رحل إبراهيم بحر، أغنية الأجاويد
2019-02-16 - 2:56 ص
مرآة البحرين (خاص): رحل الفنان إبراهيم بحر، واحد من أبرز الشخصيات الفنية والثقافية التي يُجمع عليها البحرينيون، جسّد بفنه القيم المشتركة والحياة الطيبة التي عاشها البحرينيون ومازالوا يحنون إليها بعاطفة صادقة. سيغدو إبراهيم بحر منذ هذه اللحظة جزءاً من تراثنا المفقود، سنتذكره كما نتذكر اللحظات الجميلة المفقودة أو لنقل المسروقة من هذا الوطن.
شغلته حياة (الأجاويد) حياة البحريني الأصيل، فراح يُسخّر حياته الفنية لتمثيلها، ترك لنا تراثا مشتركا، وتلك هي مهمة الفنان الحقيقي، نعود اليوم إلى مسلسل «ملفى الأياويد» ونتعزّى بحرقة إبراهيم بحر، ما كان ممثلا محترفا، بقدر ما كان بحرينياً محترقاً بكل هذه اللحظات التي جسّدها في المسلسل الشهير.
سنظل نتذكر حروفه وهي تخرج من أصداء الغرف النابضة في قلبه، أليس هو من يوصي الممثلين دوماً بمخارج حروفهم! تخرج حروفه كمعزوفة رثاء حزين لما صرنا إليه:
والله حسافة يا بلد.. يالمستوي نمرود
الأجنبي فيك ارتفع.. والأيودي ممرود
واللي زرع فيك الوفا.. عن قهوته مطرود
إن كان لي وقت وعمر.. وما ذبل عودي
لأدعي على من كسر.. وقت الضحى عودي
عودي يا أيام الفرح.. قبل الفجر عودي
والا بتلقين الدهر.. جالس على بارود
يغادرنا إبراهيم بحر، يتركنا في غربتنا، نلوذ بكلماته، نعزي أنفسنا بها ولا نجد ما نعزيه به. نتذكر العود المنكسر الذي حمل بقاياه مع صديق غربته الفنية والوطنية (أبو عوّاد)، نتذكرهما وهما يخرجان مطرودين من القهوة المحتلة من الأجنبي الغريب. العود المنكسر هو هذا الوطن، والمطرودون نحن، لم يعد لنا مكان، لذلك لم يكن لك مكان يا إبراهيم في مجلس النواب، رفضوا حتى أن يترشح اسمك لأنك تعدنا بوطن الأجاويد، ما نحن إلا بقايا أو إضافات، مواطنون مطرودون، ذابل عودهم، يتمرد عليهم الغريب المجلوب جلبا، ينتظرون فرحا لا يجيء.
لقد استقبلت يا أبا محمد في المشاهد الأولى من مسلسل «ملفى الأياويد» (سلمان) البحريني الأصيل العائد من غربة عشرين عاماً، رحت تخوض معه نضالا أجودياً من أجل استعادة وجه البحرين الأصيل وقيمه وعيشه المشترك، كان سلمان المثقف المحامي يقول لصديقك أبو عواد (سعد البوعينين): القضية أكبر من عودك المكسور، وأبو عواد يرد عليه بحسه الكوميدي: أي قضية ذبحتنا، إذا طق المطر بينكشف المستور. لقد طق المطر وأغرقنا وانكشف المستور، وتبين أن القضية أكبر من قهوة نحررها من استعادة صوت محمد بن فارس، صارت القضية وطن مسروقةٌ إرادة مواطنيه وذاكرتهم وخبزهم المشترك.
يا أبا محمد، حين عاد (سلمان) من غربته وجدك أغنية الأجاويد، صرت له حضناً، ووجد بقايا من ملفاكم الدافئ، لكننا حين نعود لن نجد أحداً، الأجاويد يرحلون ولا أحد يخلفهم غير أصوات تُجرّم كلماتك التي نجد فيها علاجاً لجرحنا: ترجعون ويرجع وجه البحرين الأصيل.