سقوط نظام صدّام واغتيال عبدالوهاب حسين... الملك الخائف يلعب بنار «القاعدة»

محمد صالح أحد أفراد تنظيم القاعدة التي أوكل لهم الديوان الملكي تصفية معارضين بينهم عبدالوهاب حسين
محمد صالح أحد أفراد تنظيم القاعدة التي أوكل لهم الديوان الملكي تصفية معارضين بينهم عبدالوهاب حسين

2019-07-16 - 3:01 ص

مرآة البحرين (خاص): دائما ما يدفع ممثلون عن العائلة الحاكمة في البحرين وقريبون منها بأن المعارضة البحرينية تريد استنساخ النموذج العراقي، في إشارة إلى تقدم الشيعة هناك من جهة والفوضى الأمنية من جهة أخرى بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.

هي أشبه بمرافعة عن موقفهم الرافض للإصلاحات السياسية التي تطالب بوضع حد لاستحواذ عائلة آل خليفة على السلطة. فالمقصود دائما هو استمرار نظام المصالح مقابل استفراد العائلة الحاكمة دائما بالقرار.

لم تكن المعارضة تملك إلا تطميناتٍ وتأكيدات متكررة بحرصها على السلم الأهلي أكثر من العائلة الحاكمة، حتى جاء برنامج ما خفي أعظم ليؤكد أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة هو من كان يريد استنساخ التجربة العراقية.

لقد كشفت شهادة محمد صالح (أحد أعضاء تنظيم القاعدة) أن الملك كان يراقب جيدا المشهد العراقي وملامح صعود تنظيم القاعدة مع الأشهر الأولى لانهيار نظام صدام حسين، وكان يريد أن يستفيد من ذلك الصعود لإرسال رسائل سياسية للداخل والخارج.

بحسب ما أعلنه محمد صالح، فإن جهاز الأمن الوطني، وبتنسيق مع الملك، طلب منه قيادة خليةٍ من أعضاء بحرينيين في القاعدة لتنفيذ عملية اغتيالات ضد قيادات معارضة على رأسهم الأستاذ عبدالوهاب حسين.

فما هي الرسائل التي كان يريدها الملك من وراء تشكيل هذه الخلية الإرهابية؟

بسبب إعلانها عن رفضها للانقلاب على التفاهمات التي تم التوصل لها قبل التصويت على ميثاق العمل الوطني، وإصرارها على المشاركة الحقيقية في السلطة، كان الملك يريد توجيه ضربة موجعة للمعارضة على مستوى القيادات يمكن لها أن تنهي التطلعات السياسية المعارضة.

لقد كان رموز المعارضة مجمعين آنذاك على رفض الدستور المنحة وكل ما صدر عن الملك من مراسيم فبراير 2002 (أي قبل أكثر من عام على حادثة تجنيد محمد صالح). 

وجد الملك في صعود تنظيم القاعدة إمكانية كبيرة لضرب أحلام المعارضة دون أن تتورط أجهزته الأمنية في ذلك، حينها ستفكّر المعارضة جيدا في أن «خلخلة تركيبة نظام الحكم بشكلها الحالي قد يؤدي إلى نتائج كتلك التي تحدث في العراق».

وللمصادفة الكبيرة، فإن تنظيم القاعدة في العراق نجح بعد 17 يوما من توقيف محمد صالح في السعودية من اغتيال الزعيم السياسي البارز محمد باقر الحكيم في تفجير سيارة مفخخة (8 أغسطس/ آب 2003) في النجف الأشرف.

ولابد من التذكير بأن غزو العراق كان في سياق حرب قادها جورج بوش الابن تحت ذرائع نشر الديمقراطية ومكافحة التطرف بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وصلت ذروتها بإعلان ما سمي (خطة الشرق الأوسط الجديد) التي كانت تهدف لتشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي.

في ظل تلك الأجواء كان الملك يستشعر خطرا كبيرا، ولعل ذلك ما يفسّر قول الضابط عدنان الظاعن لمحمد صالح أن «البحرين في وضع خطير وأمورنا متأزمة ويمكن لكم كأفراد في القاعدة أن توقفون تقدم الشيعة».

كان الملك يعتقد أن التلويح بإشعال حرب طائفية في البحرين هو الخيار الوحيد لقطع الطريق على أي أفكار داخلية وخارجية للتحوّل الديمقراطي، وأنه يمكن لهذا الخيار أن يدفع المعارضة ذات الأغلبية الشيعية للقبول بالأمن مقابل الديكتاتورية.

إنه يقول بوضوح ما يتقنه الزعماء العرب في كل مكان: البديل دائما عن الأنظمة الديكتاتورية هو الفوضى، وإن ثمن التحول الديمقراطي سيكون مكلفا بالنسبة للمطالبين بالديمقراطية والوجود الأمريكي في المنطقة على حدٍ سواء.

لقد كان الملك يلعب بنار «القاعدة»، وثبّتت شهادة محمد صالح أنه لن يتورع عن اللعب بنار التنظيمات الإرهابية كلما دعت الحاجة، وأنه لن يتورع عن بناء أجهزة أمنية بعقيدة قتالية متطرفة حتى لو أفرزت العشرات من المقاتلين في داعش والقاعدة.