حساب (نائب تائب) من كومة قمامة الداخلية إلى اتهام المعارضة

كومة قمامة الداخلية كما وصفهم رئيس الوزارء ( محمد الشروقي وآخرين بعد الافرج عنهم إثر أزمة حساب نائب تائب في 2018)
كومة قمامة الداخلية كما وصفهم رئيس الوزارء ( محمد الشروقي وآخرين بعد الافرج عنهم إثر أزمة حساب نائب تائب في 2018)

2019-05-27 - 12:09 ص

مرآة البحرين (خاص): يعتقد البحرينيون أن حساب "نائب تائب" الشهير والحسابات المتداخلة معه تدار ضمن لعبة صراع الدواوين، أو ما يسمى بصراع الأجنحة في البحرين. الحساب الذي ظهر فجأة في فبراير 2018، ليخرج الصراع من داخل كواليس العائلة المالكة، إلى فضاء الشارع العام، خرج على شكل (صراع ديكة)، يريد كل ديك أن يقتل منافسه ويقضي عليه من أجل الفوز بالبطولة المطلقة.
لقد صار هذا الصراع المكتشف بين جناح الخوالد وجناح رئيس الوزراء، محل هرج الناس ومرجهم وموضعاً تندرهم واستنكارهم في كل محفل ومجلس في البحرين. الجميع يعرف أن لا أحد في الشارع البحريني بشقيه الموالي والمعارض، له ناقة فيه ولا جمل، فهي معارك (ناس كبار) تتعلق بالغلبة والنفوذ والتزعّم والسيطرة والاستحواذ، والناس معركتها حقوقها ومعيشتها وكرامتها في وطنها، فأي فرق بين المعركتين.
يسرّب هذا الحساب من معلومات خاصة عن الأطراف المتصارعة ومكالمات ومراسلات، بغض النظر عن صحتها أو عدمها، لكنها تبدو تسريبات من داخل البيت، من العائلة نفسها أو مقرّبين، فالعائلة المالكة في البحرين معروف انغلاقها على نفسها وانفصالها عن الشعب، وجميع الوزارات السيادية بيد أبناء العائلة أنفسهم، وكذلك معظم الوزارات الأخرى، وباقي الوزارات موزعة على أتباعهم من أبناء القبائل والعوائل الموالية المعروفة، ولا مكان للشيعة حتى داخل الوزارات السيادية مثل الداخلية والدفاع، فلا أحد من المعارضة يمكنه الوصول إلى هذه المعلومات الخاصة، ولا تلك التسريبات الاستخباراتية والتجسسية، الأمر الذي يجعل اتهام شخصيات حقوقية معارضة معروفة تقيم في الخارج بإدارة حساب "نائب تائب" وغيره، هي أقرب للطرفة.
وزارة الداخلية التي تتم مهاجمتها اليوم عبر هذا الحساب، كانت هي المتهمة الأولى بإدارة الحساب السابق، هذا الاتهام لم يصدر من المعارضة أو الشارع البحريني، بل من رئيس الوزراء نفسه، كان ذلك بعد الحرب التي أطلقها هذا الحساب عليه في العام الماضي، استمرت لثلاثة أشهر (من فبراير حتى أبريل 2018)، فقد انتقد خليفة بن سلمان آل خليفة في مجلسه الأسبوعي (18 فبراير/ شباط 2018) إدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية، وقال إنها تنشر الفتنة بين المواطنين، ونقل النائب السابق محمد خالد عن رئيس الوزراء قوله خلال مجلسه الأسبوعي "وضعناها (إدارة الجرائم الإلكترونية) لتحافظ على الناس فإذا فيها أناس يأتي منهم الخطأ ونشر الفتنة بين الناس". فمن الصادق الآن ومن الكاذب؟ هل رئيس الوزراء الذي اتهم وزارة الداخلية أم وزارة الداخلية التي تتهم اليوم معارضين في الخارج؟
لم يتوقف هذا الحساب عن (شرشحة) رئيس الوزراء حتى تم اعتقال 6 أشخاص هم الإعلامي محمد الشروقي (البشري)، عبدالعزير مطر (ضابط في وزارة الداخليّة)، عبدالله يوسف المالود، خالد محمد محمد، راشد سعد الدوسري (موظف في إدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية)، فهد صالح الشمري، خمد الحساب لفترة، قبل أن يعود بإدارة جديدة وخطاب جديد؟ فهل من تفسير لهذا عند وزارة الداخلية؟ ولماذا صمت الحساب بعد اعتقال هؤلاء بالذات؟ وما علاقة توقف الحساب وتغيير إدارته بالمعارضة في الخارج؟
التطور الدراماتيكي الذي حدث لحساب "نائب تائب" بعد اعتقال محمد الشروقي والكومة الذين معه، ومن ثم تغيير إدارته، والسيطرة على محتواه، والانقلاب الذي حدث في توجهه لصالح رئيس الوزراء منذ ذلك الحين حتى الآن، لا أحد يعرف تفاصيلها، لكن ما هو واضح الآن أن مهمة هذا الحساب صارت مهاجمة (مهاجمي رئيس الوزراء)، والنيل من خالد بن أحمد وشقيقه المشير خليفة بن أحمد اللذين وصفهما بـ "العصابة المارقة"، ومهاجمة أدوات إعلامهم الذين وصفهم رئيس الوزراء بأنهم (كومة قمامة) بمن فيهم محمد الشروقي ومن معه، ومهاجمة وزارة الداخلية ووصفها بالمختطفة من قبل أبوظبي، فأي ناقة للمعارضة بهذه المعركة الواضح أطرافها؟
توجع تغريدات هذا الحساب وفضائحه وزارة الداخلية التي انقلب سحرها على ساحرها كما يبدو، وهي لم تجد شماعة تنكب فيها خيبتها سوى المعارضة والتآمر الخارجي، إنها الحاوية التي تلقى فيها كل خيبات السلطة وأكوام قمامتها ومآزقها ومشاكلها، خاصة وأن الشارع السني قبل الشيعي الآن قد أصابه الغثيان المفرط من (هواش) الدواوين، وصار فوق إحباطاته المعيشية والحقوقية والتضييق التهميش والتمييز، يتابع مسلسل صراع الديكة ولسان حاله يقول (هم يضحك وهم يبكي)، هذا الصراع الذي يعلم أن لا شيء فيه من أجل إحقاق حق للعباد أو إبطال باطل عن البلاد، بل تصارع على النفوذ والاستحواذ على السلطات والكراسي والأموال، في حين يقضي البحريني أسوأ أيامه التي لم يوعد بها، وتعيش البلاد أشد سنواتها العجاف سياسياً واقتصادياً.