الخزائن بلا حارس: وقائع من اختطاف «جامعة البحرين» ولعب المجنّسين بمقدراتها
2019-04-01 - 12:53 ص
مرآة البحرين (خاص): السخط الشعبي لم يثر دون سبب، فالبحرينيون يشعرون أنهم غرباء مهمّشون في وطنهم، هذا ليس خيالاً لكنها الحقائق بالأسماء والوثائق. «مرآة البحرين» تستعرض في هذا التقرير نموذجاً من الخطر الذي يمثله التجنيس في إحدى المؤسسات التعليمية.
جامعة البحرين الوطنية التي تأسست منذ 33 عامًا (1986) هي واحدة من أهم المؤسسات الوطنية التي تم تهميش البحرينيين فيها، فأغلب طاقمها التعليمي من الأجانب، وأكثر النافذين فيها من المجنّسين، وهنا نموذج واحد لشلّة واحدة فقط من شلل الفساد من المجنسين الذين حوّلوا الجامعة مزرعة خاصة لهم.
سالم عبدالرحمن غميض مواطن ليبي من مواليد 1955، أتى إلى البحرين أستاذاً جامعياً، وفي العام 2010 تم تجنيسه ليحمل الجواز البحريني، لكنه لم يغير وضعه القانوني في الجامعة من أستاذ أجنبي إلى بحريني، تفادياً لإيقاف لعلاوات الكبيرة التي تضاف إلى راتبه كونه أستاذًا أجنبيا ومستشاراً قانونيا لرئيس الجامعة.
حصل سالم على كل المميزات كأستاذ أجنبي يعمل في كلية الحقوق، كما أنه حصل على كل المميزات الخدمية كمواطن بحريني. يقول بعض زملائه أنه حصل على منزل إسكاني بسرعة البرق، وحصل بعض أولاده على بعثات حكومية، وفتح مكتبًا خاصاً للمحاماة، وصار يحاضر لدى البنوك الاسلامية ويمدّ عقوده التجارية كصاحب مكتب محاماة بل إنه صار يترافع ضد جامعة البحرين التي كان مستشاراً قانونيًا لرئيسها، يدافع عن قضايا أساتذة آخرين عليهم مطالبهم مالية للجامعة. لقد امتص من ضرع البلاد ما أمكنه فبعد الحليب لا يوجد إلا الدم.
كانت زوجته تحصل على راتب من الجامعة كونها لا تعمل حسب قوانين الجامعة، قبل أن يشرّفها أحمد الزايد رئيس ديوان الخدمة بوظيفة في الديوان نفسه.
بعد ست سنين كاملة، تم اكتشاف الأمر من الجهات الإدارية، فتمت كتابة مذكرة لنائب رئيس الجامعة تشرح وضع هذا الشخص، وتطلب بوضوح أن يعيد سالم غميض ما استلمه من مميزات كأستاذ أجنبي خلال السنوات الست.
بالتأكيد لم ولن يدفع غميض شيئاً فهو يعرف أن البلاد مهلهلة وأن الفساد أساس الحكم. لذلك وجد في الاستقالة والانتقال لجامعة أخرى مخرجا جيدا. استقال غميض وذهب للعمل في جامعة المملكة مدرّساً فيها إضافة لعمله التجاري.
ليست كل الحكاية
يتبادل المجنّسون في الجامعة المنافع وكأنها من ورثة أجدادهم. عبدالله المزوغي ليبّي آخر يعمل في الجامعة وهو من توسّط لجلب سالم غميض. بعد فترة من الزمن، تم فصل المزوغي من العمل في كلية إدارة الأعمال لحصوله على تقييم سيء جدا.
هنا جاء وقت رد الجميل. قام غميض، الذي وصل لمنصب المستشار القانوني لرئيس الجامعة، بترشيح مواطنه المفصول ليكون مديرا لمكتب التدقيق الداخلي بالجامعة.
اعترض ديوان الخدمة المدنية على تعيين المزوغي كمدير للتدقيق الداخلي، لكن إدارة الجامعة اعتبرت رفض ديوان الخدمة كأنه لم يصدر أساساً، واستمر المزوغي في عمله وقبض راتبه كمدير حتى هذه اللحظة.
والمضحك أن سالم غميض، حتى بعد مغادرته الجامعة التي سرقها لست سنوات، كان يدخل برفقة المزوغي، لكي يطلع على الملفات الداخلية للجامعة. هذه ليست بلاداً بالنسبة لهم إنها خزانة مال سائب تحلّ سرقتها.
آمال أيضا
على علاقة بقصة هذين الليبيين الاثنين، هناك أستاذة سودانية. آمال عبدالوكيل محمد محمود، أستاذة في كلية إدارة الأعمال (البزنز)، مواطنة سودانية تم تجنيسها كبحرينية أيضًا. كانت عبدالوكيل زميلة للمزوغي في الكلية.
تعهدت عبدالوكيل بأن تتولى تدريس جميع محاضرات زميلها الذي صار مديراً للتدقيق، لكنها بعد فترة أحسّت بالغبن، فهي لم تنل مكافأة وحصة من هذه الكعكة المسمّاة بجامعة البحرين، لذلك طالبت بترقيتها.
وبالفعل، قام المزوغي بترشيحها لمنصب مديرة الشؤون المالية والإدارية وقد حصلت على المنصب، لكن بعد شهر من تعيينها رفض من ديوان الخدمة المدنية القرار لأن سنّها تجاوز 65 عامًا.
لكن كتعويض لها تمت ترقيتها من رتبة أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك دون ان تجري اي بحث علميّ يؤهلها لذلك كما جرت عليه الأعراف العلمية، لكنها المهزلة.
يبدو أن آمال عبدالوكيل سيئة حظ، فخزائن جامعة البحرين تمتنع عنها، فبعد سنين من الترقية تم اكتشاف اللعبة في ترقيتها وتم إعادتها كأستاذ مساعد، لكن لن يطالبها أحد بإرجاع ما تقاضته من أموال في الرتبة الجديدة، فهي من الكسب الحلال في جامعتنا!
إن كذبة تجنيس الكفاءات لم تعد تلقى رواجا في أوساط البحرينيين، وكذلك الحال مع كذبة الاندماج. لقد ظل غميض مشغولا بقضايا وطنه الأم. ففي العام 2013 (أي بعد تجنيسه)، تعرض منصة اليوتيوب محاضرة بالصوت والصورة لسالم غميض وهو يقدّم محاضرة في مدينة بنغازي الليبية عن الدستور الليبي الجديد. كان يعمل في بلاده في الشأن العام كليبيّ، بينما كان في البحرين يحصل على مكتسبات المواطن في الإسكان والخدمات، وعلاوات وبدلات الأجنبي.
لقد باتت الجامعة الوطنية، نموذجًا واضحاً لتغوّل بعض المجنسين، ولعبهم بمقدرات البلاد، واتقانهم لعبة السيطرة والنفوذ دون ضوابط، والمؤكد أن ثمة من يدعمهم ويغض البصر عن كل ما يفعلونه بالبحرين وأبنائها.
- 2024-11-30 “احتراز أمني”.. ذريعة السلطات البحرينية لاستهداف المفرج عنهم بالعفو الملكي
- 2024-11-29رسول الجشي.. المشكوك في كونه بعثياً
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