«المشروع الوطني للتوظيف» غاب عنه رئيس ديوان الخدمة المدنية... أيّة جدية؟
2019-02-26 - 12:08 م
مرآة البحرين (خاص): يكفي عدم إقدام الحكومة باتخاذ قرار إلغاء نظام البحرنة الموازي، ويكفي غياب رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الزايد عن المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الاثنين 25 فبراير/ شباط 2018 خمسة وزراء والرئيس التنفيذي لصندوق تمكين، يكفي ذلك لمعرفة أن المشروع الذي أطلقه هذا الأسبوع مجلس الوزراء تحت الاسم القديم المُكرر «المشروع الوطني للتوظيف» ما هو إلا تحايل من الحكومة، وهرب من المشكلة الأساس: توظيف البحرينيين.
إن غياب رئيس ديوان الخدمة المدنية المسؤول عن التوظيف في القطاع الحكومي، هو موقف صادم، ترغب الحكومة القول من خلاله للبحرينيين العاطلين ما قاله رجل الأعمال المجنّس، يوسف مشعل، لهم قبل أيام: الحكومة غير ملزمة بكم!
ومن المصادفات العجيبة التي تشبه الكوميديا السوداء، هي المؤتمر الصحافي ذاته، فمن أصل تسعة مقاعد أمامية مخصصة للصحافة، جلس أربعة - على الأقلّ- من الأجانب العاملين في الصحافة وتلفزيون البحرين. فيما توزع الإعلاميون البحرينيون، كأقلية، على البقية المتبقية من المقاعد. مصادفة كاشفة عن الوضع، فمن سينقل الخبر عبر وكالة الأنباء والتلفزيون وبعض الصحف عن مشروع توظيف البحرينيين هم ممن يشغلون وظائف يجب أن يشغلها بحرينيون وبحرينيات.
لقد تمسكت الحكومة بالمال أكثر من المواطن، عبر تمسّكها بنظامي البحرنة الموازي الذي ملخصه أن التاجر يدفع للدولة مالاً بدل التزامه بنسب البحرنة، كما تمسكّت بنظام تصريح العمل المرن كوسيلة لجباية الأموال عبر زيادة المبالغ المفروضة علي العمالة الغير النظامية، مبقية ذلك الباب مشرعاً أمام العمالة السائبة.
لم تتنازل الحكومة عن أيّ من الأنظمة التي يعترض عليها البحرينيون، والجهات العمالية الممثلة لهم مثل الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، أو غرفة تجارة وصناعة البحرين.
لم تتحدث الحكومة في مشروعها الجديد عن أي خطوات تخص الأمر الأهم، وهو «التوظيف»، بل هي ستدفع مبالغ وإعانات مؤقتة من محفظة التأمين ضد التعطّل، وهي محفظة مالية عملاقة (أكثر من 583 مليون دينار)، يتم جمعها من استقطاع 1٪ من رواتب الموظفين البحرينيين في القطاعين الخاص والعام. تطمح الحكومة منذ زمن لإعادة النظر في طريقة إدارتها واستثمارها، وقد جاءت الفرصة الآن.
تتحدث إحدى فقرات "المشروع الوطني الوطني للتوظيف" الذي أعلن عنه يوم الاثنين عن أن الحكومة أجرت تعديلاً على قانون التأمين ضد التعطل. لكنها لم تتحدث عن تفاصيل هذه التعديلات والتي سيتبين مضمونها عند عرضها على مجلس النواب.
الحكومة التي كانت نسبة الأجانب بين موظفيها تبلغ 9 ٪ حتى العام 2005 أصبحت الآن 16.6٪، بل إن النائب أحمد السلوم يقول أن نسبة الأجانب بالحكومة قفزت إلى 28% بعد تطبيق برنامج التقاعد الاختياري، لم تتحدث الحكومة عن أية خطة لإحلال بحرينيين بدل الأجانب في هذه الوظائف، بل إن الشخص المسؤول عن التوظيف في القطاع الحكومي غاب عن المؤتمر، ولا يشفع حضور الوزير غانم البوعينين الذي يمثل ديوان الخدمة أمام البرلمان فقط.
المحامي عبدالله هاشم تحدث عبر حسابه على موقع "تويتر" كمن يبدو يائساً من المشروع الجديد، إذ كتب مغرّدا "اعترضنا على أن لا نكون الخيار العاشر في التوظيف، أما أن نكون الخيار الأول فهو طموح صار بعيداً وبه نوع من المبالغة، أن نمنح ثلاثين دينارا بدلاً عن التعطل أو خمسين ديناراً، فهي صدقة جارية وليست حقاً نرتجيه، الحق في العمل للمواطن دستوري واليوم نشهد انتهاكاً صارخا للدستور من السلطات».
وسط كل ذلك، لم تعلن الحكومة عن أية قرارات جريئة من مثل قصر بعض القطاعات على البحرينيين، كالمحاسبة، أو إدارة الموارد البشرية مثلاً، وهو الأمر الذي قامت به دول خليجية أخرى. لقد أصدرت السعودية قرارات متتالية للقضاء على البطالة، أقصرت فيها العمل في عدد من القطاعات على السعوديين، بحيث لا يمكن لأي تاجر توظيف أجنبي واحد في هذه القطاعات.
البرنامج السعودي اسمه برنامج التوطين الموجّه؛ ففي قطاع واحد فقط مثل قطاع التجزئة والبيع هناك 27 مجال عمل تم إقصارها على السعوديين فقط، وكذلك على سبيل المثال قطاع الذهب والمجوهرات. هذا في الوقت الذي تتابع تنفيذ البرنامج 4 وزارت بينها وزارة الداخلية.
وهكذا، يستهدف المشروع سعودة أكثر من مليون فرصة عمل وإعطائها للسعوديين بدلاً من الأجانب.
لا إجراءات محددة للتوظيف
وها هنا تحديداً يأتي "كعب أخيل" البحرين ولبّ الفشل المتوقع. إذ لا بحرنة موجّهة لأية قطاع، لا إحلال للبحرينيين بدل الأجانب في الوظائف الحكومية، لا شيء. إنما مجرد استخدام المال الذي يتم استقطاعه (1٪) من الموظفين والعمال وصرف جزء منه كأدوية مهدئة وكـ"بندول" لتخفيف أوجاع العاطلين مؤقّتًا. إذا كان ثمّة شيء يلخص كل هذا فلن يكون غير ذلك المثل القاسي الذي يقول «دعه يستحمّ... بدمه». هذه هي فحوى «المشروع الوطني للتوظيف».
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة
- 2024-10-29هذه النماذج التي صدّرتها عائلة آل خليفة للعالم العربي