اختراقات سيبرانية رفيعة المستوى تضرب البحرين وسط توترات مع إيران

برادلي هوب، وارين بي ستروبل وداستن فولز - صحيفة وول ستريت جورنال - 2019-08-08 - 10:38 م

ترجمة مرآة البحرين

تسلل قراصنة إيرانيون مشتبه بهم إلى البنية التحتية الحيوية وأجهزة الكمبيوتر الحكومية في دولة البحرين الواقعة في الخليج الفارسي خلال الشهر الماضي، ما أثار مخاوف لدى زعماء المنطقة من أنّ طهران تصعد هجماتها الإلكترونية وسط توترات متزايدة.

كانت الاختراقات، وفقًا لأشخاص اطلعوا عليها، أعلى من المستوى العادي للنشاط الإلكتروني الإيراني في المنطقة.

يوم الاثنين، اقتحم المتسللون أنظمة جهاز الأمن الوطني البحريني -وهو هيئة التحقيق الجنائي الرئيسية في البلاد- بالإضافة إلى وزارة الداخلية ومكتب النائب الأول لرئيس الوزراء، وفقًا لأحد الأشخاص المطلعين على القضية.

في 25 يوليو/تموز، حدّدت سلطات البحرين عمليات الاختراق في هيئة الكهرباء والماء التابعة لها. وقال الشخص إن المتسللين أغلقوا عددًا من الأنظمة في ما اعتقدت السلطات أنه اختبار تجريبي لقدرة إيران على تعطيل البلاد، وأضاف أنه "كان لديهم سيطرة على بعض الأنظمة".

وفي الوقت نفسه، أصيبت شركة ألمنيوم البحرين -أحد كبار المُوَظّفين ومن أكبر المصاهر في العالم - بالضربة القاضية. بعد نشر هذا المقال، قال مسؤول تنفيذي في الشركة، المعروفة أيضًا باسم ألبا، إنها "لم تتعرض لهجوم إلكتروني".

أكّد مسؤولان سابقان في الولايات المتحدة، مطلعان على القضية، الانتهاكات الإلكترونية في البحرين، قائِلَين إن ثلاث هيئات على الأقل عانت من عمليات الاختراق. وقال أحدهما إن الانتهاكات تشبه إلى حد كبير اختراقين [حصلا] في العام 2012، ضربا شركة الغاز الطبيعي RasGas في قطر و[أدّيا] إلى حذف بيانات من محركات أقراص الكمبيوتر الصلبة التابعة لشركة أرامكو الوطنية للنفط في المملكة العربية السعودية، وهو هجوم مدمر اعتمد على فيروس قوي، معروف باسم شمعون.

البحرين هي الدولة الأصغر في الخليج الفارسي، لكنها مهمة على المستوى الاستراتيجي إذ إنها مقر دائم للأسطول الخامس للقوات البحرية الأمريكية والقوات البحرية المركزية. وهي متحالفة بشكل وثيق مع جارتها الأكبر، المملكة العربية السعودية، وهي منافس إقليمي لإيران.

السلطات البحرينية لم تنسب الهجوم بشكل قاطع إلى إيران، لكن الولايات المتحدة وآخرين قدموا لها معلومات استخباراتية تشير إلى وقوف إيران ورائه. ويعتقد قادة إقليميون في الخليج -ومسؤولون أمنيون في الولايات المتحدة - أن إيران زادت نشاطها السيبراني المؤذي منذ تصاعد التوترات بسبب سلسلة من الحوادث في جميع أنحاء الشرق الأوسط، هزت الولايات المتحدة وإيران، بسبب برنامج إيران النووي  والعقوبات الأمريكية، وفقًا لما ذكره أشخاص مطلعون على المحادثات. 

لا يمكن تحديد مدى الضرر الذي تسببت به عمليات الاختراق في البحرين، أو ما إذا كان قد تم طرد المتسللين من الشبكات التي تعرضوا لها.

وقال متحدث باسم الداخلية البحرينية إن "هناك ضمانات قوية لحماية مصالح البحرين والخدمات العامة الأساسية من الهجمات الإلكترونية الخارجية المتزايدة التعقيد".

في النصف الأول من العام 2019، اعترضت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية بنجاح أكثر من 6 ملايين هجوم وأكثر من 830،000  إيميل إلكتروني ضار. وقال المتحدث في بيان إن "الهجمات لم تسفر عن توقف أو تعطل الخدمات الحكومية".

ولم يرد متحدث باسم الحكومة الإيرانية على طلب للتعليق. ولطالما تؤكد إيران أنها لا تنفذ هجمات سيبرانية ضد جيرانها.

بخلاف معظم دول الخليج، حيث يعتبر الإسلام السني سائدًا، يمثل سكان البحرين حوالي 70٪ من الشيعة - المذهب السائد في إيران - وتتهم حكومتها، التي يقودها السنة منذ سنوات، إيران بالتدخل في شؤونها. في وقت سابق من  الشهر الحالي، اتهم وزير الداخلية البحريني إيران بالتآمر مع قطر "لتخريب الوحدة الوطنية وإثارة الفوضى" في المنطقة بعد أن عقد البلدان اجتماعًا للأمن البحري في طهران.

