الحماية الرسمية للفاسدين: سارق بنك الإسكان عيسى الذاودي لن يدخل السجن... تعرّف على السبب

عيسى الذوادي
عيسى الذوادي

2019-02-15 - 1:35 ص

مرآة البحرين (خاص): تناقل البحرينيون باهتمام خبر إصدار محكمة التمييز قبل أيام حكماً برفض الطعن المقدم من مدير بنك الاسكان السابق، عيسى سلطان الذوادي، وتأييد الحكم بسجنه 10 سنوات بتهمة "الاستيلاء على المال العام" بما لا يزيد على مليون ونصف المليون دينار.
إلا أن الخبر الأهم في الموضوع لم يتم إبرازه بالشكل الكافي، فعيسى الذوادي الذي كان اليد اليمنى لوزير الإسكان السابق نائب رئيس الوزراء حاليا خالد بن عبدالله آل خليفة، لن يدخل السجن، وهو لم يدخله أصلاً ولو لدقيقة واحدة منذ مباشرة تحريك القضية ضده في العام 2005 ولغاية الساعة. ذلك لسبب بسيط؛ فقد أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عفوًا ملكيًا خاصاً عنه رغم إدانته.
وحتى مع اشتهار اسمه وصورته في الصحف المحلية آنذاك كرمز من رموز الفساد، ونشر وثائق التحقيق معه في النيابة العامة واعترافاته المذهلة، ظل رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة حريصاً على زيارته في مجلسه الرمضاني في لفتة رمزية تعني الكثير. فعادة ما تشير هذه الزيارات إلى الحماية السياسية العالية التي يتمتع بها "المُزَار" كائناً من كان؛ حتى لو كان واحداً من أشهر المتهمين في قضايا الفساد.
كانت المحكمة الكبرى الجنائية قد حكمت على الذوادي بالسجن 10 سنوات بتاريخ 7 يوليو/ حزيران 2009، وقد تفادى تنفيذ الحكم بالسجن بإقامته مؤقتاً خارج البلاد ريثما يتم ترتيب أوضاعه، وهكذا كان. بل حتى المتهم الثاني في القضية، المراقب المالي أوروبي الجنسية، والذي صدر ضده حكم بالسجن لمدة 5 سنوات وإبعاده نهائيا عن البلاد بعد تنفيذ فترة العقوبة، قد تملص من العقوبة هو الآخر عبر السماح له بمغادرة البلاد قبل فترة غير وجيزة من النطق بالحكم، وذلك بعد قبول طلبه في رفع منع السفر عنه. فيما تمت تبرئة المتهم الثالث رئيس الحسابات في البنك.
حتّى اليوم لم يدفع الذوادي ولا المدير الأوروبي ولا أي من المتهمين في القضية الغرامة التي فرضتها المحكمة عليهما والبالغة 334 ألفا و372 دينارا، إضافة إلى إلزامهما بسداد مبلغ 621 ألفا و430 دينارا إلى بنك الاسكان. وبدلاً من ذلك راح يكتب قصائد المديح والتملّق للقيادة السياسية والتي يبدو أنها تعطي مفعولها بشكل جيّد. منها تلك القصيدة التي كتبها إلى الملك في العام 2014، وتم نشرها في الصحافة المحلية والتي يقول فيها: "له كفان إن جاء من يستجير به/ أعطاه ما ملكت يمناه وكف الأذى عنه باليسرى/ هذي هي البحرين إرث آل خليفة نعم الخليفة ذكرا وأجدرهم طرا".
تشكل قصة عيسى الذوادي نموذجاً للحماية الرسمية للفساد في البحرين، وعدم فاعلية القانون، وشكلية المؤسسات الرسمية التي يُفترض بها محاربة الفساد. خلال العام 2017 رصدت منظمة الشفافية الدولية المناهضة للفساد ارتفاعا في منسوب الفساد في البحرين التي أصبحت في المرتبة 103 على مؤشر الفساد بدلاً من المرتبة 70 التي كانت تحتلها في العام 2016. والحقيقة أن هذه الأرقام الدولية لا تكشف مستوراً بالنسبة إلى البحرينيين؛ فهم يعرفون حكومتهم جيداً، لها قواعد وقوانين غير مكتوبة، فالمواطنون درجات وليسوا سواسية، والسجن ليس لكل من يخالف القانون، البعض ليس عليه قانون أصلاً.
من أشهر هذه القواعد ما ذكره رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان بالصوت والصورة أمام الجميع، حينما زار أحد الضباط المتورطين في تعذيب أطباء بحرينيين في العام 2011، حين خاطبه قائلاً "القانون لن يطبق عليكم (...) ولن يمسّكم شيء".