هل بإمكان اجتماع "صفقة القرن" في البحرين تحقيق أي شيء ملموس؟

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيف)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيف)

هيئة التحرير - موقع تي آر تي وورلد - 2019-05-22 - 6:35 م

ترجمة مرآة البحرين

قرّرت واشنطن القيام بخطوة من أجل خطة طويلة المدى للسلام للفلسطينيين والإسرائيليين من خلال "ورشة عمل اقتصادية" تهدف إلى حشد المستثمرين الأثرياء من أوروبا والشرق الأوسط في البحرين، الشهر المقبل، لوضع خطة مالية.

منذ تسعة أشهر، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تتوصل إدارته إلى خطة ملموسة، أشار إليها على أنها "صفقة القرن".

مع ذلك، منذ ذلك الحين، لم يتم الإفصاح بشكل واضح عن تفاصيل الخطة الطموحة، ما جعل عددًا من الخبراء يشككون في النوايا الحقيقية لإدارة ترامب، التي كانت معروفة بمواقفها الشديدة المؤيدة لإسرائيل.

تم تطوير خطة ترامب، وسيتم تنفيذها على ما يبدو من قبل جاريد كوشنر، صهر الرئيس وكبير مستشاريه، وهو أيضًا رجل أعمال يهودي أمريكي ثري تربطه علاقات وثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي المُتشدد بنيامين نتنياهو.

وقال كوشنر إنّه "لا يمكن تحقيق تقدّم اقتصادي إلا برؤية اقتصادية قوية، وفي حال تم حل القضايا السياسية الأساسية" مضيفًا "نتطلع إلى تقديم رؤيتنا حول الطّرق للربط بين القضايا السياسية الأساسية في القريب العاجل".

على الرغم من تركيز كوشنر على أهمية حل "القضايا السياسية الأساسية"، لن يكون هناك نقاش بشأنها في اجتماع البحرين، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.

السلطات الفلسطينية قالت أيضًا إنّها لم تناقش أمر الاجتماع على الإطلاق. وقالت السلطة الفلسطينية إنّها ستقاطع الاجتماع.

خطة اقتصادية إقليمية؟

مكان الاجتماع، وهو البحرين، ينبئ أيضًا بجزء من القصة.

بالإضافة إلى  نتنياهو، الذي أشار إلى أن إسرائيل ستضم الضفة الغربية كما فعلت مع مرتفعات الجولان من سوريا، كان حلفاء كوشنر هم التحالف السعودي الإماراتي، الذي يقود الكتلة الخليجية ضد جبهة المقاومة التي تقودها إيران في الشرق الأوسط، حتى الآن.

يريد كوشنر استخدام أموال الخليج لتمويل حلفائه في مصر والأردن ولبنان، وبناء حزمة إقليمية تشمل الاستثمارات في غزة والضفة الغربية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين. يعتقد الدبلوماسيون والنواب أن قيمة هدف الولايات المتحدة للحزمة الإقليمية تُقَدر بنحو 70 مليار دولار، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.

اتبع ترامب وكوشنر في الغالب جدول أعمال، يمنح الأولوية للملف الاقتصادي على حساب الأسباب السياسية. نتيجة لذلك، تم  التّخطيط لاجتماع البحرين لمعالجة القضايا الاقتصادية أولًا، ما أدى إلى تشكيل ائتلاف يلاحق المشكلات السياسية.

تأتي خطة كوشنر للسلام بعد فوز نتنياهو، الأمر الذي شجّع متشددي إسرائيل أكثر ضد الفلسطينيين. زادت حكومة نتنياهو مؤخرًا الضغط على الفلسطينيين، حتى أنها طردت عددًا من مراقبي السلام المُعينين من قبل الأمم المتحدة من البلاد.

وبسبب شعورهم بالزخم السياسي  إلى جانبهم، قد يتصور كوشنر ونتنياهو أنه  [الآن] الوقت المناسب لاستخدام الوسائل المالية بهدف ضمان استسلام فلسطيني.

قال ريتشارد فولك، وهو خبير أميركي يهودي مختص بالصراع الفلسطيني، في مقابلاته السابقة مع شبكة تي آر تي وورلد، إن التطورات الإقليمية الأخيرة "كلّها جزء من استراتيجية يقودها نتنياهو لإجبار الفلسطينيين على الاستسلام".

في السنتين الأخيرتين، مع "دعمه غير المشروط" لإسرائيل، قطع ترامب أيضًا المساعدات عن الفلسطينيين في محاولة لمحاصرة الأمة  [وإجبارها] على الاستسلام لإسرائيل.

وفقًا لفالك، تريد إسرائيل إجبار الفلسطينيين على قبول النصر الإسرائيلي كواقع،  عندها، يمكن لتل أبيب أن تفكر"بسلام اقتصادي" يستطيع أن يحفز على التقدم في حياة الفلسطينيين.

وقال فالك إن "السياسة الأساسية تتمثل في زيادة معاناة الشعب الفلسطيني إلى درجة يستسلم فيها، أو يتخلى عن فكرة المقاومة من أجل النضال الوطني، ثم يكافئون ذلك القبول بتحسين الظروف الاقتصادية لإبقائهم كمشاركين سياسيين من الدرجة الثانية في إسرائيل، ما يتطلب التخلي عن أي مطالبة فلسطينية بتقرير المصير".

يبدو أن اجتماع البحرين يهدف إلى خلق جو سياسي يمكن لكوشنر وحلفائه في الخليج أن يناقشوا فيه، إلى جانب الإسرائيليين، إمكانيات "سلام اقتصادي".

لكن الخبراء يرسمون صورة قاتمة عن الخطة. فقد صرّح آرون ديفيد مولر، وهو خبير في بناء السلام، يعمل الآن لمركز ويلسون، لصحيفة وال ستريت جورنال، أنه  "بغض النظر عن كيفية رسم صورة مقنعة لما يمكن أن تكون عليه الحياة في غزة والضفة الغربية ... الحقيقة هي أنه لا يمكنك مبادلة وجهات النظر الفلسطينية بشأن الحلول الوسط بشأن القدس، والدولة والسيادة مقابل دجاجة في كل قدر، جهاز كمبيوتر في كل منزل، مساعدات وتجارة".

ويعتقد روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، وهو مؤسسة فكرية أميركية موالية لإسرائيل، أن تداعيات الخطة ستكون أشد سوءًا حتى. أجرى ساتلوف مقابلة مع كوشنر في أوائل مايو، واستضافه في المؤتمر السنوي للمعهد. بعد المقابلة، كتب ساتلوف مقالًا  تحت عنوان "خطة سلام جاريد كوشنر ستكون كارثة".

وقال ساتلوف في المقال إنّه حتى كوشنر "يقر بأن" فشل خطة السلام هو الخيار الأكثر ترجيحًا، واصفًا إياه بـ "رهان المال الذكي"، والذي يهدف بشكل أساسي إلى تحفيز نوع من التعاون الإقليمي بين حلفاء واشنطن في الخليج، وإسرائيل  ودول مثل مصر والأردن ولبنان.

وأضاف أنّ الطريقة الوحيدة لحماية الجدوى طويلة الأجل لأفضل جوانب خطة كوشنر هي القضاء على الخطة".

النص الأصلي

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus