لماذا لا ترد قطر على اتهامات البحرين للشيخ علي سلمان بالتجسس لصالحها؟
2018-11-05 - 5:02 ص
مرآة البحرين (خاص): في سبتمبر/أيلول 2013، وبعد استقالة أمير قطر السابق الشيخ حمد آل ثاني طواعية، وتسليمه زمام الحكم إلى نجله تميم، كشفتقرير كتبته «مرآة البحرين» بأن زعيم المعارضة البحرينية الراحل الشيخ عبد الأمير الجمري استقبل في ديسمبر/كانون الأول 1995 مبعوثا من أمير دولة قطر المستقيل، ليتلقى عرضا مباشرا بتقديم كافة سبل الدعم للمعارضة البحرينية.
عرض المبعوث استعداد الأمير القطري شخصيا لتقديم أي خدمات أو مساعدات للشيخ الجمري، بدءا من الدعم المالي وليس انتهاء بالدعم السياسي والإعلامي. لكن الجمري، وبحسب مصادر مطّلعة جدا، رفض ذلك العرض رفضا قاطعا، وأوصل رسالة للأمير القطري مفادها أن "قضيتنا محلية ولا تستحمل أي تدخل خارجي حتى وإن كان قطريا"، كما لفت إلى أن العلاقات بين البلدين تمر بظروف سيئة، وهو ما لا يخدم مصالح المعارضة وأهداف تحركها.
بعد 22 عاما من ذلك التاريخ، جُرجر زعيم المعارضة البحرينية الحالي الشيخ علي سلمان من سجنه، ليواجه قضيّة جديدة، اتّهم فيها بالتخابر لصالح قطر.
مدار كل تلك القضية، اتّصالات مباشرة ومسجّلة أجريت في مارس/آذار 2011 بين وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وبين الشيخ سلمان، أحدها كان بحضور الملك البحريني نفسه، ووُثّقت في تقرير بسيوني، تحت عنوان المبادرة القطرية لحل الأزمة السياسية.
بعد 7 سنوات، وإثر قطع العلاقات بين البحرين وقطر، جاء الوقت لاستخدام هذه التسجيلات، ضد زعيم المعارضة. بكل بساطة، قالت البحرين إنّه كان على اتّصال مباشر مع قطر حول الشأن الداخلي، بل وسلّمها معلومات حسّاسة.
في المكالمة، الدليل، كان وزير الخارجية القطري السابق يبلغ سلمان بنتائج اجتماعاته مع قادة الحكم في البحرين، لمحاولة إيقاف تدخل قوات درع الجزيرة ضد الاحتجاجات الشعبية، والوصول إلى حل سياسي سلمي بين الحكومة والمعارضة.
بعد أكثر شهرين من الاتّهامات الرسمية لقطر، والتي خرجت في البداية على تلفزيون البحرين مع بث تسجيل مجتزأ للمكالمة، ثم تطوّرت إلى محاكمة، جاء أول رد قطري "غير رسمي"، على لسان وزير الخارجية القطري السابق نفسه.
قال الوزير في مقابلة تلفزيونية، إن الوساطة التي قامت بها قطر لحل النزاع في البحرين كانت بالتنسيق مع أمريكا والبحرين "طلبت منا أمريكا المساعدة للوساطة بالأزمة البحرينية واتفقنا مع ملك البحرين (حمد بن عيسى آل خليفة) لحل سلمي مع المتظاهرين وانسحابهم من الدوار".
وتساءل "كيف نتفق مع المعارضة لتغيير العائلة الحاكمة بالبحرين، فما حل بجارك سيحل بك، فكيف نفكر بذلك؟".
الوزير، الذي كان يشغل أيضا منصب رئيس الوزراء القطري، قال إنه تلقى اتصالا من وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل "قال لي، الليلة سأذهب للبحرين، وأنا أريدك أن تكون معي، وبعد أخذي الموافقة من أمير قطر، ذهبت للبحرين، حيث وصلت للقاعدة العسكرية وكان سعود الفيصل وصل قبلي بفترة وجيزة (...)، قابلنا ملك البحرين وتكلمنا عن الموضوع وقلت له إني توصلت إلى اتفاق مع علي سلمان يقضي بسحب المحتجين من دوار اللؤلؤة لإيجاد حل سلمي".
وأضاف "لم أكن قد التقيت علي سلمان سابقاً، تحدثنا بالهاتف فقط، وفي تلك المكالمة أثناء حديثي معه، قال لي إن جيفري فيلتمان معه، وتحدث حينها فيلتمان معي هاتفياً، وقال لي إنه سيكون بانتظاري عند علي سلمان في اليوم المقبل لحل الموضوع".
لكنه قال "عندما كنا في الاجتماع مع ملك البحرين، كانت سيارتي جاهزة لأنطلق للقاء علي سلمان، لكن إشارة أتت لملك البحرين، لا أريد ذكرها، منعتني من الذهاب".
أكثر من 15 شهرا مضت على الاتهامات البحرينية الملفّقة لقطر، وللشيخ علي سلمان، لم يصدر فيها سوى هذا التصريح، من شخص لم يعد يحمل أي صفة رسمية منذ 5 أعوام. ورغم أن حمد بن جاسم، هو المقصود في كل هذه القضية باعتبار منصبه السابق، لم يكن كلامه ردا سياسيا رسميا يمثّل دولة قطر، التي تقبع تحت حصار خليجي منذ أكثر من عام ونصف. لقد كان مجرّد شهادة للتاريخ.
لم يرفع الحصار عن قطر، ولم يتغيّر واقعها السياسي المأزوم إقليميا، حتى اليوم، لكن الشيخ علي سلمان تلقّى، وهو في السجن، حكما آخر بالسجن المؤبّد، بسبب "نواياها الحسنة" و"دبلوماسيتها الغامضة والمتناقضة".
ربّما يحق للشعب الذي يزيد عليه الخناق في البحرين، أن يتساءل اليوم: أين الرد القطري؟ لماذا لا يكون هناك ثمّة موقف أخلاقي لقطر من هذه القضية إذا ما كانت كل نواياها حسنة؟! وماذا يمكن أن تخسر أكثر؟.