تنفق أقوى دولتين خليجيتين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، عشرات الملايين من الدولارات لتعزيز دفاعاتهما الإلكترونية، جزئيًا للدفاع ضد التدخلات الإيرانية المحتملة، وكذلك ضد قطر، التي تخوض مواجهات طويلة مع الأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي.

تأتي الهجمات على البنية التحتية البحرينية في الوقت الذي يستعد فيه المسؤولون الأمريكيون بحذر ضد النشاط السيبراني الضار المرتبط بإيران منذ تصاعد التوتر بين البلدين في يونيو/حزيران وسط سلسلة من الحوادث، بما في ذلك إسقاط طهران لطائرة استطلاع أمريكية بدون طيار.

ازدادت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بعد أن صرحت إيران بأنها استولت على ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني يوم الجمعة. يشرح جيرالد إف سيب، من وول ستريت جورنال، الطريقة المحددة التي تحاول الدولتان من خلالها تصعيد الضغط كل منهما على الأخرى، لكنها لا تصل إلى صراع مفتوح. 

استخدمت الولايات المتحدة الأسلحة السيبرانية ضد إيران أيضًا، كجزء من صراع منخفض المستوى بين البلدين، يتضمن أدوات عسكرية غير تقليدية.

في يونيو/حزيران ، قامت "القيادة السيبرانية" التابعة للجيش الأمريكي، بالتنسيق مع القيادة المركزية في الشرق الأوسط، بشن هجمات إلكترونية على أنظمة الكمبيوتر التابعة لمجموعة الاستخبارات الإيرانية للتحكم في إطلاق الصواريخ والقذائ ، وفقًا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال.

خلال عهدي الرئيسين السابقين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، نشرت الولايات المتحدة فيروس ستكسنت في عملية معقدة لعرقلة البرنامج النووي الإيراني من خلال تعطيل أجهزة الطرد المركزي التي كانت تُخَصّب اليورانيوم. منذ ذلك الحين، انتقد بعض خبراء الأمن شركة ستكسنت Stuxnet لمساعدتها على الدخول في عصر تتزايد فيه الهجمات الإلكترونية المدمرة.

استهدفت إيران خصومها الإقليميين في الخليج بالهجمات الإلكترونية -سواء لأهداف تجسسية أو تدميرية- لسنوات ، لكن الأشخاص المطلعين على المسألة قالوا إن تدخلات البحرين قد تكون علامة على ازدياد الاعتداء.

وقال نورمان رول، الذي شغل منصب مدير الاستخبارات المسؤول عن ملف إيران حتى العام 2017 في في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بالولايات المتحدة، إن "هذا هو الوضع الطبيعي الجديد ومن المرجح أن تستمر مثل هذه الهجمات". ولم يعلق على الهجمات المحددة في البحرين.

وأضاف رول إنه "خلال السنوات القليلة الماضية، شنّت إيران، في موجات، سلسلة من الهجمات على البنية التحتية لدول الخليج"، وتساءل عما إذا كانت الدول الغربية تقوم بما فيه الكفاية لحماية استثماراتها وردع إيران. 

وقالت ثلاث شركات للأمن السيبراني ومقرها الولايات المتحدة في يونيو/حزيران إنها شاهدت علامات تشير إلى أن إيران تستهدف شبكات الكمبيوتر ذات الصلة للتطفل على رسائل البريد الإلكتروني العشوائية، ويبدو أنها تركز على الوكالات الحكومية الأمريكية وقطاع الطاقة الأمريكي، بما في ذلك مزودي النفط والغاز. تم ربط النشاط من قِبَل كل شركة بمجموعة اختراق إيرانية معروفة يُعتَقَد أنها تمتلك أدوات اختراق قوية.

أصدرت وزارة الأمن الداخلي بيانًا يحذر القطاع الخاص من أن النشاط السيبراني الإيراني آخذ في الازدياد وأنه يمكن لطهران شن محاولات قرصنة مدمرة ضد البنية التحتية الأمريكية الحسّاسة إذا ازدادت التوترات.

وقال كريس كريبس، كبير مسؤولي الأمن السيبراني في وزارة الأمن الداخلي [الأمريكي]، الشهر الماضي إن "هذا محرك [إيران] أظهر في السابق استعدادًا للتخريب" مضيفًا "لقد قاموا بذلك على المستوى الإقليمي. وفي حال تغيرت حساباتهم، يمكن لهم القيام به على مستوى عالمي ".

وقال مسؤول استخباراتي أمريكي سابق رفيع المستوى إن "إيران تستخدم أهدافًا في الشرق الأوسط كنوع من اختبار قدراتها قبل استخدامها هنا" في الولايات المتحدة. مضيفًا أنه "لديهم بعض المعلمين الجيدين. الروس يساعدونهم".

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus