مذكرات 2018: الملك يغلق مأتما في «المالكية» والدولة تحارب شعائر الشيعة في عاشوراء

2018-12-31 - 9:52 م

مرآة البحرين (خاص): استنفر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في موسم عاشوراء هذا العام مجددا، وذهب هذه المرة إلى إغلاق أحد المآتم (المؤسسات الشيعية التي تحيا فيها المناسبات الدينية وعلى رأسها مناسبة عاشوراء).

نزولا عند غضب الملك، أمرت الأوقاف الجعفرية بإغلاق مأتم الإمام الرضا في منطقة المالكية، بعد اعتبار إدارييه مذنبين، لأنّهم، تواطئوا، أو على أقل تقدير، لم يتّخذوا الإجراء المناسب حيال موكب العزاء الذي سار على طريق، كتب على أرضيّتها محتجّون شعارا مزعجا جدا للملك «يسقط حمد» وداسوا على اسمه.

واعتقلت الداخلية رئيس المأتم محمد بو حميد، ومساعدا له، ولم يفرج عنهما إلا بعد 40 يوما، بجريرة هذه الكتابات، كما عاقبت أهالي المالكية جميعا بفرض نقاط تفتيش مشدّدة على مداخلها، واعتقلت عددا من الشبّان بشكل عشوائي واتّهمتهم بالضلوع في هذا العمل.

بعد أيام فاجأت السلطات الرأي العام باتّهامها إيران بالوقوف وراء المحتجين الذين قاموا بكتابة اسم الملك على الشارع، وقالت وزارة الداخلية في بيان إن "أعمال البحث والتحري، أكدت أن الحرس الثوري الإيراني، يقف وراء عملية التمويل" وأثار الاتّهام موجة من السخرية.

ولأن المشهد بات أشبه بانتقام وإطفاء غضب، خرج الملك بنفسه مصرّحا في ختام المطاف ليعلن نهاية هذه الحملة "ما حدث في عاشوراء انتهى مع انتهاء الإجراءات التي حددت المسببين" محذّرا من تكرار إهانة اسمه على الشارع مجددا، وخصوصا خلال عاشوراء، ومكرّرا مزاعم الداخلية بأن هذه لم تكن سوى دعوات شر وفتنة "يتم إملاؤها من الخارج".

يعكس تدخّل الملك المباشر، مدى تغلغل ومتابعة السلطات لحدث عاشوراء كل سنة، وكيف صار لدى النظام موقف ثقافي وربما عقائدي من عاشوراء. تدخّل الملك بحد ذاته يجعل الإجراءات الأمنية الأخرى التي تتخذها السلطات سنويا ضد الخطباء ورجال الدين والمنشدين وحتى المشاركين في المراسم، لا تبدو أمرا غريبا بتاتا.

وبدت كل كلمة ينطق بها خطباء المنابر تحت مقص الرقيب العتيد، وعاجلا، منذ بداية الموسم، بدأ استدعاؤهم لمراكز الشرطة من أجل التحقيق في محتوى محاضراتهم وخطبهم، ولم تجد الداخلية إلا أن تقول للخطباء بشكل صريح إن حديثهم عن استشهاد الإمام الحسين من الأساس ذو غرض إرهابي، حتى لو كان خاليا جدا من أي إشارات سياسية.

وهكذا اعتقلت السلطات خطباء بارزين منهم الشيخ هاني البناء والشيخ ياسين الجمري والشيخ محمد الريّاش والشيخ مجيد السهلاوي، والمنشد مهدي سهوان، وكما هو معتاد، قضى بعض الخطباء ورجال الدين أيام عاشوراء وشهر محرّم بالكامل في السجن، بدلا من المأتم، وفي حين أفرج عن غالبهم نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، فإنه لا يزال بعضهم يحاكم باحتواء خطبه على محتوى يحرّض على كراهية النظام.

واعتقُل رئيس مأتم رأس رمان شاكر الماجد، والرادود (المنشد) في المأتم سيد محمود الوداعي، كما اعتقل المنشد السيد حسين الموسوي. وجاء اعتقال رجل الدين المعروف السيد كامل الهاشمي، بعد أن نشر تعليقا هاجم فيه الحكومة بسبب اعتقال الخطباء، ثم نقل إلى سجن جو لتنفيذ حكم سابق بالسجن 3 سنوات.

واستمرت اعتقالات رجال الدين والمنشدين حتى أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول، إذ اعتقل إمام جامع الخيف بمنطقة الدير الشيخ عيسى المؤمن بسبب خطبة ألقاها في عاشوراء استخدم فيها آيات قرآنية لم يفهم المحقق مغزاها، وتم الإفراج عنه بعد يوم واحد.

من جهة أخرى، اعتقلت السلطات حوالي 27 مواطنا لمشاركتهم في الصلاة المركزية السنوية بشوارع العاصمة المنامة ليلة العاشر، واعتبرت ذلك تجمهرا غير مرخّص، رغم أنّه كان يقام سنويا وبشكل كبير منذ العام 2001.  

وبسبب المشاركة في مراسم عاشورائية «غير مرخّصة» أيضا، اعتقلت السلطات الحاج مجيد «صمود» ونقلته للسجن لقضاء حكم سابق.

 

من جهة أخرى اشتبك محتجون مع قوات الأمن، خلال محاولتهم منعها من نزع رايات دينية تخص المناسبة، قاموا بتعليقها في شوارع مناطقهم، واستخدمت القوّات الرصاص الانشطاري ضد المحتجين.

وتعرض سجناء سياسيون في سجن جو للضرب والإيقاف تحت حرارة الشمس، كما أجبروا على سب وشتم قيادات المذهب الشيعي في البحرين، وكل ذلك بسبب إحيائهم للذكرى الدينية.

مركز البحرين لحقوق الإنسان قال في بيان إن السلطات البحرينية تحارب شعائر الشيعة في عاشوراء وتستهدف حرية الدين والمعتقد بالتضييق، ثم أصدر تقريرا مفّصلا بشأن الانتهاكات التي شهدها موسم عاشوراء البحرين لعام 2018.

في ختام هذه الحرب، استقبل الملك رئيس الأوقاف الجعفرية (المعيّن) وبعض رؤساء المآتم المحسوبة على جناح الموالاة، ليستمع إلى كلمات الإشادة والخضوع. تذكّر الجميع حدث المالكية، ووصفه رئيس الأوقاف أمام الملك بأنه «تجاوز أثيم من فئة شاذة»، في حين قال الملك، بعد كل هذه الحرب إنه «خلل بسيط على رؤساء المآتم أن يعملوا على تفاديه»!

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus