حكيم العريبي حظي بالعالم إلى جانبه، ماذا عن "حكيم" المقبل؟

حكيم العريبي
حكيم العريبي

نازفي كريم - صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست - 2019-03-09 - 2:00 ص

ترجمة مرآة البحرين

لم يكن حكيم العريبي قادرًا على رؤية الكثير من زنزانته التايلاندية، لكن خلف قضبان السجن التي حرمت اللاجئ ولاعب كرة القدم البحريني من حريته، كان العالم في الخارج -من أجله- يتغير بطريقة لم يكن ممكنًا له أبدًا تصورها.

أثار احتجاز العريبي، والمكائد السياسية المحيطة به، حملة عالمية للإفراج عنه. لكن، في الحقيقة، تلك هي المشكلة. قد يكون العريبي رجلًا حرصا بفضل جهد عالمي، لكن المأساة في هذا كلّه هي أنه لم يكن يجب على العالم أن يتورط بذلك في المقام الأوّل.

في اللّحظة التي تم اعتقاله [العريبي] فيها في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني عند وصوله إلى بانكوك لقضاء شهر العسل، تحركت جماعة صغيرة في ملبورن في أستراليا -حيث أقام بعد حصوله على وضع لاجئ في العام 2017 ولعب كرة القدم.

وصل التّأثير إلى سيدني، التي أصبحت المقر الرّسمي لحملة أنقذوا حكيم #SaveHakeem. ومستخدمًا شبكة كرة القدم، انتشر الحراك بسرعة، ليصل إلى كانبرة ومكتب رئيس الوزراء، ويجتاز شواطئ أستراليا، ويصل إلى العالم.

الاحتجاجات في ملبورن، سيدني، برلين وفانكوفر، من بين مُدُن أخرى، أثبتت لأولئك الذين يمتلكون السّلطة للإفراج عن العريبي أن العالم كان غاضبًا. أوضح المحتجون أنّهم سيقومون بكل ما هو ممكن لوقف تسليم العريبي للبحرين، حيث كان يخشى الاحتجاز والتّعذيب، لكونه وجّه الاتهامات بشكل علني لعضو من العائلة الحاكمة -وهو رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة- بالتّورط في حملة القمع ضد الرّياضيين البحرينيين خلال الرّبيع العربي.

أخيرًا، في 11 فبراير / شباط، بعد أكثر من 70 يومًا في السّجن، تمّ الإفراج عن العريبي، وانطلق في رحلة في الليلة ذاتها إلى ملبورن حيث تم الترحيب به كالأبطال.

كان ذلك جهدًا فائقًا من قبل عدد من الأفراد والهيئات، بمن في ذلك لاعبون في النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو FIFPro)، ورابطة اللاعبين العالمية، وعدد من منظمات حقوق الإنسان.

بالنّسبة لشبيهي كريغ فوستر، القائد السابق لمنتخب أستراليا لكرة القدم، والذي كان الوجه العام في الجهود المبذولة لتحرير العريبي، إنها بالكاد البداية. يدرك [فوستر] أن "العريبي" المقبل لا يستطيع الاعتماد على كرة القدم.

صرّح فوستر لصحيفة South China Morning Post أنّ "جمال قضية حكيم هو أنها أصبحت واضحة لكل أستراليا، كل الأحزاب -الخضر وحزب العمال والليبراليين، لا علاقة للأمر بسياسات الأحزاب بل بأخلاقياتنا الأساسية"  مضيفًا أن "مساعدة شخص يحتاج لذلك قيمة أسترالية".

ولفت فوستر إلى أنها "جزء من نقاشنا الأوسع نطاقًا عندما يتعلق الأمر بإدارة كرة القدم والتدخل أو عدم التّدخل على عدد من المستويات في عالم كرة القدم ومسؤوليه"، مضيفًا أنه "خلال الأزمة كلّها، كنّا نراجع سياسات حقوق الإنسان لدى الفيفا والاتحاد الآسيوي لكرة القدم، لكن الالتزام بذلك، وفي عدد من الحالات، انعدام فهمهم لواجباتهم، أمر يستدعي التّدخل العاجل".

