لهذا تطارد الداخلية النائب السابق أسامة التميمي
2019-06-16 - 1:13 م
مرآة البحرين (خاص): بعد سنوات من غيابه عن التواجد العلني في الساحة العامة، فاجأ النائب البرلماني السابق أسامة التميمي الرأي العام يوم أمس السبت 15 يونيو 2019، بلجوئه إلى السفارة الأمريكية طلباً للحماية، وذلك خوفاً على حياته وأفراد عائلته.
قال التميمي لأمن السفارة أن طلبه جاء بعد تعرضه للاستهداف والاضطهاد والتهديد بشكل دائم من قبل السلطات وتحديداً منتسبى وزارة الداخلية البحرينية، آخرها تعرضه صباح أمس السبت إلى المطاردة وإجباره من قبلهم على الخروج من سيّارته، مشيراً إلى أنهم كانوا يرتدون ملابس مدنية ويقودون سيارات مدنية.
لقد غاب التميمي عن الساحة العامة خلال السنوات الأخيرة، ربما محاولة منه لدرء استهداف السلطات له وكف أذاها عنه، لكن يبدو أن ذلك لم يجد نفعاً، فما زال الاستهداف له قائماً كما أوضح للسفارة الأمريكية في طلبه الحماية يوم أمس.
النائب السابق أسامة التميمي دفع غالياً ثمن مواقفه الإنسانية وانتقاداته الجرئية للسلطة ورفضه ما يتعرّض له السجناء السياسيين منذ 2011 من انتهاكات وتقدمه بشكوى قضائية ضد كل من وزير الداخلية ووزير العدل البحريني والنائب العام. كانت العقوبة أن أُسقطت عضويته من البرلمان في (20 مايو 2014) في جلسة سرّية عقدها مجلس النواب بأغلبية 31 صوتاً.
وقبلها لم يسلم التميمي من الاستهداف، ففي 28 أبريل 2012 قام مجهولون مسلحون باستهداف نادي رياضي يمتلكه بطلقات من الرصاص بلغت 30 طلقة، ولم تكشف وزارة الداخلية التي باشرت التحقيق في الحادث عن أي فاعلين حتى يومنا هذا. وفي نوفمبر 2016 حكم عليه بالسجن لمدة شهر مع النفاذ بعدها بتهمة ازدراء وإهانة موظف عام (شرطي) أثناء تأديته لمهام عمله.
كانت أول المواقف التي لفتت أنظار البحرينيين إلى التميمي هي جرأته في نقد الفساد، ففي اعتصام لأهالي الرفاع ومدينة عيسى في يناير 2012 بشأن مشروع البحير الإسكاني، اتهم فيها "العائلة المالكة بسرقة 50 ٪ من أراضي البحرين".
وعندما كانت البحرين تعيش أبشع أشكال مكارثيتها الطائفية، حرص التميمي على التواجد بين الفئات المستهدفة، وإظهار تعاضده الإنساني معهم، ورفضه لما يتعرضون له من انتهاكات، ففي سبتمبر 2012 قام التميمي بتأدية صلاة الجمعة خلف الشيخ عيسى قاسم في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، ثم اجتمع معه في حضور العلامة السيد عبدالله الغريفي.
وفي يناير 2013 تقدم التميمي ومعه النائب السابق خالد عبد العال بشكوى ضد وزيري الداخلية والعدل والنائب العام بتهمة التستر على منتسبي الوزارتين والقيام بانتهاكات لحقوق المواطنين، وقال التميمي الذي كان يرأس حينها اللجنة الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب: «تقدمنا بهذه الشكوى إيمانا منا بأن الكثير من الناس في البحرين ظلموا، وعانى الشعب البحريني خلال العامين الماضيين الأمرّين، ونُكل بجزء منه، وخسرت عائلات أبناءها، وتم تدنيس مقدسات آخرين، ونحن اليوم نتقدم بشكوى ضد من تسبب في معاناة هذا الشعب»، الأمر الذي يفسّر سبب استهدافه بشكل خاص من قبل وزارتي الداخلية والعدل.
وكان التميمي يحرص على المشاركة في تقديم واجب العزاء إلى ذوي الشهداء، وقال في احتفال أقامته جمعية "وعد" تكريماً لأمهات شهداء "ثورة 14 فبراير" بمناسبة عيد الأم: "الدماء التي سالت على أرض البحرين هي ما سيصنع التغيير، ولا رجوع عن المطالب بعد كل هذه التضحيات".
وفي جلسة العار التاريخية التي انعقدت في (28 يوليو/ تموز 2013) بدعوى من الملك، لإقرار عدة توصيات بينها "إسقاط الجنسية" عن المعارضين و"تشديد العقوبات" عليهم و"منع التظاهرات في العاصمة المنامة"، وبينما كان الجميع بين ردح وشتم وبصم، كانت كلمتان شجاعتان فقط، هما ما عبّرتا عن مكمن «الوجع» البحريني بجرأة، إحدى الكلمتين كانت لأسامة التميمي والثانية كانت لخالد عبدالعال، حتى إن النائبة البذيئة سوسن تقوي لم تتحمل صراحة التميمي، فصرخت فيه: «چب»!
قول كلمة الحق للحكم الظالم، جعل من التميمي مصدر إزعاج للسلطة وإرباك لها، في فبراير 2014 تناقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي رسالة نسبت له موجهة للحكم في البحرين، تضمنت تأكيده أن "الناس باتت تبغض الحكم في البحرين الذي يلتف حوله المنافقون وتحصنه المرتزقة المستجلبون من الخارج" بحسب التعبير الوارد في الرسالة.
وفي المجلس النيابي (التكميلي) بعد أحداث 2011 بقى التميمي صوتاً مزعجاً وهو يثير أوضاع السجناء وما يتعرضون له من انتهاكات في سجن جو، وكان للتميمي مواقف واضحة في التضامن مع السجناء السياسيين خصوصاً الحقوقي نبيل رجب منذ اعتقاله للمرة الأولى في 2015، وفي 23 إبريل 2014 هاجم التميمي رئيس المجلس آنذاك خليفة الظهراني متهما إياه بالسخرية من سجناء جو الذين تعرضوا للضرب على يد قوات خاصة اقتحمت السجن، وقال مخاطبا الظهراني: هل تسخر من آلام الناس ومعاناتهم؟
كل هذه المواقف، كان لها ثمنها الباهظ عند السلطة، كان التهديد الأول هو إطلاق الرصاص على النادي الرياضي الخاص به وتحطيم نوافذه، ولما لم يثنه ذلك عن مواقفه الإنسانية أسقطت عضويته النيابية، ثم تم الانتقام منه بمحاكمته وحبسه شهراً، ورغم غياب التميمي عن الفضاء العام بعد خروجه من السجن، والتزامه بالصمت، إلا أن استهدافه لم يقف عند هذا الحد.