وزير خارجية البحرين لـ"نتنياهو"... شاهدْني أرقص فشعبي ميّت (قمة وارسو)
2019-02-16 - 4:45 ص
مرآة البحرين (خاص): إذا كان هناك نجم في قمة "وارسو" حول الشرق الأوسط غير رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فهو لن يكون غير وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة. "في نهاية المطاف سنقوم بإنشاء علاقات دبلوماسية مع الدولة اليهودية". هكذا تحدّث بجرأة غير معهودة خالية من أيّة محرّمات ردّاً على سؤال لمراسل صحيفة إسرائيلية خلال مؤتمر صحافي. حتّى السنوات القليلة الماضية كانت بلاده تحسب خطواتها نحو إسرائيل بالسّنوات؛ أمّا اليوم فغدا يحسبها بالأيّام.
مفرزة من التصريحات المليئة بكلمات الودّ ناحية إسرائيل والتي لا ينقصه إلا نظمها في قصيدة شعر، لا تنفكّ تتفلّق من تحت لسانه بين كل يوم وآخر. يبدو في عجلة غريبة من أمره. عجلة لا يكاد يوجد أي شبه لها عند أيّ من نظرائه الخليجيين الذين يبدون اهتماماً هم أيضاً بالتقرّب إلى إسرائيل؛ لكن ليس بهذا الشكل.
على سبيل المثال تعود بداية علاقات كل من البحرين وسلطنة عمان مع إسرائيل إلى فترة متقاربة بدءاً من العام 1994. لكن إذا كانت عُمان تطبخ علاقاتها على وقع نغم هادئ مليء بسلسلة من الحسابات المعقدة فإنّ البحرين تفضّل فعل ذلك كما تفعل راقصة. لا شرف لأيّ منهما؛ لكن إذا لم تنفجر القاعة من الضّوضاء فإنّ حكومة المنامة لا تستطيع النوم. هكذا تدشّن المنامة عهداً جديداً متسارعاً من العلاقة مع إسرائيل خالٍ من المحرّمات.
وهذا ما يجعل وزير الخارجية البحريني نجماً استثنائياً بلا منازع خلال المؤتمر الذي عقد هذا الأسبوع في العاصمة البولندية "وارسو". يحلو لجميع أقرانه من الوزراء الخليجيين أداء رقصة "التطبيع" على دندنة العود التقليدية أمّا هو فيفعله هزّاً مجنوناً كـ"الزّومبي" على وقع موسيقى الرّاب الصّاخبة. "مواجهة طهران أهم من حل القضية الفلسطينية". هكذا راحت تصريحاته تضج وتلعلع. في المرّة الوحيدة التي كفّ فيها عن التصريح كانت حين سئل عن ما إذا التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ إذ التزم الصّمت. وقد فعل ذلك فيما يشبه الصّدى لردّ فعل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الذي كان يتقدّم عليه؛ فسئل السؤال نفسه ليعلق بالصمت الذي يشبه القول "نعم".
لقد أجاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وصف اللحظات الحميمة التي سادت في قاعات مؤتمر "وارسو" بالقول إنها مثلت كسراً للمحرّمات. وقد صرح "10 وزراء خارجية عرب وافقوا على مشاركة منصة المؤتمر مع قائد إسرائيلي. إن حقيقة أنهم لم ينسحبوا من القاعة ترمز إلى كسر المحرمات". وأضاف "لدينا هنا وزراء خارجية عرب يقولون إن للإسرائيليين الحق في الدفاع عن أنفسهم ولا يقولون ذلك سرّاً ولكن على منصّة مع 60 دولة أخرى حاضرة (...) يوجد تغيير هنا (...) لا أريد أن أسمي ذلك بشرق أوسط جديد، ولكنّ شيئاً رائعا يحدث"، على حد تعبيره.
لقد قضت العائلة الحاكمة البحرينيّة على كلّ الموانع الذاتية أمامها التي تحول دون ذهابها بعيداً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل والتي لا تلقى أي قبول شعبيّ. فقادة الرّأي العام الحقيقيون جميعهم في السجون أو المنافي. كما تمّ تجريف المجتمع المدني بالكامل وضرب ستار سميك من الرّعب على المعلقين والإبقاء على مجالس "معيّنة بالانتخاب" تُدار على سمّاعة الهاتف. على ذلك، فإنّ نشوء أيّ ممانعة حقيقيّة تشكّل رادعاً حقيقيّاً لخطوات الحكومة التطبيعية هي أمر مستبعد. والحال، يمكن من الآن توقع المزيد من الأداء الرّاقص لوزير الخارجية البحريني خلال الأيام والأسابيع المقبلة على شرف الدولة اليهودية. على أنه رقصٌ فقط يحدث على بحيرةٍ كثيفة من الجثث!