يعقوب آل ناصر: التغيير الحكومي يُظهر استسلام العائلة المالكة لإفلاس الخزينة

يعقوب آل ناصر - 2018-12-05 - 1:36 م

على الرغم من أن التغيير الجوهري الوحيد الذي طرأ على التشكيل الحكومي الجديد كان فقط في استبدال وزير المالية، إلا أن ذلك لا يظهر طموحا لدى العائلة المالكة في التغلّب على الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد.

خلافا لذلك، فإن استبدال وزير المالية أحمد بن محمد آل خليفة بالوزير سلمان بن خليفة آل خليفة يؤكد أن العائلة المالكة استسلمت لإفلاس خزينة الدولة، وأن عملها يقتصر على إدارة الدين العام، الذي قارب 12 مليار دينار، استنادا لبرنامج المنح الخليجي فقط.

وقبل تعيينه وزيرا للمالية كان سلمان بن خليفة مديرا لمكتب ولي العهد، وأحد أبرز أعضاء ما سمّاه «فريق البحرين». ولا يحتاج الأمر لمزيد من التحليل، حيث يظهر أن الوزير الجديد جاء لضمان تنفيذ مقررات المانحين الخليجيين في برنامج التوازن المالي.

ويقوم البرنامج على خفض الإنفاق الحكومي في 3 جوانب رئيسية «المصروفات المتكررة، الإعانات النقدية ودعم الكهرباء»، ما يعني أنه تم تصميمه ليدفع فيه المواطن الحصة الأكبر في سبيل إنقاذ الخزينة الخالية.

وجاءت محافظة الحكومة على الكبينة المتخمة بـ 24 عضوا لتؤكد أن ترشيد الإنفاق لا يبدأ من أعلى الهرم بل من أسفله. وأن وزير المالية سيعمل جابيا جديدا للضرائب، وسيكون عرّابا للمشروعات الجديدة التي صمّمتها العائلة المالكة.

وليس على سبيل التكهنات القول بأن الوزير سيبدأ في تنفيذ ما تم التوافق عليه من خفض الإعانات النقدية المباشرة المدفوعة للمواطنين، ومن بينها علاوة السكن، الغلاء وعلاوة المتقاعدين، وهو ما يفوق قدرة البحرينيين، الذين يعيش أغلبهم على حافة الفقر، على التحمّل.

إن رمي العائلة المالكة بيضها في سلة الإعانات الخليجية أمر يهدد، إلى جانب متغيرات سياسية واجتماعية، مستقبل البلاد. كان الأمل في أن تدرك العائلة ذلك وأن تقوم بتشكيل حكومة واسعة التمثيل يمكن لها أن تتحرك نحو تسوية أزمات البلاد وأن تضع حدا للاعتماد على الجوار.

ويمكن لمفارقة واحدة أن تؤكد الحاجة الملحة للبحرين لتطوير قدراتها بشكل مستقل عن الآخرين، ففي الوقت الذي تقدم فيه السعودية، مثلا، إعانات مالية للبحرين، وجهّت في الجانب الآخر صفعة قاسية لأسعار النفط بعد أن وصلت لمستوى يمكن أن يساعد البلاد على التعافي من أزمتها.

لقد أذنبت السعودية بحق المنتجين وبينهم البحرين عندما قامت بزيادة الإنتاج في ظل صفقاتها للتخارج من قضية مقتل جمال خاشقجي، الأمر الذي أدى لانهيار أسعار النفط مجددا. لقد خسرت البحرين في وقت لا تحتمل فيه الخسارة أكثر من 20 دولارا في كل برميل كانت ستساعدها في مواجهة العجز المتكرر في الموازنة.

إن كل ذلك يظهر، أن العائلة المالكة فقدت، تحت الديون المتراكمة، الأمل في قدرتها على إدارة شؤون البلاد بشكل مستقل، الأمر الذي جعل من تشكيل الحكومة أمرا إجرائيا فقط، حتى بلغ الأمر أن يكون تعيينها منفصلا عن الوقائع تماما:  بلد يعاني أزمة مالية تضرب في العصب، انقسام سياسي وطائفي حاد وتورط في صراعات إقليمية خطيرة أكثرها برودة حصار قطر.

إنه أمر في غاية الخطورة أن تنفرد العائلة، وبهذا المستوى من اليأس، في إدارة شؤون البلاد. إن الوقت قد حان لأن تدرك حاجتها بشكل أكبر من غيرها إلى الشراكة الحقيقية في صناعة القرار، وإلا فإن المراقبين البعيدين يرون أن العربة تسير بشكل أسرع مما يتوقع مَنْ على متنها نحو الهاوية.

*بحريني مقيم في فنلندا