وأشار فوستر إلى أن "كرة القدم في حد ذاتها لا تستطيع الاعتماد على مثل هذه الحملة البارزة [كما في حالة حكيم] بالنسبة للّاعب الشّاب المقبل الذي تكون حياته في خطر. تحتاج كرة القدم نفسها إلى التفاعل والتصرف بسرعة وفاعلية أكبر وفقًا لسياساتها الخاصة. وقضية حكيم تثبت هذا. بالتّالي، في المستقبل، في حال حصل شيء ما، فإنّ دوري [في المساعدة على الإفراج عن حكيم] ليس ضروريًا".

اعتمدت هيئة الفيفا سياسة لحقوق الإنسان تلتزم بالعمل بموجبها في قضايا مماثلة لقضية العريبي. وتمتد هذه السياسات تلقائيًا إلى الهيئات القارية مثل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الذي -ظاهريًا على الأقل- بدا غير مبالٍ باحتجاز العريبي.

في يونيو / حزيران من العام الماضي، تمّ إنشاء مركز حقوق الإنسان في الرياضة في جنيف في سويسرا من أجل محاولة الحد من انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالرياضة ومساعدة الضّحايا. وتترأسه رئيسة إيرلندا السابقة ماري روبينسون.

قال فوستر إنّها "فرصة لكرة القدم لتُقَدّم مساهمة ذات مغزى في رفع مستوى الامتثال للقوانين الدّولية لحقوق الإنسان في العالم، وهو لا يزال مفهومًا جديدًا نسبيًا. ما تظهره قضية حكيم بوضوح هو عدم وجود فهم صحيح في مجال اللّعبة لماهية الالتزامات والنقص في الإجراءات المؤسساتية على كل المستويات، بما في ذلك الفيفا، لتكون قادرة على التصرف بشكل سريع وفاعل".

ولفت فوستر إلى "أنه كان هناك أيضًا بعد سياسي، وهو قضية عميقة ودفينة. لكن في نهاية المطاف، أجبرنا الفيفا والآخرين على التحرك من خلال الضّغط العام  لأن حياة لاعب شاب كانت على المحك، ما أضاف درجة عالية من الضّغط في عام الانتخابات. وبالتّالي استخدمنا كل المنافذ القوية للإفراج عنه، لكن تلك المنافذ قد لا تكون متوفرة لاحقًا، بالنسبة "لحكيم" المقبل".

وأضاف فوستر أنّه "يجب مساءلة أولئك الذين لم يتصرفوا بشكل مناسب. إنه جزء من العملية. تحتاج قضية حكيم إلى مراجعة شاملة من قبل جميع العاملين في الفيفا وحقوق الإنسان لتعزيز الإجراءات، وفهم الحلول المُتاحة، وتدعيم عزمهم تجاه القضية المقبلة".

فوستر، الذي اعتاد اللعب في دوري هونغ كونغ هونغ كونغ، المُمَوّل من قبل شركة إرنست بوريل، قال إنه أمل أن تدفع قضية العريبي أستراليا إلى التأمل في [سياساته] وكيفية معاملتها للّاجئين وطالبي اللّجوء.

وقال فوستر إن "أحد الموضوعات الإيجابية هي النقاش في أستراليا حول كيفية معاملتنا للّاجئين"، مضيفًا أن "هناك 23 مليون طالب للّجوء في العالم، ولدى أستراليا التزام دولي في هذا الصعيد. الأعداد [التي نأخذها] تخضع دائمًا للسّياسة. مع ذلك، لا يجب ألّا تكون معاملتهم أبدًا موضوعًا للسياسة".

وأكد فوستر أنّه "تم اختبار قيمنا الإنسانية كدولة بشكل محزن في الفترة الأخيرة. لقد تمت شيطنة طالبي اللجوء لأسباب سياسية من قبل كلا الطّرفين [في أستراليا]".

أستراليا كانت قد اتُّهِمت في الماضي بمعاملة طالبي اللجوء في بابوا غينيا الجديدة في جزيرة مانوس وجمهورية ناورو في المحيط الهادئ. ومنذ عامين، وصف فرانسوا كريبو، المفوض الخاص للولايات المتحدة، [عملية] الاحتجاز على الشاطئ بأنها "وحشية ومُذِلة وغير إنسانية"، وقال إنها أضرت بسجل أستراليا الذي، بخلاف ذلك، كان قويًا في مجال حقوق الإنسان.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus