبه في الحكم أو من يقولون إنهم يريدون إنهاء التجربة الديمقراطية.

وبعد الاحتجاجات الحاشدة التي تلت جنازة بوعزيزي، استقل بن علي طائرة إلى السعودية في منتصف يناير كانون الثاني 2011.

وأصدرت محكمة تونسية عليه حكما غيابيا بالسجن 35 عاما. ولم يظهر في العلن مطلقا مرة أخرى.